الاحتلال ينظّم «مهرجان ألشام للمطبخ العربي»..
قبل أيام، انتشرت في موقع «فايسبوك» دعوة (Event)، تحمل عنوانًا بالعبريّة: «مهرجان الأكل العربيّ ـ عيد الأعياد ـ حيفا 2015»، مرفقة بملصق كُتب عليه، بالعبريّة والعربيّة: «مهرجان الشام ـ مذاقات وقصص من المطبخ العربي».
«عيد الأعياد»، هو مهرجان سنويّ تنظّمه بلدية الاحتلال في حيفا تحت عنوان «التعايش العربيّ اليهوديّ» في المدينة، لكنها اختارت لهذا العام أنّ «تتوسع» قليلًا وتسمّيه «مهرجان الشام». كلّ ما سبق مستفزّ بما فيه الكفاية، لكنّه ليس بغريب على الفلسطينيين في حيفا والأراضي المحتلة العام 1948، إذ إنّ المهرجان المذكور يسبّب لهم امتعاضاً سنويًّا.
الجديد هذا العام، أنّ المهرجان انتقل إلى مرحلة «جديدة» في الاستفزاز، إذ نقرأ في النصّ التعريفي عنه (الاقتباس منقول حرفيًّا): «سيقام في البلد التحتى بحيفا مهرجان الشام الأول الذي سيكرس للمطبخ العربي الشامي الذي نشأ في الهلال الخصيب، من حلب في سوريا وحتى النقب، في لبنان وفي ضفتي الأردن». ويتابع: «الحوارات المتعددة في المهرجان ستتناول تطور المطبخ العربي، حول كيف يؤثر ويتأثر المطبخ العربي من التغييرات في المجتمع العربي، في الحيز الذي يحتله كجزء من المطبخ الإسرائيلي». لا ضير من إضافة عبارة «يا لهوي!» عند آخر الاقتباس.
في النصّ التعريفي لـ «المهرجان» كتبت عبارة الشام هكذا «ألشام»، ثمّ عدّلت وحذفت الهمزة. كما أزال القائمون على الـ «إيفنت» جملة من الفقرة التعريفيّة به، بعد كمّ السخرية الهائل الذي طالهم على «فايسبوك». الجملة المحذوفة تقول التالي (الاقتباس منقول حرفيًّاً): «في اللغه العربيه اليهوديه أستعملت كلمة ألشام كلقب لدولة أسرائيل».
منذ الإعلان عن الحدث، يشنّ مستخدمون فلسطينيون وسوريون من الجولان المحتلّ حملة تعليقات ساخرة عبر صفحاتهم على «فايسبوك». يعرف المحتجّون أنّ احتمال إلغاء المهرجان شبه مستحيل، كما أنّ ردّ فعلهم الغاضب والساخر، لا ينبع من إحساسهم بالصدمة أو المفاجأة، إذ إنّهم اعتادوا محاولات الاحتلال الدائمة الاستيلاء على الموروث الثقافي الفنّي العربيّ والشامي والفلسطيني من 67 عاماً. إلا أنّ الاحتجاج ينطلق أوّلاً من ضرورة عدم السكوت، ويأخذ ثانياً شكل محاولة لحثّ المشاركين الفلسطينيين في المهرجان على إلغاء مشاركاتهم.
أحد المعلّقين كتب على صفحة المهرجان: «بلدية حيفا هي بلدية صهيونية بامتياز، ترى بالحيفاوي الفلسطيني كأنّه هذا الكائن الغريب مع ثقافته العربية الغريبة. هذا الكائن الغريب (غير البشري أحيانًا) لا يتمتع بحاجات مثل الكرامة، لا يحق له أن يعيش بكرامة في مدينته وحاراته العريقة، بل كل كيانه هو لخدمة العِرق الرفيع المختار من الله. أن يطبخ، يعمل، يبني في حارات السيّد، وفي آخر النهار يعود لبيته الفقير ليستعيد طاقاته من أجل يوم غد»، ويضيف: «المهرجان الاستشراقي يدعم استعلاء السيّد علينا بحفظ علاقات القوة بيننا، هو يأتي إلينا ليمارس حقّه الطبيعي في فرض السيطرة وتذكير الفقير بأن السيّد لم ولن يذهب إلى أي مكان».
أما التعليقات السّاخرة التي اجتاحت الصفحة، فكُتب بعضها بالعربيّة وجزء آخر بالعبريّة وجزء ثالث دُمجت فيه اللغتان من باب السخرية، ومن بينها: «سم الهاري»؛ «ستّي: تاكلوا شلفاط يشلفطكم... ترجمة: تاكلوا مهري بالفصحى»؛ «إسرائيل، كانوا يدلعوها بلاد الشام؟»؛ «استغفر الله العظيم، إنتو قد الفوارغ؟»؛ «مجدرة ستي طبختلي مجدرة/ أكلت صحنين ونص وطنجرة/ قلتلها يا ستي هالأكلة ما بتعجبني/ ضربتني عَ ثمي وقالتلي كول../ من التراث العربي الشامي الإسرائيلي».
في ظلّ الواقع السّياسيّ لفلسطين المحتلّة منذ 67 عامًا، وفي ظلّ ما تشهده القدس والضفة الغربيّة في هذه الأيام، وما تشهده المنطقة عمومًا والشّام خصوصاً، لا بدّ من القول إنّ أفضل التعليقات على دعوة «المهرجان» كان التالي: «كلوا خرا». صاحب التعليق مهر العبارة بالعربيّة على صفحة الحدث وأضاف: «ولا بعمرها هاي الجملة كانت بمحل أزبط من هون».
رشا حلوة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد