الجعفري: حل الأزمة الإنسانية في سورية لا يتم من خلال التحامل السياسي وتمويل وإيواء الإرهابيين
عقدت الجمعية العامة للامم المتحدة أمس جلسة مفتوحة لمناقشة البند 70/ أ من بنود الجمعية العامة حول تعزيز تنسيق المساعدة الانسانية والمساعدة الغوثية التي تقدمها الامم المتحدة في حالات الكوارث بما في ذلك المساعدة الاقتصادية الخاصة.. تعزيز تنسيق المساعدة الانسانية التي تقدمها الامم المتحدة في حالات الطوارئ.
وقال الدكتور بشار الجعفري المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الامم المتحدة في بيان سورية بهذه الجلسة: إن سورية تنزف دما والشعب السوري هو الضحية الاولى لهذا النزف المستمر ففي الوقت الذي اتحدث فيه اليوم أمامكم هناك إما تفجير يحدث أو شهيد يدفن أو جريح يئن أو أسرة تشرد ويؤسفني أن أنقل إليكم خبرا مؤلما للغاية حدث صباح هذا اليوم فقد شهدت مدينة قطنا تفجيرا إرهابيا أمام مدرسة للأطفال أسفر عن استشهاد العشرات من الأطفال وأهاليهم وكان قد سبق ذلك ثمانية تفجيرات إرهابية ضربت مناطق عديدة في دمشق وأودت بحياة العشرات من الابرياء.
وأضاف الجعفري: لن أقوم في هذا المقام بالاسهاب بشرح حول هذه الأعمال الإرهابية ومن يقف وراءها من دول ومجموعات إنما أود أن أشير إلى الأثر السلبي الذي تركته تلك الأعمال الإرهابية على حياة المواطنين من خلال تفجيرات محطات توليد الطاقة وسرقة صوامع الحبوب ومخازن الوقود وإحراق ما تبقى منها وتفجير خطوط نقل الغاز والنفط واستهداف المشافي والمدارس بهدف خلخلة تماسك المجتمع ونشر الفوضى والرعب وبث الذعر في صفوف المواطنين.
وأكد الجعفري إيمان سورية العميق بأهمية تنسيق الجهود الإنسانية الرامية لتقديم المساعدات الانسانية للمواطنين المتضررين في حالات الطوارئ وذلك استنادا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 46/182 المنشىء لولاية (الاوتشا) والناظم لأحكام عملها مجددا استعداد الحكومة السورية الكامل للتعاون مع المنظمات الدولية العاملة في سورية في ضوء التزامها بالولاية المنوطة بها وبالمبادئ التوجيهية التي اعتمدتها قرارات الجمعية العامة ذات الصلة بتعزيز تنسيق المساعدات الانسانية التي تقدمها الامم المتحدة في حالات الطوارئ ولاسيما تلك المتعلقة بوجوب الاحترام الكامل لسيادة الدولة وسلامتها الاقليمية ووحدتها الوطنية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وذلك انسجاما مع احكام الميثاق.
وقال الجعفري: إن الحكومة السورية سخرت طيلة الازمة الحالية المؤلمة كل إمكاناتها لتقديم المساعدات العاجلة لمواطنيها انطلاقا من التزاماتها الوطنية وممارساتها لمسؤولياتها وواجباتها تجاههم ولهذا الغرض تحديدا تم تشكيل لجنة لمتابعة الأوضاع الانسانية للمواطنين المتضررين سواء تعلق الامر بتوفير المساعدات الغذائية والصحية والايوائية لهم أو في مجال التعويض عن الأضرار التي تكبدوها جراء ممارسات المجموعات الارهابية المسلحة إو إعادة تأهيل البنى التحتية لاستئناف تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية لهم كما تم تشكيل لجنة الاغاثة العليا بهدف تنسيق جهود الاغاثة للمتضررين ونتيجة للجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة السورية في ظروف صعبة للغاية تم افتتاح ما يقارب547 مركزا للايواء المؤقت بالاستفادة من كافة المباني الحكومية المتاحة.
وأضاف مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة: إنه علاوة على ذلك الجهد الوطني فقد تعاونت الحكومة السورية مع مكتب الأمم المتحدة للمساعدات الانسانية ومع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الاحمر وقدمت جميع أشكال التسهيلات بهدف إيصال المساعدات الانسانية إلى محتاجيها من السكان المتضررين على كامل اراضي سورية حيث تم انجاز الخطة المنقحة للاستجابة للاحتياجات الانسانية داخل سورية ومنحت الحكومة الترخيص لما يزيد على 80 منظمة غير حكومية للمشاركة مع وكالات الامم المتحدة في جهود الاستجابة مؤكدا استمرار الحكومة السورية بتقديم جميع أشكال التسهيلات للعاملين في المجال الانساني ومنح التراخيص للزيارات الميدانية للاوتشا للعديد من المناطق داخل سورية دون تأخير حيث شاركت سورية بصورة بناءة في 6 اجتماعات للمنتدى الانساني عقدت حولها في جنيف.
ولفت الجعفري إلى أن كل هذا الجهد الحكومي في المجال الانساني يصطدم بمعوقات سلبية للغاية تتمثل في استمرار الدول المعروفة الداعمة للارهاب المسلح في سورية بتمويل وتسليح وحماية المجموعات الارهابية المسلحة.
وقال الجعفري متوجها إلى الوفود المشاركة: أريد أن أقرأ على مسامعكم ما قاله رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر بيتر ماور أمس في جنيف وأقتبس "الحالة في سورية استثنائية بسبب كثافة المعارك في كل البلاد وكذلك بسبب تورط قوى اقليمية وعالمية فيها".
وأضاف الجعفري: إنه لمن المفارقة أن يتم إعاقة اصدار 6 بيانات صحفية في مجلس الامن تدين تفجيرات ارهابية نفذتها مجموعة ارهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة تطلق على نفسها "جبهة النصرة" والتي أعلنت منذ تشرين الاول 2011 عن قيامها بنحو600 اعتداء يتراوح بين أكثر من 40 هجوما انتحاريا وعمليات أخرى استخدمت فيها الاسلحة الصغيرة والعبوات الناسفة في مراكز المدن الرئيسية بما في ذلك العاصمة دمشق ومدن حلب وحماة ودرعا وحمص وادلب ودير الزور والتي أسفرت عن استشهاد الكثير من السوريين الابرياء ثم تعود إحدى الدول التي أعاقت في حينه اصدار البيانات إلى إدراج هذه المجموعة الارهابية على قائمتها الوطنية للمنظمات الارهابية.
وأوضح الجعفري أن سورية دأبت منذ بداية الازمة على لفت عناية الدول الاعضاء إلى وجود بعد تدخلي إرهابي مسلح في شؤونها الداخلية لكننا اصطدمنا بمكابرة سياسية وجهل للاوضاع المتصلة بالجغرافية السياسية وتزييف إعلامي هائل دفع بالكثير من كبار موظفي هذه المنظمة الدولية إلى إنكار الواقع وإلى استنتاجات خاطئة لمجريات الازمة في سورية مشيرا إلى أن الامم المتحدة بدءا من الامين العام مرورا بكبار معاونيه وانتهاء بممثليه الخاصين أخذوا أكثر من سنة كي يقروا بخجل بوجود ما اسموه "العنصر الثالث" وهو تعبير مهذب بديل عن عبارة المجموعات الارهابية المسلحة واستغرق الأمر ستة أشهر أخرى لكي ينتقلوا من مرحلة الاقرار بوجود عنصر ثالث بالازمة في سورية إلى مرحلة الاقرار بوجود مجموعات مسلحة ثم أمضوا ثلاثة أشهر أخرى ودم الشعب السوري يسفك حتى اعترفوا بوجود مجموعات ارهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة أي أن الشعب السوري عانى من الارهاب لمدة 21 شهرا منتظرا أن تسمع الأمم المتحدة والدول الاعضاء صراخه ومعاناته وبكاءه جراء ارهاب منظم كان واضحا منذ البداية أنه مدعوم من قوى خارجية عربية واقليمية ودولية للاسف.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة: إن تجاوب الحكومة السورية الكامل مع خطة الاستجابة الانسانية التي وقعتها مع الاوتشا اصطدم للاسف مع ضعف التمويل الذي يعيق الجهود المشتركة في تنفيذ خطة الاستجابة المنقحة وتلبية الاحتياجات الانسانية.
وأوضح الجعفري أنه في الوقت الذي تضطلع فيه الحكومة السورية بالدور الرئيسي في تلبية الاحتياجات الرئيسية لمواطنيها فإن التعهدات التي أطلقها المانحون في الاعلام وفي عدد من المنابر الدولية لم يتم الوفاء بها كما تبين ذلك تصريحات وتقارير مكتب تنسيق المساعدات الانسانية نفسه وآخرها تقريره الذي صدر بتاريخ 11 كانون الاول الجاري والذي يشير إلى أنه لم يتم تلقي سوى نصف التمويل المطلوب حتى الآن للاستجابة الانسانية داخل سورية و 35 بالمئة فقط من التمويل المطلوب للاستجابة لاحتياجات اللاجئين السوريين.
وأضاف الجعفري: إن تقرير الاوتشا المذكور يشير إلى اضطرار برنامج الغذاء العالمي لتخفيض الحصص التي يوزعها بسبب نقص التمويل وهو الأمر الذي أدى إلى بطء في التنفيذ وعدم تلبية الحد الادنى من الاحتياجات الانسانية للمتضررين جراء الأحداث الراهنة وألقى بظلال من الشك حول حقيقة الحرص الذي تبديه بعض الدول على مصلحة المواطن السوري.
وأكد الجعفري أن استمرار فرض حزم من التدابير القسرية الاقتصادية الأحادية الجانب خارج إطار الشرعية الدولية من قبل بعض الدول المهيمنة والمجموعات الاقليمية على سورية ساهم بشكل كبير في تردي الظروف المعيشية للسوريين وفي تراجع إمكانية تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين وعرقلة الجهود المبذولة لاستيراد الادوية والمعدات الطبية وقطع الغيار اللازمة لاستمرار تشغيل وصيانة انظمة المرافق العامة.
وتابع الجعفري: إن تلك الحزم من التدابير القسرية الاحادية الجانب أدت على سبيل المثال لا الحصر إلى ارتفاع سعر الصرف الأجنبي وما نتج عنه من انخفاض في القيمة الشرائية لليرة السورية وارتفاع معدل التضخم وصعوبة تمويل المستوردات إضافة إلى إيقاف تمويل المشاريع الاستثمارية ونقص الموارد المالية ما يزيد حكما في معدل البطالة ونسبة الفقر.
وأكد الجعفري أن من يفرض تلك التدابير القسرية بيد ويدعي تقديم المساعدات الانسانية بيد أخرى هو رمز للنفاق السياسي والتضليل بل إن الدول التي تفرض التدابير القسرية إنما تريد تحويل شعب سورية من شعب منتج ومعطاء قام خلال السنوات الماضية بتحقيق نهضة اقتصادية حققت الكفاية الغذائية وصدرت الكثير من فائض انتاجها إلى كثير من دول العالم إلى شعب يعيش على المساعدات.
وقال الجعفري: لطالما وجهت سورية نداءاتها إلى أبنائها ممن اضطرتهم الظروف الصعبة لمغادرة البلاد إلى الدول المجاورة بالعودة إلى بيوتهم ليتابعوا عيشهم الكريم في وطنهم بعيدا عن استغلال المجموعات الارهابية والاطراف الداعمة لها لآلامهم وللحيلولة دون إبقائهم أوراقا للسمسرة والابتزاز الانساني مشيرا إلى أن الحكومة السورية خصصت مساعدات لكل من تضرر منزله لإعادة ترميمه فورا ومتابعة حياته بشكل لائق على تراب وطنه وهذا حق المواطن على حكومته.
ولفت الجعفري في هذا الصدد إلى أن التلاعب المشين بأرقام اللاجئين السوريين الذي تقوم به بعض الجهات هو سلوك متوحش وابتزازي لكرامة الانسان السوري ففي حين تقوم دول معينة بتقديم أرقام متصاعدة عن أعداد اللاجئين السوريين لديها تنبري المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مشكورة بتقديم تقرير لها بتاريخ 12 كانون الاول الجاري يشير إلى أن 40 بالمئة فقط من اللاجئين السوريين في المنطقة موجودون في مخيمات بينما توجد الأغلبية خارج المخيمات تعيش غالبا في بيوت مستأجرة أو لدى عائلات مضيفة مشيرا إلى أنه غني عن القول أن 60 بالمئة الأخرى من السوريين الذين اضطرتهم الازمة لمغادرة وطنهم إنما يعيشون في فنادق ويصرفون من أموال سورية لتحريك اقتصاديات الدول التي لجؤوا إليها.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة: مهما كان الجهد المبذول من قبل تلك الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين نحن نقول لهم شكرا.. لكننا نحثهم ونناشدهم أن يتعاملوا مع هذه المسألة الانسانية بصدق وموضوعية وضمير لأن ما تستفيد منه تلك الدول من وجود اللاجئين السوريين لديهم هو أكبر بكثير من العبء الذي وقعوا تحته بحكم وجود بعض المخيمات.
وشدد الجعفري في ختام البيان على أن حل الأزمة الإنسانية في سورية لا يتم من خلال التحامل السياسي الذي تمارسه دول أعضاء لتصفية حسابات قديمة جديدة ولا يتم من خلال إذكاء نار الفتنة الطائفية والمذهبية وتمويل وإيواء المسلحين والإرهابيين ودفعهم لارتكاب مجازر وتفجيرات واعمال ارهابية بحق المدنيين السوريين وإنما يكون من خلال التقيد بمبادئ تقديم المساعدات الانسانية وأولها القرار 46/182 وتوفر الارادة السياسية لدى الدول والهيئات المانحة لتقديم ما وعدت بتقديمه من مساعدات ووقف سياسة فرض التدابير القسرية الاقتصادية الاحادية الجانب التي تصيب اساسا الشعب السوري بالضرر البالغ هذا على الصعيد الانساني موضحا أنه على الصعيد السياسي هناك جهد مشكور يقوم به المبعوث الخاص الاخضر الابراهيمي وهو يحظى بالتوافق الدولي وجل ما يتمناه الشعب السوري مما يسمى بالمجتمع الدولي أن يدعم جهود الابراهيمي لا أن تقوم بعض الاطراف بتقديم المساعدة له علنا وبتقويض ما يقوم به سرا داعيا الى مساعدة نزيهة وموضوعية لسورية حكومة وشعبا ومعارضة لتصل إلى بر الأمان.
سانا
إضافة تعليق جديد