إلى أي درجة بنغازي مثيرة ؟
الجمل- بيبي إسكوبار- ترجمة: مالك سلمان: "بنتاغون الحب" – كما في حالة الرجل عاري الصدر بترايوس-برودويل-كيللي-آلن-"إف بي آي" – هو المهزلة التي تستمر في العطاء. ولكن يجب ألا يكون ذلك عن الجنس والأكاذيب والرسائل الإلكترونية.
سواء كانت فضيحة أم لا, فقد قبلَ الجنرال ديفيد بترايوس أخيراً أن يشهدَ, في موعد لم يُحدَد بعد, أمام "لجنة استخبارات الكونغرس" حول هجوم 9/11, 2012 على القنصلية الأمريكية في ليبيا الذي قتل فيه السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين؛ ويُمكن أن يُسألَ في نهاية المطاف عما كانت تفعله "سي آي إي" قبل وأثناء وبعد الهجوم.
أما بالنسبة إلى الرئيس أوباما, ففي مؤتمره الصحفي الأول بعد إعادة انتخابه حذرَ الجمهوريين – الذين يحاولون استغلالَ بنغازي لأغراضهم الشخصية في الأسابيع الأخيرة – من "ملاحقتي"؛ فبالنسبة إليهم إن ملاحقة السفيرة الأمريكية إلى الأمم المتحدة سوزان رايس "التي لا علاقة لها ببنغازي وكانت بكل بساطة تقدم عرضاً مبنياً على معلومات استخباراتية وصلتها", و "تشويه سمعتها", أمر "مشين".
الأمر يتعدى مسألة الجمهوريين ومشكلتهم مع الرئيس, إذ من المرجح أن لدى بترايوس مشكلة مع الأمة. من الواضح أن الجمهوريين, الذين يعيشون حالة إنكار, سوف يضطربون عندما يخبر بترايوس الكنيست بما قاله ل "البيت الأبيض" منذ شهرين. قال الجنرال – ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وسوزان رايس فيما بعد – إن اللومَ يقع في هجوم بنغازي على شريط الفيديو البائس الذي عُرض على "يوتيوب" عن النبي محمد.
في ذلك الوقت, كانت علاقة بترايوس الحارة مع بولا برودويل قد انتهت. لكنه لم يكن يعرف أنه وقع في فخ تحقيقات "إف بي آي" التي حرضت عليها الشخصية الاجتماعية البارزة في تامبا, جيل كيللي, حول رسائل بولا الإلكترونية المزعجة. وبعد ذلك, الأسبوع الماضي, طاف التحقيق بشكل إعجازي على السطح, بعد "يوم الانتخابات" مباشرة في الوقت الذي تم تحديد موعد شهادته أمام الكونغرس. يمكن أن يكون قد أخطأ في حساباته لإنقاذ منصبه. ولكن ليس هناك سبب يدعو للشك بأنه سوف يقدم عرضاً سلساً في جلسة الشهادة الخاصة ببنغازي.
آلة القتل الدنيئة الشريرة
فكرة أن الجنرال الذي لحق به العار سوف يخرج نظيفاً من آلية عمل "سي آي إي" الحالية فكرة خيالية أقرب إلى فكرة بولا برودويل في دور "بياض الثلج". فمنذ أن قام أوباما بتعيين بترايوس مديراً ل "سي آي إي", تحولت الوكالة إلى آلة قتل شبه عسكرية لا تصلح لأن تكون واحة للاستخبارات الإنسانية. صار كل شيء متعلقاً بالعمليات السرية الخفية السوداء التي لا تخضع للرقابة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية أو الإعلامية؛ أي خارج السيطرة تماماً.
هذه العَسكرَة القوية ل "سي آي إي" تعني أن الوكالة لا تعترف أبداً بحرب الطائرات بلا طيارين. عداك عن الكيفية التي يتم بها اختيار عمليات الاغتيال التي تقوم بها, من القرن الأفريقي إلى شبه الجزيرة العربية ومناطق القبائل الباكستانية, ومن يحالفه الحظ لكي يعيش (أو يموت) في اليوم التالي. ما يجعل الأمر أكثر عبثية هو أن "سي آي إي" مؤتمنة أيضاً من قبل "البيت الأبيض" لإجراء تحليل موضوعي لعملياتها الحربية الخفية.
وهذا يعود بنا حتمياً إلى بنغازي – وتقرير محطة "فوكس نيوز" المفاجىء الذي اقتبسَ مصدراً مجهولاً من واشنطن يقول إنه كان للقنصلية "ملحق ل ‘سي آي إي’" يتم فيه "احتجاز" ثلاثة مقاتلين ليبيين, على نمط الجهاديين السلفيين, يتعرضون للأنشطة المائية الترفيهية بأسلوب ديك تشيني.
أما بالنسبة إلى جلسات الاستجواب, كانت تلك مسؤولية المقاولين, وهم عبارة عن مجموعة من عملاء "العمليات الخاصة" السريين "السابقين" – كما قامت "سي آي إي" نفسها بتذكير الرأي العام بأنها لم "تتمتع بسلطات الاحتجاز منذ كانون الثاني/يناير 2009, عندما صدر ‘الأمر التنفيذي’ رقم 13491."
ومع ذلك, كان من بين "الضيوف" السابقين في بنغازي مقاتلون من أنحاء شمال أفريقيا والشرق الأوسط. باختصار شديد: كان هذا "الملحق" بمثابة الحفرة السوداء الأهم في شمال أفريقيا كلها.
إذاً لدينا هنا منزل آمن سري ل "سي آي إي" مُلحَق بقنصلية – ومن الواضح أنه لا يستجيب لوزارة الخارجية – مليء بمقاولي "القوات الخاصة" الحاليين أو "السابقين" يقبل بعمليات "الترحيل السرية" ومتورط بعمليات "الاحتجاز" والتعذيب غير الشرعية في ظل القانون الأمريكي. كانوا كلهم هناك يعملون لصالح بترايوس – وليس لصالح هيلاري كلينتون.
ويمكن ألا يكون هذا الوحيد من منتجعات الاستجمام هذه – حيث أن "القوات الخاصة" تجول في أنحاء شمال أفريقيا باستمرار كما أن ل "سي آي إي" منزل آمن في الصومال أيضاً.
دعونا نراهن على أن الجنرال سوف يتستر على ذلك كله في شهادته القادمة أمام الكونغرس. سوف يُعيد الجنرال القول أن المسؤول عما حصل في بنغازي كان شريط الفيديو عن النبي محمد.
وهناك أيضاً "صَدرغازي"
لا يزال "صدرغازي" يهزم بنغازي في كافة التصنيفات. لا عجب في ذلك؛ ماذا عن بولا وعراكها الافتراضي مع الأمريكية-اللبنانية المثيرة جيل كيللي, المعروفة أيضاً ب جيل خوام, وجيلبيرت جي كيللي, و جيجي خوام, وجيجي كيللي, ونفقات "مخططات الحدث الاجتماعي" غير المدفوعة في قاعدة "سنتكوم" في تامبا, فلوريدا, بالإضافة إلى تبادل حوالي 30 رسالة إلكترونية يومياً مع الجنرال جون آلن طيلة ثلاث أعوام. لا عجب أن آلن لم يتمكن من الإمساك بثبات بمشكلة "طالبان" المزعجة تلك.
تقوم "تامبا بي تايمز" بإجراء تحقيقات ميدانية, يوماً بعد يوم, تصف "السمعة التي تشتهر بها منطقة جنوب تامبا, منذ عدة قرون, من حيث استضافة العسكر"؛ وتقول الصحيفة إن "الطابق صفر" للخدع المثيرة الجديدة "ليس البنتاغون بل قصر على بيشور بوليفارد تسكنه عائلة تتمتع بشهوات كبيرة وديون ضخمة"؛ أي عائلة كيللي.
مع كل هذا الفساد الشهواني, من الصعب التركيز على السياسة الخارجية. ومع ذلك, يمكن أن تكون بنغازي بمثابة المُقبلات لما يتم طبخه في سورية.
قامت بنغازي – وكذلك درنة الصحراوية – بإشعال حرب الناتو والمتمردين في ليبيا بمشاركة العديد من الجهاديين السلفيين, بما في ذلك أولئك المرتبطين بشكل مباشر بالقاعدة عن طريق "المجموعة المقاتلة الإسلامية الليبية" "السابقة".
ليس هناك شك أن السفير كريس ستيفنز كان على اتصال وثيق مع هذه الزمرة ‘الثورية’ القوية – بما في ذلك "السوبرستار" الإسلاموي عبد الحكيم بلحاج. فبعد إلقاء القبض على القذافي واغتصابه وقتله على يد ‘الثوار’ – مع دعم مسبق واضح من الصواريخ الأمريكية و "القوات الخاصة" القطرية على الأرض – بدأ الإسلاميون الليبيون, وفي مقدمتهم بلحاج, بتهريب الجهاديين السلفيين المسلحين بشكل كامل إلى المتمردين السوريين الذين يقاتلون حكومة الأسد.
استغرق الأمر بعض الوقت, ولكن في النهاية استفاقت هيلاري كلينتون ووزارة الخارجية على مشكلة "المَص العكسي" الكامنة. كان هذا أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت هيلاري للضغط من أجل إعادة تركيب قيادة المعارضة, والذي تم تتويجه الأسبوع الماضي في الدوحة.
في مؤتمره الصحفي, تمسك أوباما بمواقفه حول سورية, كما في "نتعاون بقوة مع المجتمع الدولي" و "نتشاور بشكل دائم مع المعارضة" وتركيا والأردن وإسرائيل (من الأهمية بمكان أن أوباما لم يأت على ذكر لاعبي "مجلس التعاون الخليجي", السعودية وقطر, المناوئين للأسد). كما حذرَ من "العناصر المتطرفة" داخل المعارضة السورية, ولم يلتزم بتسليحها, في العَلن على الأقل.
في يوم الجمعة سيبدأ في لندن مؤتمر مانحي سورية – الذي يمثل استمراراً لمؤتمر "أصدقاء سورية" الذي شكل صفعة لكلينتون. وعندها سيتم تعريف الغرب بقائد المعارضة الجديد, معاذ الخطيب, الذي يعمل الإعلام الرسمي الغربي, بشكل منسَق, على الترويج له بصفته "معتدلاً" يتمتع ب "مزايا ثورية كبيرة", والذي – بكلماته هو – سيقود سورية إلى "دولة مدنية".
هذا مثير للسخرية مثل مهزلة "صدرغازي". فقد قال الخطيب إن مشاكل سورية سوف تُحَل ب "الأسلحة". وقد اعترفت به فرنسا – التي لا تزال بقيادة أولاند ذات توجه كولونيالي جديد كما كانت تحت قيادة الملك ساركو [ساركوزي] – وبتركيبة المعارضة الجديدة التي تم تشكيلها تحت الضغط من قبَل الولايات المتحدة وقطر مع وعود غامضة بتقديم الأموال.
من المعروف أن الخطيب – الإمام السابق للمسجد الأموي في دمشق, وهو موقع لما كان قد حصل عليه أبداً دون دعم الاستخبارات السورية – قد دعا إلى الجهاد لإنقاذ العالم الإسلامي. ومن ثم تأتي العبارة الحاسمة: إنه على يقين أن "فيسبوك" مؤامرة أمريكية-إسرائيلية.
مع "أعدقاء" مثل الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر وتركيا, فإن سورية بالتأكيد ليست بحاجة إلى أعداء. أما بالنسبة ل "المَص العكسي", تشبثوا: ما حدث في بنغازي ليس سوى مقبلات يتم تقديمها من قبَل "أعدقاء" الولايات المتحدة الذين يعيثون الدمار بشكل متزايد. لا يمكنكم الاعتماد على بترايوس وآلن في الدفاع عن بلدكم؟ هناك دائماً المضيفة اللامعة جيل كيللي.
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد