اقتحامات الأقصى: تقسيم زماني ومكاني
تتوالى الاقتحامات الاسرائيلية للمسجد الأقصى، تارة من المستوطنين، وتارة من جيش الاحتلال، أو من الاثنين معاَ، وحتى من السياح اليهود والأجانب. وفي مقابل ذلك، تزداد القيود على الفلسطينيين والعرب، التي تحول دون وصولهم إليه. لكن ما الهدف؟ ولماذا تكرر اسرائيل اقتحام الأقصى. التقديرات الفلسطينية تؤكد أن الهدف هو لتقسيمه زمنيا ومكانيا ضمن استراتيجية لتكريس القدس «عاصمة للشعب اليهودي».
وحصلت يوم أمس مواجهات بين مصلين فلسطينيين ومستوطنين اقتحموا المسجد على دفعات لإحياء «طقوس دينية» بحماية من جيش الاحتلال. وأفادت مصادر من داخل القدس بأن عدداً من الفلسطينيين أصيبوا بجروح وكدمات جراء عراك بالأيدي وإطلاق نار وقنابل الغاز من قبل قوات الاحتلال، وقد أصيب طفل برصاصة في كتفه.
كذلك، شهد أمس الأول اقتحامات للأقصى واليوم الذي سبقه أيضاً. وقد تعدى عدد من اقتحموا المسجد في العام 2012 الاثني عشر ألفاً على مئات المرات المتتالية، وفقاً لإحصائية صادرة عن «مؤسسة الاقصى للوقف والتراث»، وهو رقم مرشح للزيادة خلال العام الحالي.
ويبقى السؤال: لماذا هذه الاقتحامات؟ ويجيب عن ذلك الأمين العام لـ«الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات» حنا عيسى بالإشارة إلى أن «إسرائيل تريد أن تقول للفلسطينيين والعالم أجمع ان القدس جزء لا يتجزأ من سيادتها، وانها عاصمة داود وسليمان وعاصمة الشعب اليهودي، وهي تريد عبر الاقتحامات المتوالية أن تثبت الدعاية اليهودية التاريخية، التي تزعم أن الهيكل موجود أسفل المسجد الأقصى».
ولكن الاخطر في هذه المرحلة، وفقاً لعيسى، هو تكريس مبدأ تقسيم المسجد «زمانياً ومكانياً». وبالنسبة للموضوع الزمني، فإن الهدف هو خلق نموذج الحرم الإبراهيمي في الخليل أي إيجاد «مواعيد لدخول اليهود إلى المسجد ومواعيد لدخول المسلمين إليه، وهو ما حصل أمس حين منع الفلسطينيون من الدخول وسمح لليهود باقتحامه».
ويضيف عيسى أنه «بالتوازي مع ذلك يتم العمل على التقسيم المكاني، الذي بدأ منذ زمن، وهو يهدف إلى توسيع مساحة حائط البراق عبر سرقة مساحات من باحات الحرم القدسي».
وأقرت إسرائيل مؤخراً بناء مجسم ضخم للهيكل سيبنى أمام المصلى المرواني داخل باحات الحرم، وجاء ذلك بعد قيامها بهدم جسر المغاربة. ووفقاً لعيسى فإن «كل هذا يأتي في إطار التقسيم المكاني لجعل الحرم مقسماً بين اليهود والديانات الاخرى».
ويرى عيسى، وهو وكيل سابق لوزارة الاوقاف الفلسطينية وخبير في شؤون ملف القدس، أن خطة اسرائيل بعيدة المدى، وهي ببساطة «تهويد الحرم وتقسيمه»، أي الوصول في النهاية إلى تغيير الطابع العربي والإسلامي والمسيحي للقدس وتحويله إلى طابع يهودي.
ويتابع عيسى أنه «بالإضافة إلى الحفريات أسفل المقدسات الاسلامية، والتي تهدف إلى إثبات حقيقة زائفة بوجود الهيكل، تم حتى الآن بناء مئة كنيس يهودي في محيط المسجد الاقصى المبارك. كما أن اسرائيل تبني أبنية عالية في محيط الحرم لتغطي على قبة الصخرة والمسجد الأقصى. كما تقوم بترميم القدس القديمة بأسلوب يهودي جديد لإضفاء الصفة اليهودية على الحارات الفلسطينية والعربية مثل باب العمود، وسوق العطارين والنحاسين».
ويختم عيسى حديثه بالقول «إذا لم نتدخل كمجتمع عربي وإسلامي ومسيحي، فإن القدس على أبعد تقدير خلال زمن قليل لن تعود بذات الشكل الذي تعودنا عليه».
أمجد سمحان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد