الأسد ينتقل من مرحلة الدفاع إلى محطة الهجوم
استأثرت التطورات السورية المتسارعة بالاهتمامات الرسمية والاعلامية في ظل غياب الحدث المحلي البارز، بحيث تقتصر مشاهدات الساحة الداخلية على استمرار التوتر في مخيم عين الحلوة بين حركة فتح من جهة، وجند الشام من جهة ثانية.
وتوزعت الاهتمامات السورية على الشأنين الامني – الميداني حيث اجمعت وسائل الاعلام وزوار العاصمة السورية على ان الجيش السوري بدأ بتنفيذ عمليات دهم واسعة النطاق في مدينة دير الزور، وفي ريف حمص للقضاء على من يصفهم النظام بالخارجين عن القانون ومعاقبتهم، وذلك في ظل حصار شامل لهذه المدن يترافق مع حملة اعتقالات يصفها المعارضون بالعشوائية والدموية، لاسيما في الاحياء الداخلية حيث يتم نصب الحواجز وقطع الطرق، وكذلك الشأن السياسي الدبلوماسي حيث سجلت بورصة الساعات القليلة الماضية سلسلة من المواقف الصادرة عن الدول الغربية وتركيا والجامعة العربية، قابلتها ردود عنيفة رسمية من قبل الحكومة السورية.
في الشأن الامني ينقل زوار الساعات الاخيرة للعاصمة السورية مشاهد متناقضة عن مجريات الاحداث. ففي حين يتحدث بعضهم عن معالجات موضوعية لبعض الخلايا المتحركة في دير الزور وريف حمص، يؤكد الاخرون ان الجيش السوري بدأ حملة واسعة النطاق لحسم الامور عسكريا على غرار ما حصل في جسر الشغور، وحماة ودرعا وبعض المدن التي شهدت اشتباكات طائفية ومذهبية وحملات على رجال الامن السوري، وبالتالي فان النظام يكون بذلك قد حسم امره لجهة السير قدما على الرغم من الانتقادات المتصاعدة، وذلك بعد ان وصلت الامور إلى نقطة اللاعودة كما إلى حافة الهاوية السحيقة التي تهدد النظام بكل ما للكلمة من معنى.
اما في الشأن الدبلوماسي، فالواضح ان الحكومة السورية انتقلت من الدفاع إلى الهجوم بعد ان ضمنت نتائج حسمها العسكري وسرعته، بحيث ردت سوريا على بيان مجلس التعاون الخليجي ولفتته إلى ممارسات المسلحين الشاذة عبر القتل والتنكيل بالقوى الامنية، فضلا عن تعرضها للمقار الحكومية ومراكز الشرطة في المدن التي تشهد توترات امنية. كما واكبت موقف جامعة الدول العربية الداعي إلى ضبط النفس والامتناع عن استخدام العنف بالطريقة ذاتها، وهذا ما يحصل للمرة الاولى بحيث كانت الردود تأتي على لسان الاعلام الرسمي او المصادر.
غير ان الرد الاعنف جاء على الموقف التركي الرسمي الذي اطلقه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي صرح بان تركيا فقدت صبرها وهي ستحمل موقفا حازما إلى سوريا عبر وزير خارجيتها الذي سيزور دمشق غدا الثلاثاء، بحيث اشارت بثينة شعبان مستشارة الرئيس بشار الاسد إلى ان الوزير التركي سيسمع مواقف سورية اشد حزما، في اشارة إلى ان سوريا غير مكترثة للموقف التركي ولا لسواه من المواقف التي لا تأخذ بالاعتبار حزمة الاصلاحات السياسية التي رفضها المعارضون ولا الممارسات العسكرية التي يمارسها المحتجون.
وفي سياق متصل، يكشف زوار العاصمة السورية ان انقرة لم تقطع بعد اتصالاتها مع دمشق، بل على العكس تماما فان التواصل بين البلدين يشهد مزيدا من الحراك، وذلك منذ ما قبل بدء عملية جسر الشغور. غير ان الضغوط الدولية على تركيا دفعتها إلى مثل هذا الموقف المتشنج الذي يبقى في اطار تسجيل المواقف حتى اشعار آخر.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
التعليقات
التفاؤل جميل ولكن؟؟؟
إن غدا لناظره قريب
لا تأسفن على غدر الزمان
إضافة تعليق جديد