اقتصاد الظل يكلف سوريا المليارات سنويا

15-03-2010

اقتصاد الظل يكلف سوريا المليارات سنويا

بدأ حجم اقتصاد الظل في سورية يتنامى بشكل كبير في السنوات الماضية، الأمر الذي يرى فيه البعض خطرا على المناخ والبنية الاقتصادية للبلاد.
في حين يبدو دخول هذا الاقتصاد في الإحصاءات الاقتصادية السورية بعيدا، في ظل ما يسميه بعض القائمين على هذا الاقتصاد "النظرة الدونية" لأعمالهم إضافة لمعوقات أخرى.
ويعني اقتصاد الظل مجموع الأنشطة الاقتصادية التي تتم خارج دائرة التشريعات التي تضعها الدولة.
ويتهرّب هذا الاقتصاد من جميع الاستحقاقات المترتبة عليه تجاه الدولة سواء كانت رسوما أو ضرائب أو تقديم خطط وبيانات محددة, ويستفيد من أغلب الخدمات المقدمة لغيره من القطاعات.
ويقول زياد وهو صاحب معمل في منطقة مخالفات لوكالة "سانا": "لا أملك أدنى فكرة عن اقتصاد الظل، لكن إذا كان المقصود ترخيص المشغل فهذا مستحيل لأني أعمل أساسا في مناطق سكنية وسيوقفونني عن العمل بسبب ضجيج البرادات".
فيما يقول منذر (صاحب مشغل خياطة) "المشغل الذي أمتلكه يقوم على 9 عمال وعند التنظيم سيصبح لزاما علي دفع تأمينات لهؤلاء العمال، ناهيك عن الضرائب وفواتير الكهرباء والماء".
وتنعت تقارير رسمية اقتصاد الظل في سورية بـ"القطاع الشريف خارج عن القانون", وهي صفة تميزه عن الاقتصاد الأسود الذي تعاني منه عدد من الدول ويتعلق بالاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال.
وكان نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري قال في وقت سابق إن "على الحكومة النظر للقطاع غير المنظم نظرة احترام للعاملين فيه وليس معاقبتهم، (.....) عندها سنكتشف ثروة مهمة بين أيدينا".
وتنقل "سانا" عن مديرة التخطيط في وزارة الاقتصاد سمر قصيباتي قولها "ليس هناك إحصاءات دقيقة لحجم مشاركة اقتصاد الظل في الاقتصاد الحقيقي، فهناك تقارير تقول إن هذا الاقتصاد يشكل أكثر من 30 بالمئة من الاقتصاد السوري، في حين تذهب تقارير أخرى إلى أن حجمه يصل إلى 60 بالمئة".
فيما تشير تقارير رسمية إلى أن القطاع غير المنظم يشكل 40 بالمئة من حجم الاقتصاد السوري، ما يعني أن هذا الاقتصاد سيضيف النسبة ذاتها إلى الدخل المحلي في حال تنظيمه.
وتضيف قصيباتي "هناك مشاريع لإحصاء حجم هذا الاقتصاد بشكل دقيق، إلا أن عددا من العقبات تقف في وجه مثل هذه الإحصاءات، مثل شمول هذا الاقتصاد لمجمل أوجه النشاط غير المسجلة لدى الدولة، انطلاقا من البسطات في الشوارع وصولا إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية، إضافة إلى تهّرب أصحاب هذه الأعمال من الإجابة على أسئلة الإحصاءات".
ويحمل اقتصاد الظل جميع أشكال العلاقات الاقتصادية (بيع وشراء وتعاملات نقدية ومقايضة), كما يتضمن أكثر أشكال التبادل قدماً كالمقايضة وأكثرها حداثة كالتجارة الإلكترونية، ويشكل مجالا خصبا للغنى الفاحش أو الفقر المدقع.
ويضم هذا النوع من الاقتصاد شرائح متعددة سواء من حيث العمر أو الوضع الاجتماعي أو الحالة التعليمية يعملون بمبدأ "أكبر ربح ممكن أو أقل خسارة ممكنة".
وعن الخطوات الحكومية للوصول إلى إحصاءات دقيقة تقول قصيباتي "نملك حاليا مشروعا مع المكتب المركزي للإحصاء، يقوم على إجراء إحصاءات دورية تقوم على بناء الثقة مع أصحاب الأعمال المشاركين في اقتصاد الظل بما يسهل لنا إدخال هذا الاقتصاد في الاقتصاد الحقيقي".
وتشير إلى أنه "بإمكاننا إدخال عامل الثقة بين العاملين في اقتصاد الظل والقائمين على الإحصاء من خلال نشر ثقافة اقتصادية صحيحة لدى العاملين في هذا الاقتصاد تقوم على توعيتهم بضرورة تنظيم أعمالهم لما فيه فائدة لهم وللدولة في آن معا، إذ يفوّت عدم تنظيم هذا الاقتصاد مبالغ كبيرة جدا على خزينة الدولة وبمجرد تنظيم أعمالهم ستتحسّن خدمات الدولة المقدمة لهم".
ويمتلك اقتصاد الظل آثارا سلبية كبيرة على الاقتصاد السوري وخاصة في ظل ازدياد الموازنات السنوية، ما يجعل زيادة الإيرادات لها وخاصة الضرائب والرسوم حاجة ملحة.
وعندما يتم تحصيل الضرائب من كل القطاعات يخف العبء الضريبي على العاملين في الدولة، لاسيما أن القطاع الخاص يشكل أكثر من 60% من الناتج الإجمالي السوري.
ويقسم البعض اقتصاد الظل في سورية إلى نوعين، الأول يرتبط بمنشآت ثابتة ومحددة جغرافياً مثل مراكز الصرافة وملاهي الليل وورش العمل وغيرها.
أما الثاني فغير مرتبط بمكان جغرافي محدد ويأتي من مهن مثل قيادة تاكسي الأجرة والبيع المتجول، والدروس الخصوصية والتعهدات التجارية والزراعية وغيرها.
ويقول مدير مؤسسة التأمينات الاجتماعية خلف العبد الله إن "بقاء هذا الاقتصاد في الظل يفوّت على خزينة الدولة الكثير، كما أنه يحرم كثيرا من العمال من حقوقهم إذ تشكل العمالة غير المنظمة بحدود 30 بالمئة.
ويضيف "على سبيل المثال نحن غير قادرين على الوصول إلى عمّال المواسم الزراعية وعمال الحصاد أو العاملين في تربية الأغنام والبسطات في الشوارع".
وتشير بعض البيانات الإحصائية إلى أن أكثر من 50 بالمئة من العاملين في القطاع غير المنظم تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عام.
وتؤكد هذه البيانات أن الأميين أو أشباه الأميين يشكلون 77 بالمئة من مجمل العاملين بهذا القطاع الذي يستقطب نسبة كبيرة من الأطفال.

حسن سلمان

المصدر: ميدل إيست أونلاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...