التأمل التصاعدي... تربوياً

10-11-2008

التأمل التصاعدي... تربوياً

المعرفة التي يحملها التلاميذ معهم من المدرسة معرفةٌ منقوصة وجزئيّة، إذ لا يمكن لأيّ منهجيّة تربويّة أن تعلّم التلميذ كلّ شيء. انطلاقاً من هذه الإشكاليّة يرى أشلي دينز، عالم التربية الأميركي الذي يزور لبنان، أنّ الاهتمام يجب أن يتحوّل من المعلومات التي يتلقّاها الطلّاب في المدارس إلى كيفيّة تعامل هؤلاء مع المعرفة بشكل ينمّي ذكاءهم وقدراتهم الإبداعيّة. برنامج التربية المبنيّة على الوعي، هي المنهجيّة التربويّة التي يعتقد دينز «أنّها الحلّ»، فقد جرّبها في المدرسة النموذجيّة التي يديرها في الولايات المتحدة «والتي تُعدّ رائدة في محيطها»، إذ يفوز طلّابها غالباً بالعديد من المسابقات والجوائز.
تقوم هذه المنهجيّة على دراسة المواد المقررة من ريّاضيّات وعلوم ولغات وفنون، لكن مع تعليم التلاميذ تقنيّة «التأمّل التجاوزي» التي «تطلق الاحتياطي الدفين للدماغ».
تهدف تقنية Transcendental meditation إلى تخفيف الضغط الذي يعانيه الدّماغ بفعل أساليب الحياة العصريّة، وهي معروفة بتقنيّة ماهاراشي، اسم المعلّم الروحاني الهندي.
ماذا يمكن أن تفيد هذه التقنيّة في المدارس؟ يعتقد دينز أنّ ممارسة التلاميذ هذه التقنيّة مرّتين في النّهار لمدّة 15 دقيقة، صباحاً وبعد انتهاء الدّروس، يساهم في تنمية قدرات التلاميذ على الاستيعاب وعلى الإبداع. 15 دقيقة من التأمّل الصباحي تجعل الطلّاب أنشط إذاً! رغم أنّ الفكرة قد تبدو مضحكةً للوهلة الأولى، إلّا أن دينز يثبت نظريّته بمنهجية منطقيّة.
ينطلق دينز من فكرة عامّة وصحيحة، إذ تعاني منها كلّ المؤسسات التربويّة: المنهجيّات الحديثة في التربية تركّز على كميّة المعلومات المكتسبة بدل التركيز على كيفيّة تلقّيها، وعلى قدرة المتلقّي أي التلميذ أو الطالب على تعلّمها وفهمها.
تكون النتيجة أن يخرج الطالب من المدرسة وهو لا يزال جاهلاً العديد من المعلومات.
أهميّة تطبيق التأمّل التجاوزي في المدارس هو في تعويد التلميذ على التفكير بهدوء، عوض ردود الفعل المعرفيّة الميكانيكيّة التي يروّض عليها منذ الصفوف الصغيرة.
من جهة ثانية، التأمّل التجاوزي هو محاولة للعودة إلى وحدة الأفكار وأصولها، ففي الوقت الذي تزداد التخصّصات الفرعيّة في كلّ أنواع العلوم، يحاول متبنّو هذه المنهجيّة أن يصبح لدى التلميذ وحدة فكريّة ومعرفيّة تمكنّه من التصرّف بحكمة في كلّ المواقف، حتّى ولو لم يكن قد تعلّم ذلك في المدرسة. فالتقنيّة التي يجري تعلّمها على سبع جلسات تعلّم الطالب كيف يبعث الهدوء والسكينة في موجات الأفكار المتضاربة التي تعبث برأسه. النتيجة؟ «يصبح المراهقون أقلّ عنفاً وأكثر إيجابيّة في التعامل مع السلطات المدرسيّة، إذ يصبحون قادرين على التحكّم بغضبهم» يقول دينز.
فكرةٌ قد تنجح في بثّ الهدوء في المدارس، لكنّ دينز يطمح إلى أكثر من ذلك، إذ يعتقد أنّ تطبيق هذه التقنيّة على بضعة آلاف في العالم سيخفف من دائرة العنف ليس فقط في المدارس، بل في العالم كلّه حيث ستتراجع الحروب!

 

ليست يوغا

ما الفرق بين التأمّل التجاوزي واليوغا. في الحالتين يغلق المتأمّل عينيه ويجلس على الأرض دون حراك، إلّا أنّ اليوغا تهدف إلى إراحة الجسد من أجل إراحة العقل، فيما تهدف TM إلى إراحة العقل من أجل إراحة الجسد، كما يقول دينز

 

علامة تجارية

يزور دينز العديد من دول العالم للترويج لنظريّته، علماً بأنّه رئيس المؤسسة الدوليّة للتربية المبنيّة على الوعي. وقد تحوّلت TM إلى علامة تجاريّة، تفتح العديد من المراكز للتدريب عليها، وهو يزور لبنان بدعوة من مؤسسة الشرق الأوسط لعلم الذكاء الخلّاق

سناء خوري

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...