الأسد يؤكد انفتاح دمشق على جهود تحقيق التضامن
شدد الرئيس بشار الأسد، أمس، على أن صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة »أفشل جميع المحاولات السياسية التي رافقت العدوان والتي كانت ترمي إلى فرض الحلول الاستسلامية على العرب«، مؤكداً »انفتاح دمشق على جميع الجهود التي من شأنها أن تحقق التضامن العربي بما يعزز عوامل القوة لدى أمتنا العربية ويسهم في التصدي للمشروع الصهيوني الاستيطاني«.
وأعلن وزير الخارجية وليد المعلم، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأيرلندي مايكل مارتن في دمشق، أن سوريا ستنتظر الحكومة الإسرائيلية المقبلة، التي ستنبثق عن انتخابات في ١٠ شباط الحالي، لترى مدى استعدادها للسلام قبل الحديث عن استئناف المحادثات غير المباشرة معها، معتبراً أنه في هذه الظروف فإن عملية السلام غير موجودة ويجب أن يسبقها العمل على المصالحة الوطنية الفلسطينية. وأشار إلى أن المبادرة السعودية للمصالحة العربية »بروحيتها الطيبة تحتاج لتعميق وتفعيل وحوار يقرب المسافة القائمة بين المواقف«.
وذكرت وكالة (سانا) إن الأسد ترأس اجتماعاً للقيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية »استعرض خلاله أبرز التطورات السياسية التي شهدتها منطقتنا العربية في الفترة الماضية، والتي اتسمت بتحديات خطيرة على الأمة العربية وقضاياها القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية«.
وأكد الأسد أن »العدوان الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، على الرغم من فظاعته وهمجيته وما استخدمته قوات الاحتلال الإسرائيلي من وسائل قتل وتدمير، فشل في تحقيق أهدافه في ضرب المقاومة وفي فرض إرادته على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي استطاع عبر صموده ومقاومته الباسلة إفشال جميع المحاولات السياسية التي رافقت هذا العدوان، والتي كانت ترمي إلى فرض الحلول الاستسلامية على العرب«.
وحول التطورات الأخيرة والأحداث التي شهدتها الساحة العربية، أكد الأسد »انفتاح سوريا على جميع الجهود التي من شأنها أن تحقق التضامن العربي وتدعيم العمل العربي المشترك بما يصون المصالح العربية ويعزز عوامل القوة لدى أمتنا العربية ويسهم في التصدي للمشروع الصهيوني الاستيطاني«.
واستعرض الأسد، أمام قيادة الجبهة، »ملامح الوضع الداخلي والخطوات التنموية التي تجري في القطر لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي حلت في العالم«.
وكان الأسد أكد، خلال لقائه الوزير الايرلندي الذي انتقل إلى لبنان، مساء امس، على »أهمية تفعيل الدور الأوروبي في المنطقة بما يساعد في إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجهها وينعكس إيجاباً على الاستقرار في المنطقة والعالم«.
وذكر بيان إن الجانبين »بحثا شؤون المنطقة وآخر التطورات فيها خاصة الأوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث كان هناك اتفاق على ضرورة رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وفتح جميع المعابر بما يتيح تقديم المساعدات بكل أشكالها وإعادة إعمار ما هدمته قوات الاحتلال الإسرائيلي«، كما »تم بحث العلاقات الثنائية بين سوريا وايرلندا وأهمية تعزيزها في المجالات كافة«.
وأكد مارتن »حرص بلاده على المساهمة في دعم التطور الحاصل في العلاقات السورية الأوروبية وتأييدها للتوقيع على اتفاق الشراكة بين سوريا والاتحاد الأوروبي«. وشدّد على »أهمية سورية الاستراتيجية والدور الاستراتيجي الذي يمكن أن تؤديه من اجل تحقيق تسوية في المنطقة«. ووصف محادثاته بالمثمرة، مشيرا إلى انه التقى مفتي الجمهورية الشيخ أحمد حسون ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري الذي تلقى دعوة لزيارة ايرلندا ومناقشة أوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين.
- ورفض المعلم، في المؤتمر الصحافي المشترك مع مارتن، التعليق مباشرة على موقف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، في منتدى دافوس، بعد خروج رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان من جلسة مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، مشيراً إلى انه بعث إلى موسى برسالة يشرح فيها وجهة نظره في ذلك.
وحول جولة ميتشل في المنطقة واستثناء دمشق منها في الوقت الذي تزداد فيه زيارات أعضاء الكونغرس الأميركي إلى دمشق، أعرب المعلم عن ثقته بأن »ميتشل سيكتشف بعد عودته إلى واشنطن أن هناك نقصاً في معلوماته سيعوّضه في المستقبل. أما زيارات وفود الكونغرس الأميركي فنحن نرحب بكل هذه الوفود لكي يعرفوا حقيقة الوضع في المنطقة، لأننا نعلم أن لهذا الكونغرس تاريخاً عريقاً في الانحياز لإسرائيل«.
ورداً على سؤال عن مبادرة الملك السعودي عبد الله للمصالحة العربية في القمة العربية الاقتصادية في الكويت، قال المعلم إن »هذه المبادرة بروحيتها الطيبة تحتاج لتعميق وتفعيل وحوار يقرب المسافة القائمة بين المواقف، والذين تابعوا قمة الكويت لاحظوا كيف استجاب الأسد لهذه المبادرة، لكن كان واضحاً أن هذه المبادرة تحتاج للوقت والجهد من أجل تفعيلها، وهذا الوقت والجهد يجب أن يعطيا من كل المهتمين بهذه المبادرة«.
وعن توقعاته من الرئيس الأميركي باراك أوباما، أوضح المعلم أن »شعوب المنطقة التي لطالما تفاءلت برؤساء أميركيين سرعان ما خاب أملها، وهذه الإدارة لن تكون على الإطلاق أسوأ من إدارة (جورج) بوش بالنسبة لمنطقتنا، أما إلى أي مدى ستكون هذه الإدارة أفضل من سابقتها، فإنني أستطيع الإجابة عن ذلك بعد عام من الآن«.
وعن توقعاته باستئناف المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة، بوساطة تركيا، رأى المعلم أن عملية السلام »غير موجودة حالياً«، موضحاً أن الرأي العام الشعبي الآن لم »يعد يعانق عملية السلام«، مشيراً إلى أن »الأولوية الآن هي لتخفيف معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية وفك الحصار وفتح المعابر وإعادة الإعمار وتثبيت وقف إطلاق النار، وبعد ذلك تحقيق المصالحة الفلسطينية«. وأضاف »إذا برهنت إسرائيل بعد انتخاباتها أن من سيأتي إلى السلطة هناك يمتلك فعلاً إرادة السلام وفقاً لقرارات مجلس الأمن فسيكون هناك تقييم آخر«.
بدوره، لم يستبعد مارتن قيام حوار بين الاتحاد الأوروبي وحركة حماس، إلا انه كرر شروط نبذها العنف والاعتراف بدولة إسرائيل.
وسألت »السفير« الوزير الايرلندي عما إذا كان يرى تشابهاً بين الصراع في أيرلندا والشرق الأوسط، فقال إن التشابه غير موجود وإن وجدت »أوجه للشبه«، مضيفاً »الضروري هو وجود الاستعداد للحوار والتحرك باتجاه التفاهمات«، معتبرا انه في هذا السياق فإن ميتشل »كان فعالاً جداً، وهو كان رجلاً صبوراً وبقي مع الصراع لفترة طويلة«.
وهنا عقب المعلم بالقول »نجحت التسوية في ايرلندا، لأن كل الأطراف كانت لديها إرادة لصنع التسوية، بينما في منطقتنا، للأسف من شاهد العدوان الإسرائيلي على غزة يدرك أن إسرائيل ليست لديها إرادة السلام، ولذا فإن صبر ميتشل في أيرلندا يجب أن يتضاعف مئات المرات، آخذين بعين الاعتبار الانحياز الأميركي لإسرائيل«.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد