الأوروبيون يأكلون ضعفي المتوسط العالمي من اللحوم
دعا خبراء أوروبيون إلى ضرورة إعادة النظر في المنطق الكامن وراء برنامج السياسية الزراعية المشتركة، والذي يركز على إنتاج كميات ضخمة من المواد الغذائية باستخدام أساليب الزراعة الصناعية إلى حد كبير، وذلك في ضوء المجاعة المتفشية في بعض أنحاء العالم، وموجات الجفاف القاسي، والحروب التي تلوح في الأفق حول الموارد.
وهذا النوع من الزراعة الصناعية الذي روجت له الكتلة الأوروبية على مدى عقود طويلة، يأتي بتكلفة عالية على البيئة، إذ تستهلك الزراعة ربع إجمالي استخدامات المياه في أوروبا، وكل سنة يتم فقدان مئة ألف هكتار من الأراضي الزراعية بسبب تدهورها، فيما يتقلص التنوع البيولوجي بوتيرة لم يسبق لها مثيل.
ويلعب الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي للمزارعين لتصدير المنتجات بأسعار تقل كثيرا عن تكاليف الإنتاج، دوراً مهماً في مجال تدمير سبل معيشة صغار المزارعين في البلدان النامية.
وفيما تم خفض هذا الدعم كثيرا على مر السنين، أصبحت أوروبا تتصدر قائمة مستوردي ومصدري المنتجات الزراعية في العالم، حيث ترتبط وارداتها من المواد الغذائية الحيوانية بترويجها لزراعة المحصول الواحد، وتكثيفها لممارسات إزالة الغابات، والاستيلاء على الأراضي الزراعية في البلدان النامية.
وبدا واضحاً أن هذا النموذج يحتاج إلى تغيير لأسباب عدة، من بينها الحفاظ على مصالح البلدان النامية، وأزمة المناخ العالمية، وصحة ورفاه الأوروبيين أنفسهم. وتخضع السياسية الزراعية الأوروبية المشتركة حاليا لإصلاحات هيكلية، من شأنها أن تؤدي على الأرجح إلى سياسة معدلة بعد العام 2014.
وكانت المفوضية الأوروبية قد وضعت في العام الماضي اقتراحاً، يشمل اتخاذ خطوات مهمة على طريق استخدام أساليب الزراعة الخضراء في كل دول الاتحاد الأوروبي، لكنه لا يعالج بالضرورة جميع علل السياسة الزراعية المشتركة، مثل تركيزها على زيادة الإنتاجية على أساس الزراعة الصناعية أو أثرها على السيادة الغذائية في جميع أنحاء العالم.
واقترحت المفوضية الأوروبية جعل 30 في المئة من هذه الإعانات مشروطا باستخدام المزارعين المعايير البيئية في أنشطتهم، بدءا من العام 2014.
وأضافت المفوضية في اقتراحها أنه يجب وضع حد أقصى للإعانات المقدمة لكل مزرعة بمقدار 300 ألف يورو. ودعت كذلك إلى تنويع المحاصيل بحيث تزرع كل مزرعة على الأقل ثلاثة أنواع من المحاصيل الزراعية، في محاولة للابتعاد عن الزراعة الأحادية المدمرة.
هذا الاقتراح يشكل محاولة لإعادة الزراعة الأوروبية إلى المزيد من الممارسات الطبيعية. وبالنسبة إلى الكثير من مزارعي دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددهم 150 مليونا، فإن هذه التوصيات ليست صعبة التنفيذ، كما يستدل عليه من ازدهار المزارع الصغيرة في جميع أنحاء القارة، وهو ما يبرهن على أن مثل هذه التدابير ليست عملية فحسب بل مفيدة للغاية أيضا.
المصدر: («أي بي أس»)
إضافة تعليق جديد