الثورة تودع حكيمها
«يا حكيم ارتاح ارتاح إحنا نواصل الكفاح». بهذا العهد ودّع الفلسطينيون، أمس، مؤسس «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» جورج حبش في جنازة شعبية شارك فيها الآلاف من رفاقه في العاصمة الأردنية عمّان، وجنازات رمزية عمّت العديد من المناطق الفلسطينية تخليداً لذكرى أحد أعمدة المقاومة ضد العدو الاسرائيلي.
وانطلق موكب تشييع «الحكيم» من «مستشفى الأردن» وسط عمّان إلى كنيسة «دخول المسيح إلى الهيكل» للروم الأرثوذكس في منطقة الصويفية غربي العاصمة الأردنية للصلاة عليه.
وتجمّع المشيعون حول الكنيسة وداخلها رافعين الرايات الفلسطينية وأعلام «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» وصورا ضخمة لحبش ولافتات كتب عليها «وداعاً أيها الحكيم إنّا على العهد باقون» و«عاش مناضلاً ومات مناضلاً».
وقام عشرة جنود من قوات «جيش التحرير الفلسطيني» بحمل النعش الذي لف بالعلم الفلسطيني وإدخاله إلى الكنيسة ليسجى أمام المذبح وسط هتافات «جورج حبش ما بيموت ولو حطوه جوا التابوت» و»لا للحل السلمي نعم للبندقية» في مشاهد حماسية وعاطفية، ثم توجه الموكب إلى مقبرة سحاب جنوبي شرقي عمّان حيث ووري جثمانه الثرى وسط صيحات «يا حكيم ارتاح ارتاح إحنا منواصل الكفاح».
وشارك في التشييع حشد من رفاق حبش بينهم المناضلة ليلى خالد وعضو المكتب السياسي ماهر الطاهر وصلاح صلاح، ونواب عرب في الكنيست بينهم محمد بركة وأحمد الطيبي وجمال زحالقة وواصل طه، والعديد من القادة الفلسطينيين بينهم رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، وكبير المفاوضين الفلسطينيين أحمد قريع، ورئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي، وأمين السر للجنة التنفيذية في المنظمة ياسر عبد ربه، والأمين العام لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» نايف حواتمة، إضافة إلى قيادات في النقابات المهنية الأردنية وممثلين عن حركات فلسطينية وعربية يسارية وعلمانية بينهم الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة والأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي محسن إبراهيم، فيما لم يلحظ حضور أي من المسؤولين الأردنيين.
وقال الزعنون، في كلمة ألقاها نيابة عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن «هذا الرجل العظيم والوحدوي الكبير كان إذا رأى أكثرية ضد رأيه كان يقف ويقول: أنا مع الديموقراطية ولكن قد تعرفون يوما أن ما اتخذتموه من قرارات كان غير صائب».
من جانبه، قال الطاهر «أوصانا الحكيم بالوحدة الوطنية وكان يقول لا نستطيع أن نحقق النصر ونواجه العدو الصهيوني إلا بوحدتنا»، مضيفاً «نعاهد قائدنا الحبيب أننا سنبقى أوفياء لمبادئه».
وبالتزامن مع تشييع حبش في عمّان انطلقت مواكب تشييع رمزية للقائد الراحل في مختلف المناطق الفلسطينية، خصوصاً في رام الله ومحافظات البيرة وطولكرم ونابلس، بمشاركة الآلاف الذين حملوا صوره وأعلاماً فلسطينية ولافتات تشيد بتاريخه النضالي، فيما افتتحت بيوت العزاء في البلدات والمدن فلسطينية وسفارات فلسطين في دول العالم.
ونعى عميد الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال سمير القنطار «الحكيم». وقال في رسالة من معتقل هداريم «رفيق جورج، كم كان وقع الخبر ثقيلاً هنا في هداريم، حيث لخبر الموت طعم آخر... كم حكيم لنا حتى ترحل أيها الحبيب؟ من سيصلح ذات البين في غيابك؟ وأنت القلق دائماً على مسار الوحدة الوطنية الفلسطينية التي ما شهدت انحرافاً ولا عبثاً وتقسيماً مثلما تشهده اليوم».
وإذا كان جورج حبش قد قض مضاجع الاحتلال في حياته، فإنّ وفاته كانت مناسبة جديدة لإظهار العنصرية الإسرائيلية، إذ شنّ رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان هجوماً حاداً على النواب العرب في الكنيست لمشاركتهم في التشييع حيث اعتبر أنهم «يمثلون منظمات الإرهاب»، مشيراً إلى أنّ «الجهاز القضائي الإسرائيلي يتذرع بأنه لا يمكن معالجة أمر هؤلاء الأعضاء».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد