الاحتلال يدرس نشر قوات دولية في غزة
كثّفت فصائل المقاومة الفلسطينية، أمس، عمليات إطلاق الصواريخ على المستوطنات داخل فلسطين المحتلة، الأمر الذي أدى إلى إصابة أكثر من 10 إسرائيليين، في وقت بدأت فيه سلطات الاحتلال الإعداد لدفعة جديدة من العقوبات الجماعية لسكان قطاع غزة تتضمّن خفضاً إضافياً للكهرباء، مع بناء جدار على الحدود المصرية، وسط أنباء عن اقتراح إسرائيلي بنشر قوات دولية في القطاع، وهو ما رفضته حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن أن حكومة الاحتلال تدرس نشر قوات دولية في القطاع، إلا أن هذه الفكرة، برأي المسؤولين الأمنيين الاسرائيليين، لا يمكن أن تتحقق إلا في حالتين: اجتياح قوات الاحتلال للقطاع، أو حدوث تمرد على حركة «حماس»، وهو ما يتيح للسلطة الفلسطينية العودة إلى غزة.
ونقلت «هآرتس» عن مصدر أمني قوله إن «طاقماً إسرائيلياً يضم خبراء من وزارات عديدة بدأ بدراسة الفكرة منذ أسابيع، بغية إعداد بدائل للمستوى السياسي في حالتين: شن قوات الجيش حملة برية واسعة على غزة، والمساعدة في المفاوضات مع الفلسطينيين».
غير أن المصدر نفسه عبّر عن اعتقاده بأن مصر قد لا توافق على نشر قوات دولية مع صلاحيات، غير أنه يمكنها أن تقبل بنشر مراقبين على غرار المراقبين الأوروبيين في معبر رفح الحدودي، مشيراً إلى أن الطاقم الإسرائيلي يدرس عدة وضعيات للقوات الدولية.
وشددت «حماس»، على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري، على رفضها والشعب الفلسطيني فكرة نشر قوات دولية في غزة. وقال: «سيتم التعامل مع هذه القوات في حال نشرها بوصفها قوة احتلال». ورأى أن «مطالبة الاحتلال الاسرائيلي بنشر قوات دولية دليل آخر على أنها ستكون قوة احتلال جديدة»، مشيراً إلى أن الخيار الإسرائيلي بإحداث تمرّد على سلطة «حماس» في غزة، «يؤكد أن التفجيرات الأخيرة في قطاع غزة تدلّ على ارتباط مرتكبيها ومخططيها بالاحتلال لتمكين الأخير أو الرئيس محمود عباس من العودة إلى قطاع غزة».
وتطابق موقف «حماس» مع حركة «الجهاد الإسلامي»، التي توعّد المتحدث باسمها، وليد حلس، القوات الدولية بأن «تعامل كقوات الاحتلال الاسرائيلي». وشدد على ضرورة مجابهة العدوان الإسرائيلي المتلاحق في غزة، بتصعيد وتيرة الهجمات الجهادية على غرار عملية «ديمونا»، معتبراً أن «خيار المقاومة هو الخيار الاستراتيجي لاسترداد الحقوق، وإنقاذ الارض التي تهوَّد في ظل تواصل الصمت العربي والإسلامي المؤسف».
ميدانياً، نجا مقاومون في كتائب «عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، من عملية اغتيال استهدفتهم في بلدة جباليا، شمال القطاع أمس، فيما أعلنت «كتائب القسام» وفصائل المقاومة في بلاغات عسكرية منفصلة مسؤوليتها عن إطلاق عشرات الصواريخ وقذائف الهاون رداً على المجزرة الاسرائيلية التي راح ضحيتها تسعة من أفراد الشرطة في الحكومة المقالة ونشطاء «كتائب القسام» أول من أمس. واعترفت الإذاعة العبرية بإصابة عشرة مستوطنين إسرائيليين بجروح وحالات هلع، جراء سقوط نحو عشرة صواريخ فلسطينية في بلدة سديروت، أقرب البلدات الاسرائيلية للحدود الشمالية الشرقية للقطاع. وبحسب المصادر الاسرائيلية، فقد أدت الصواريخ إلى أضرار مادية في عدد من المباني والمراكز والمواقع والسيارات والمصانع، وقطع التيار الكهربائي عن أحياء سكنية في بلدة سديروت.
إلى ذلك، أعلن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، إثر اجتماع ضمّ رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزيري الدفاع إيهود باراك والخارجية تسيبي ليفني، أن حكومة الاحتلال قرّرت تعزيز حدودها مع مصر من خلال بناء سياج في بعض القطاعات لوقف عمليات التسلل إلى الداخل الإسرائيلي.
وسيشيد السياج الأول قرب منتجع إيلات على البحر الأحمر والثاني في منطقة نيتزانا على بعد نحو 250 كيلومتراً بين مصر وإسرائيل. ويستند مخطط بناء الجدار إلى خطة «الساعة الرملية» التي طرحها وزير الدفاع الأسبق شاوول موفاز، وتقضي بإقامة «عائق ارضي» في مناطق حساسة يتسلل عبرها أجانب ومسلحون فلسطينيون. وستصل تكلفة بناء الجدار إلى مليار شيكل (نحو 273 مليون دولار)، وسيستغرق بناؤه نحو 18 شهراً. وخلال الاجتماع، قدم مسؤولون في الاستخبارات تقارير تحدثت عن وجود عشرات الناشطين الفلسطينيين في سيناء.
وفي ما يتعلّق بزيادة عدد القوات المصرية على الحدود، عارض باراك اقتراح المدير العام لوزارة الخارجية، أهارون أبراموفيتش، مضاعفة عدد جنود حرس الحدود المصريين عند المنطقة الحدودية من 750 إلى 1500 جندي. وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن باراك «يعتقد أن الوضع لن يختلف سواء أكان أفراد الشرطة (المصريون) أكثر أم أقل».
وتنوي إسرائيل البدء اليوم بتقليص كميات الكهرباء التي تمدّ القطاع بها، وكذلك ستقلص كميات الوقود، وذلك بعدما ردت المحكمة العليا الإسرائيلية الأسبوع الماضي التماسات قدمتها عشر منظمات حقوق إنسان طالبت بمنع تقليص كميات الوقود والكهرباء للقطاع.
وبحسب ردّ السلطات الإسرائيلية عبر النيابة العامة على الالتماس، فإن إسرائيل ستقلص كمية الكهرباء ابتداء من اليوم بنسبة 5 في المئة في ثلاثة من بين عشرة خطوط كهرباء تزود شركة الكهرباء الإسرائيلية بواسطتها القطاع.
من جهة ثانية، بحث مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط، ديفيد ولش، مع وزير الخارجية الأردني صلاح الدين البشير، في عمّان أمس، سبل مساعدة الفلسطينيين والاسرائيليين على إحراز «تقدم جوهري وملموس» في عملية السلام. وذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) أن ولش، الذي وصل إلى عمان في زيارة غير معلنة، بحث مع البشير «آخر التطورات على صعيد عملية السلام وسبل مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين لإحراز تقدم جوهري وملموس في عملية السلام خلال العام الجاري».
نفى مسؤولون مصريون اتخاذ السلطات المصرية قراراً غير معلن بتجميد العلاقات مع «حماس». وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن رئيس جهاز الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان سيقوم خلال اليومين المقبلين بزيارة وشيكة إلى كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة لإجراء مزيد من المحادثات مع مسؤولي الجانبين تتعلق بكيفية ضبط الأمن على الحدود المصرية ــ الفلسطينية من جهة، والمصرية ــ الإسرائيلية من جهة أخرى.
رائد لافي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد