الاتفاق النووي الأمريكي – الإماراتي: الآفاق والاحتمالات
الجمل: استخدام الطاقة النووية مسموح به دولياً للأغراض السلمية والمرئية وغير مسموح به دولياً إذا كان للأغراض العسكرية والحربية، وبرغم السياق القانوني الدولي الواضح لجهة التحديد للخط الواضح بين ما هو مسموح به وما هو غير مسموح به، فإن إدارة بوش الجمهورية استطاعت اختراق هذا الخط الفاصل بما أتاح لها تأسيس خطاب المؤامرة النووية لجهة التشكيك في النوايا واتهام الدول التي تسعى إلى استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية بأنها تسعى بشكل سري لاستخدامها للأغراض الحربية والعسكرية وسعت الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة إلى جعل نفسها بمثابة المرجعية والدولية الرئيسية الوحيدة لتحديد من يتوجب السماح له ومن يتوجب عدم السماح له.
* ماذا تقول آخر الأخبار؟
نقلت التقارير والتسريبات والمعلومات حول قيام وزيرة الخارجية الأمريكية في الأسبوع الأخير من عمر إدارة بوش بتوقيع اتفاقية تعاون نووي مع نظيرها الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.
بعد مرحلة التفاهم والاتفاق والتوقيع على الاتفاقية فقد تبقى أمام السلطات الإماراتية الدفع باتجاه الخطوة الحاسمة الأكثر أهمية لجهة تحويل الاتفاقية إلى قانون وهو أمر يستلزم عرض الاتفاقية أمام الكونغرس الأمريكي الذي إن وافق عليها فإنها ستتحول قانوناً، وتبقى بعد ذلك الخطوة الثالثة المتمثلة في رفع القانون إلى الرئيس الأمريكي الذي سيكون أمامه خيار الموافقة أو عدم الموافقة في التوقيع على الأمر التنفيذي الذي يلزم الإدارة الأمريكية بالتنفيذ، أو خيار الرفض وبالتالي استخدام الفيتو الرئاسي بما يعيد القانون إلى الكونغرس الذي سيكون أمامه خيار القبول بالفيتو الرئاسي أو التصويت على القانون من جديد بشرط أن تتم إجازته بنسبة ثلثي أعضاء الكونغرس وهو مستوى الأغلبية التصويتية المحدد للتغلب على الفيتو الرئاسي وإرغام الرئيس على القبول بالقرار أو الاستقالة إذا رفض ذلك، حيث يحق مجلس الشيوخ الأمريكي مع الرئيس ويحيل الأمر إلى الكونغرس الذي يستطيع بالتعاون مع المحكمة الدستورية العليا إقالة الرئيس.
برغم التوقيع على الاتفاقية بين أمريكا والإمارات فإن على السلطات الإماراتية السعي من أجل تذليل العقبات التي يمكن أن تعيق تنفيذ الخطوة الثانية المتمثلة في تمرير الاتفاقية بواسطة الكونغرس ولكي يحدث ذلك فإن المطلوب من الإمارات السعي لتحقيق الآتي:
• التغلب على معارضة عناصر الكونغرس الأمريكي الداعمين للوبي الإسرائيلي.
• كسب المزيد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ للتصويت لصالح الاتفاقية.
• متابعة تمرير الاتفاقية بواسطة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب والشيوخ لأن قيام هذه اللجان بتقديم التوصية الإيجابية سيلعب دوراً في حث الكونغرس على الموافقة.
ما هو هام يتمثل في أن الإدارة الأمريكية لن تقوم بالموافقة على رفع هذه الاتفاقية إلى الكونغرس إلا عند إجراء المزيد من المشاورات على خط واشنطن – تل أبيب وذلك التزاماً بالاتفاق الاستراتيجي الإسرائيلي – الأمريكي الذي يلزم واشنطن بالتفاهم مع تل أبيب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالشرق الأوسط، وإضافة لذلك فإن الكونغرس ولجانه سيناقشون بالضرورة تأثير الاتفاق النووي الإماراتي – الأمريكي على أمن إسرائيل.
* خلفيات النوايا الخليجية:
تقول التسريبات أن خلفيات التعاون النووي الأمريكي – الإماراتي ترجع إلى عشر سنوات مضت وتحديداً في العام 1999 عندما قام الشيخ عبد الله وزير الخارجية الإماراتي في حينها (الأمير الحالي) بزيارة لباكستان حيث تم استقباله كضيف شرف قام خلالها بزيارة المنشآت الاستراتيجية الحيوية الآتية:
• مفاعل كاهوتا لتخصيب اليورانيوم.
• منشأة الصواريخ البالستية الباكستانية.
وقد شاهد خلال الزيارة التركيبات مسبقة الصنع المستخدمة في بناء المنشآت النووية والصاروخية البالستية والتي كان يعلم تماماً أنه قد تم بنائها في إمارة الشارقة وبعد اكتمال عملية بنائها تم شحنها إلى باكستان حيث تم تركيبها على وجه السرعة.
تقول التسريبات والمعلومات أن العلاقات النووية الباكستانية – الخليجية ترتبط بالعديد من الأطراف والشبكات السرية التي تضم شتى أنواع المتعاملين في السوق السوداء النووية، وقد نجحت النخب الخليجية في تقديم العديد من المزايا الخاصة للبرنامج النووي الباكستاني التي منها:
• بناء القطع الرئيسية للكثير من الأجزاء مسبقة الصنع التي استخدمت في بناء البرنامج النووي الباكستاني.
• شحن هذه الأجزاء سراً إلى باكستان وذلك عن طريق توفير الغطاء التجاري البحري اللازم.
• توفير شركات الواجهة التي وفرت الغطاء اللازم لباكستان للقيام بالالتفاف على القيود الدولية المفروضة على صادرات المعدات ذات الطبيعة المواتية للاستخدام في البرنامج النووي.
• استضافة خط إنتاج كامل داخل الإمارات تمكن بموجبه الخبراء الباكستانيون من بناء العديد من الوسائط والتجهيزات المسبقة الصنع سراً وبعيداً عن مراقبة الأقمار الصناعية الأمريكية والإسرائيلية التي كانت أكثر اهتماماً بتوجيه كاميراتها لجهة الفحص التدقيق في الأراضي الباكستانية.
حتى الآن لا يبدو معروفاً الاتفاق الذي تعاونت بموجبه الإمارات العربية المتحدة مع باكستان في تسهيل إنجاز برنامجها النووي ومع ذلك فهناك بعض المعلومات القائلة أن السعودية كانت طرفاً في هذه التسهيلات والمزايا المقدمة لباكستان، وأيضاً هناك معلومات تقول أن النخب التجارية والمالية الباكستانية تربطها علاقات وثيقة مع النخب المالية والتجارية الخليجية، وهناك تعاون بين هذه النخب بما ترتب عليه قيام بعض المنشآت ودوائر الأعمال الخليجية والباكستانية بالدخول في العديد من الصفقات المحرمة دولياً، بما في ذلك استخدام العمليات المصرفية والبنكية في تبييض الأموال وبهذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن أبرز شبكات تجارة وشحن الأسلحة كانت بلدان الخليج تمثل إحدى حلقاتها الهامة، ومن المعروف أن اليهودي الطاجيطي مهرب السلاح الدولي فيكتور بوت كان يدير أعماله من إمارة الشارقة.
* هل من صفقة نووية أمريكية – خليجية؟
تقول التسريبات أن الخليجيين قد ظلوا يمارسون شتى أنواع الضغوط على الإدارة الأمريكية لكي تقبل وتقدم لهم المساعدات الكافية لإقامة المنشآت النووية وعلى هذه الخلفية تشير المعلومات إلى النقاط الآتية:
• إن انكشاف بلدان الخليج لمصادر الطاقة الرخيصة سيدفعها إلى التعاون مع إيران لجهة الحصول على احتياجاتها من الطاقة الكهربائية عن طريق مفاعل بوشهر النووي الإيراني.
• إن تعاون إيران مع دول الخليج في مجال الطاقة ستكون له تداعيات سلبية على موقف الخليج الداعم لأمريكا وذلك بما قد يؤدي إلى إضعاف قدرتهم على تطبيق برامج العقوبات الدولية الأمريكية المفروضة على إيران.
• إن التعاون النووي الروسي – الإيراني في مفاعل بوشهر سيترتب عليه نشوء تعاون نووي روسي – خليجي إذا أصبح مفاعل بوشهر مصدراً لتزويد الخليج بالطاقة، وهو أمر سيفسح لموسكو فرصة الدخول إلى منطقة الخليج ذات الحساسية الفائقة الأهمية لدى الأمريكيين.
تأسيساً على ذلك، تقول المعلومات بأن واشنطن أصبحت ترى أنه من الأفضل أن تقبل بالتعاون مع الخليجيين في المجالات النووية طالما أنم ذلك سيوفر لواشنطن الآتي:
• السيطرة الوقائية المسبقة على الأنشطة النووية الخليجية.
• تعزيز العلاقات الخليجية – الأمريكية.
• ابتزاز المزيد من الأموال الخليجية.
• تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الخليج.
• قطع الطريق مسبقاً أمام احتمالات حدوث تعاون نووي خليجي – إيراني أو خليجي – باكستاني.
إضافة لذلك، تقول المعلومات أن الاتفاق النووي الأمريكي – الإماراتي يستدعي من بين ما يستدعي بذل الجهود المشتركة من أجل تفكيك شبكة العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان التي تضم العديد من الأطراف والشخصيات الخليجية المرموقة وبعض الشخصيات البريطانية والأمريكية والآسيوية وتشير المعلومات إلى أن واشنطن اختارت الإمارات العربية المتحدة لتكون طرفاً في هذا الاتفاق وحالياً هناك الكثير من التساؤلات حول عدم توقيع الولايات المتحدة مثل هذا الاتفاق مع السعودية أو الكويت أو قطر أو عمان التي تستضيف جميعها القواعد العسكرية الأمريكية أو حتى البحرين التي تستضيف مقر قيادة الأسطول الأمريكي الخامس. وفي معرض الإجابة تقول بعض التكهنات أن واشنطن ترى أن توقيع مثل هذا الاتفاق مع السعودية سيتيح للسعوديين المزيد من القوة السياسية في المنطقة،والمطلوب هو خلق نوع من توازن القوى بين الإمارات والسعودية أما بالنسبة لقطر والبحرين والكويت وعمان فإن واشنطن تخاف من احتمالات صعود قوة سياسية شيعية بما يترتب عليه فقدان سيطرة واشنطن على الأمور.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد