التنزيلات الكذبة الاقتصادية التي تتكرر دوماً

15-03-2010

التنزيلات الكذبة الاقتصادية التي تتكرر دوماً

هل نصدق أن كساداً يحكم السوق السورية؟ أم إن الأرباح تجري جريان الأنهار بين أيدي التجار والمستوردين والباعة؟
 الحقيقة الغريبة هي أن السوق السورية تعاني الكساد وهذه المرة ليس المواطن هو المتضرر الوحيد بل التاجر والمستورد والوكيل السوري هو المتضرر، حيث كان المواطن ينسب الضرر الواقع عليه سابقا إلى التاجر في ظل ضعف الرقابة ومتابعة ما يقوم به البعض من الغش والتدليس ضد المواطن ولكن هذه المرة المسألة تختلف على اعتبار أن الربح يذهب خارج سورية كلها إلى أيدي من يقومون بتزوير الماركات التي تغرق السوق وتسبب الكساد لتجارتنا الوطنية.

إغراق الأسواق
المسألة برمتها أن السوق السورية تعاني الكساد في بضائع الكهربائيات وسواها من المنزليات وغيرها من البضائع الضرورية بسبب الدخول الكثيف للبضائع من بعض الدول العربية تحت لافتة اتفاقية التجارة الحرة بالإضافة إلى بعض المستوردين الذين يزورون الماركات ويبيعونها للمواطن على أنها ماركة أصلية في حين أنها ماركة مزورة لا أساس لها من الصحة.
اتفاقية التجارة الحرة تفرض حالة من الإعفاء للبضائع ذات المنشأ العربي بمقدار 40% وبالتالي فإن أي بضاعة تدخل السوق تحت هذا العنوان إنما تكون معفاة من الرسوم وأرباحها محققة تماما وعليه فإن الوكيل السوري الذي يستورد بضائعه مباشرة من بلد المنشأ (باعتباره وكيل) يدفع رسوماً تتراوح بين 40-60% على بضائعه المستوردة كضريبة على الماركة الأمر الذي يخلق حالة من الإغراق تجاه البضائع الوطنية وحتى المستوردة لأن البضائع المعفاة لا تتحمل أي نفقات في حين أن البضائع الأصلية المستوردة تدفع رسوما والبضائع الوطنية تدفع رسوما على المواد الأولية المكونة للسلعة ذاتها.
وبحسب أحد أصحاب الشركات التجارية فإن دخول البضائع إلى الأسواق السورية يخلق حالة من الكساد تصيب العديد من الصناعات السورية وعلى وجه الخصوص في البضائع المنزلية والكهربائية عموماً لأن المواطن يفضل الشراء من الماركات الرخيصة وغير المكلفة كنوع من الحالة النفسية المبنية على محدودية دخله فحتى لو كانت السلعة التي يشتريها لا تستمر لأكثر من عام أو ستة أشهر على أفضل تقدير فانه يفضلها على مبدأ (اشتر وجدد) في حين أن السلعة الأصلية التي تستمر في الخدمة سنوات عديدة لا يفضلها المواطن لأنها أغلى حتى لو كان هذا الفارق شيئاً بسيطاً جداً، وهي معضلة فيها من الضرر للاقتصاد الوطني والمواطن والتاجر الشيء الكثير لأن السلعة الوطنية تدفع رسوم المواد الأولية الداخلة في صناعتها والوكيل يدفع رسوما مقابل الماركة التي يستوردها فيأتي المزور ويقطف تعب الجميع فهو يحقق ربحاً ويستفيد من بهرجة الماركة ويتهرب من دفع الرسوم الجمركية المستحقة لمصلحة الخزينة العامة للدولة.
إن هذه المعادلة حسب محدثنا تخلق حالة من الكساد في أوساط التجار السوريين المختصين بهذا الصنف من البضائع الأمر الذي ينسحب كذلك على العمال الموجودين لدى كل تاجر، ورواتبهم وما يحصلون عليه من تعويضات كما ينسحب الأمر على الباعة الذين يعمل قسم كبير منهم براتب ضئيل على أن يتقاضوا نسبة من الأرباح، وهي مسالة يجب على الجهات المعنية معالجتها وعدم غض البصر عنها لأن هذه المسألة تصيب الاقتصاد الوطني في الصميم.

الرقابة اللاحقة
وعلى اعتبار أن الصمام أو الفلتر في دخول البضائع وخروجها هو مديرية الجمارك العامة فإن الوطن اطلعت على حركة تبادل وانسياب البضائع من خلال بوابات الجمارك حيث أوضحت مصادر في الجمارك أن السلع في مواسم التنزيلات تكون أقل تدفقا من باقي المواسم على اعتبار أن التاجر يضطر تحت وطأة الكساد الحاصل في بعض الأحيان إلى بيع ما يتكدس لديه من منتجات في مخازنه حتى يقدر على تحديد كمية البضائع والسلع التي سيستوردها فيلجأ والحال كذلك إلى البيع بسعر الكلفة (وهو ما تطلع عليه الجمارك من خلال آلية الرقابة اللاحقة التي يشمل عملها البضائع ضمن الأسواق ومقارنتها من حيث الربح بما تم دفعه من رسوم جمركية وما تم التصريح عنه من أسعار وقيم حددت الرسوم على أساسها) حتى يتفادى الخسائر المتلاحقة جراء التخزين، ويصار بعد ذلك إلى الاستيراد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المسألة العويصة التي تواجه الجمارك هي البضائع الداخلة تحت عنوان اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى وما يقوم به البعض من غش وتدليس وحتى تزوير في هذا الشأن تهرباً من الرسوم الجمركية الواجبة عليه، بالإضافة إلى ما يقوم به بعض المخلصين الجمركيين وليس كلهم من احتيال في هذا الشأن الأمر الذي يرتب على عاتق الجمارك مزيداً من الجهد.

رقابة الضابطة الجمركية
الضابطة الجمركية كذلك لها دور في هذه المسألة لجهة اعتبار عملها مؤشراً لوجود الكساد من عدمه مع الأخذ بعين الاعتبار ضغط العمل الحاصل على الضابطة الجمركية نتيجة ما يقوم به البعض من تغيير وتزوير في الماركات وبيع بأرباح فاحشة والترويج لبضائع غير ذات منشأ أو غير ذات فاتورة تبين أصل السلعة والسعر المحدد لها تأسيساً على السعر الوارد في الفاتورة. وبحسب مصادر الجمارك فإن الضابطة الجمركية تتحقق في كثير من الأحيان بناء على المعطيات الموضوعية من الفواتير وشهادات المنشأ في حال الشك في عدم وجودها إضافة إلى التدقيق في البيانات المزورة وخلافه وهي كلها مسائل تقع ضمن مجال البحث في وجود الكساد من عدمه على اعتبار أن ملاحقة هذه البضائع تخلق حالة من الحركة في أوساط السوق برواج البضائع الحقيقية، أما في حال رواج البضائع المزورة فإن الكساد يصيب السلعة الحقيقية وهي أولاً وأخيراً حالة من الكساد وفقاً للنظرة التالية:
عندما تنتشر السلعة المقلدة ذات السعر الأقل من السلعة الأصلية فإنها تحقق روجاً هائلاً مبنياً على رخص سعرها نسبياً بالقياس إلى الأصلية وبالتالي فإن هذه الأخيرة يصيبها الكساد على اعتبار المواطن يقصد نقيضها تماشياً مع مقدرته المالية، والجمارك هنا لها دور المراقب والمتابع إلى حدود الحرم الجمركي أما بعده فإن دورها مهما تعاظم فانه يبقى مضطراً إلى طلب مؤازرة الاقتصاد بشقيها حماية المستهلك والأسعار وخلافه.

مازن خير بك

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...