الاحتجاجات السياسية الكويتية ومستقبل الأسرة الحاكمة
الجمل: تحدثت مساء الأمس وسائل الإعلام الخليجية، بشيء من عدم الشفافية، عن حادثة قيام العديد من الناشطين السياسيين الكويتيين باقتحام مبنى البرلمان الكويتي، وذلك احتجاجاً على قيام السلطات الكويتية بحماية رئيس الوزراء الكويتي من المسائلة الرسمية عن وقائع الفساد الذائعة الصّيت، فما هي حقيقة الاحتجاجات السياسية الكويتية وما مدى عمق أزمة النخبة السياسية المسيطرة على مقاليد الدولة الكويتية؟
* مسرح الاحتجاجات السياسية الكويتية: توصيف المعلومات الجارية
شهدت العاصمة الكويتية يوم أمس واحداً من أسوأ الأحداث في تاريخ الكويت السياسي المعاصر، وعلى وجه الخصوص لجهة تمادي بعض رموز العائلة المالكة في ارتكاب عمليات السرقة والاستحواذ على المال العام، وفي هذا المنحى فقد أشارت التقارير والتسريبات للنقاط الآتية:
• تزايدت المطالبات السياسية من أجل مساءلة رئيس الوزراء الكويتي ناصر محمد الأحمد الصباح حول ملفات الفساد المالي والإداري التي ظلت ترتبط بأداءه السياسي العام في المنصب.
• سعت دوائر العائلة المالكة لجهة لفلفة الأمور والحيلولة دون مساءلة رئيس الوزراء ناصر محمد الأحمد الصباح عن اتهامات الفساد.
• تزايدت الضغوط بواسطة الرأي العام الكويتي والنواب البرلمانيين المعارضين، الأمر الذي أسفر عن تقديم اقتراح داخل البرلمان الكويتي لجهة المطالبة بعقد جلسة برلمانية خاصة لمساءلة رئيس الوزراء ناصر الصباح.
• سعى أعضاء البرلمان المرتبطين بالعائلة المالكة، والمتورطين في فعاليات الفساد المالي والإداري لجهة إسقاط الاقتراح داخل البرلمان، وذلك بالاعتماد على أن كتلتهم تشكل الأغلبية البرلمانية.
• تزايد الغضب في أوساط الرأي العام، والأقلية البرلمانية المناهضة للفساد. الأمر الذي أدى إلى تسريع فعاليات الاحتجاج السياسي.
• تجمع بضعة آلاف من الكويتيين الغاضبين، وقام المئات منهم باقتحام مبنى البرلمان من أجل إحباط قيام النواب المرتبطين بالفساد، وبالعائلة المالكة بإسقاط اقتراح مسائلة رئيس الوزار ناصر الصباح.
• تدفق مئات الكويتيين الغاضبين داخل مبنى البرلمان واحتشدوا في القاعة الرئيسية وهم يرددون الهتافات والنشيد الوطني الكويتي.
• سعى مئات الكويتيين لجهة القيام بحشد جماهيري احتجاجي أمام مقر رئيس الوزراء ناصر الصباح، وفي نفس الوقت سعى مئات آخرون لجهة القيام بحشد جماهيري أمام منزله أيضاً.
تقول التقارير والمعلومات، بأن الاحتجاجات السياسية الكويتية التي اندلعت بالأمس، سوف لن تهدأ أو تتوقف إلى حين قبول البرلمان الكويتي بعقد الجلسة الخاصة المطلوبة لمساءلة رئيس الوزراء ناصر محمد الأحمد الصباح، والتي سوف يقوم خلالها نواب المعارضة بمواجهته بالحقائق والوثائق والمستندات!
* النخب الكويتية: سردية الفساد المستشري
يقول الخبراء بأنه يوجد فرق بين ظاهرة الدولة التي تسيطر على الفساد، وظاهرة الفساد الذي يسيطر على الدولة، وفي هذا الخصوص، فقد أصبحت الدولة الكويتية واقعة تحت سيطرة الفساد، وذلك بدليل الآتي:
• المتهم الرئيسي هو رئيس الوزراء الكويتي ناصر محمد الأحمد الصباح، والأكثر خطورة يتمثل في أنه من رموز العائلة المالكة.
• عدد نواب البرلمان الكويتي هو 50 نائباً، منهم 16 نائباً تلقوا رشاوى بلغت قيمتها 350 مليون دولار.
• بفضل هذا العدد الكبير من النواب المرتشين (16 نائباً + نواب آخرين لم يتم الكشف عنهم)، فقد تمكن رئيس الوزراء الكويتي ناصر محمد الأحمد الصباح من الإفلات من محاولة البرلمان حجب الثقة عنه في شهر كانون الثاني (يناير) 2011م الماضي.
هذا، وتقول المعلومات، بأن عدد النواب المناهضين للفساد داخل البرلمان هو 20 نائباً فقط، وهذا معناه أن الـ16 نائباً المتورطين في الفساد يجدون مساندة 14 نائباً آخر، ظلوا يقفون إلى جانب دعم رئيس مجلس الوزراء ناصر الصباح، وقد انكشف أمر هؤلاء النواب عندما طالبت المعارضة بضرورة مقاطعة الجلسة التي سعت قيادة البرلمان من خلالها إلى توفير الحماية لرئيس الوزراء ناصر الصباح، وتبين أن الـ14 نائباً قد بقوا إلى جانب الـ16 نائباً داخل الجلسة. وطبعاً لـ"غاية في نفس يعقوب".
وإضافة لذلك أشارت التسريبات إلى أن ثلاثة من نواب المعارضة الكويتية قد تقدموا بطلب جديد، من أجل مساءلة رئيس الوزراء ناصر محمد الأحمد الصباح، وبعض كبار النواب البرلمانيين والمسؤولين المرتبطين بالعائلة المالكة، حول عمليات الابتزاز المالي. وطبيعة التحويلات المالية التي تورطوا في ضخها إلى بعض الأطراف الخارجية. وإضافة لذلك تقول المعلومات والتسريبات بأن العديد من الناشطين الكويتيين يقومون حالياً برصد عمليات الفساد المالي التي تورط فيها رئيس الوزراء ناصر الصباح منذ لحظة تعيينه في المنصب في شباط (فبراير) 2006م وحتى الآن، وتشير التوقعات إلى أن أرقام الفساد المالي سوف تصل إلى "أرقام فلكية".
اندلعت العديد من الحركات في السعودية وبلدان الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص بواسطة الأطراف الشعبية المنخفضة الدخل، وعلى وجه الخصوص الفئات الاجتماعية غير المرتبطة بالكيانات الدينية السلفية ـ الوهابية النافذة السيطرة في السعودية ودول الخليج. ولما كانت الأغلبية العظمى من هؤلاء المحتجين تنتمي إلى الطائفة الإسلامية الشيعية، فقد سعت الأوساط السعودية والخليجية إلى استخدام خطاب سياسي دفاعي يقوم على الآتي:
• وصف المحتجين باعتبارهم أصحاب أجندة طائفية شيعية تستهدف كيان المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج السلفي الوهابي.
• وصف إيران بأنها المسؤولة عن تنظيم وإدارة هذه الاحتجاجات وتوظيفها من أجل توسيع دائرة النفوذ الإيراني.
• السعي لاتهام سوريا وحزب الله اللبناني باعتبارهما متواطئان مع هذه الاحتجاجات.
• السعي لاتهام الشيعة العراقيين بأنهم ضالعين في هذه الاحتجاجات.
اشتدت وتائر الاحتجاجات في مطلع الصيف الماضي، وهدأت بسبب الضغوط الإعلامية والسياسية والأمنية والعسكرية، ولكن النخب الحاكمة السعودية والخليجية لم تفهم الدرس، بحيث لم تقم بتجفيف منابع هذه الاحتجاجات. وعلى ما يبدو فإن عملية تجفيف المنابع من الصعب إن لم يكن من المستحيل القيام بها. لأن من يسرق ويرتشي ويقوم بالابتزاز وعمليات تبييض الأموال ويستحوذ على الأموال والممتلكات هو بالضرورة ينتمي للنخب المالكة. فهل يا ترى سوف تسعى عائلة آل الصباح المالكة الكويتية، من أجل محاسبة ابنها ناصر محمد الأحمد الصباح أم لا؟ وكما يقول المثلا الإنكليزي: دعنا ننتظر ونرى!
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد