الجعفري: سورية ليست في معرض إعلان الحرب و ستدافع عن نفسها ضد أي عدوان
أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن سورية ضد أسلحة الدمار الشامل وليست في معرض إعلان الحرب على أحد ولكنها إذا ما أعلنت الحرب عليها فستدافع عن نفسها داعيا إلى حل سياسي بقيادة سورية وإلى دعم الجهود لعقد المؤتمر الدولي حول سورية "جنيف2".
وقال الجعفري في اتصال مع التلفزيون السوري اليوم إن سورية كدولة مؤسسة في الأمم المتحدة شاركت في وضع ميثاق سان فرانسيسكو ملتزمة بالميثاق والقانون الدولي وبمنع الحرب التزاما مطلقا ولسنا في معرض الدخول في حرب مع الولايات المتحدة أو غيرها ودبلوماسيتنا واقعية ونعرف حدودنا كما أننا ضد أسلحة الدمار الشامل بكل أشكالها.
وبين الجعفري أنه عندما يتحدث البعض بأن الحرب قادمة يجب أن نستعد لها ونضع احتمال العدوان قبل أي احتمال آخر لكن ضمن الواقعية السياسية والدبلوماسية يجب أن نظهر للعالم أجمع أننا واقعيون في دبلوماسيتنا ولسنا خياليين ولا في معرض الدخول بحرب مع الولايات المتحدة الامريكية ونحن لم نعلن الحرب عليها أساسا.
وشرح الجعفري ما يقوله القانون الدولي في معرض الحديث عن الحق في الدفاع عن النفس بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة حيث قال إن أي طرف يستطيع شن الحرب على دولة أخرى في حال الدفاع عن النفس إذا ما قررت دولة ما إعلان الحرب عليها.. ولكن سورية لم تعلن الحرب على أحد بالتالي فإنه ما من قانون دولي يخول واشنطن أو الرئيس أوباما أن يعلن الحرب على دولة صغيرة مثل سورية سواء بموجب ميثاق الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية أو أي قانون دولي آخر.
واعتبر الجعفري أن إدارة الولايات المتحدة تحديدا هي جزء من المشكلة في سورية الآن وليست جزءا من الحل لأنها تشجع تسليح المجموعات المسلحة وترعى الاستخبارات السرية في شمال الأردن وجنوب تركيا على الحدود السورية كما ترعى تهريب السلاح من لبنان إلى سورية.
ولفت الجعفري إلى ما قاله أوباما في مؤتمره الصحفي اليوم من إنه انتخب من الشعب الأمريكي لإيقاف الحروب وأن حرب العراق يجب أن تكون آخر الحروب وهو كلام قاله أوباما خلال خطابه المشهور في القاهرة متوجها إلى العالمين العربي والإسلامي حين أكد أن عهده لن يشهد حربا أخرى في الشرق الأوسط ولكن ها هو الآن يستدرج إسرائيليا وسعوديا وتركيا ومن الأوساط العدوانية داخل أمريكا إلى التفكير بالعدوان على سورية.
وبين الجعفري أن إسرائيل هي التي تدفع أمريكا إلى عدوان على سورية وهو كلام يقال للمرة الأولى لافتا إلى أن صحفا أمريكية نقلت عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية التي نقلت بدورها عن مستشار في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قوله "إن إسرائيل هي التي قد تكون وراء استخدام الكيماوي في ضواحي دمشق".
وأشار الجعفري إلى الدور السعودي الذي لا يخفى على أحد موضحا أن وزير الخارجية السعودي صرح عدة مرات بأنه يسلح المجموعات الإرهابية في سورية ومؤخرا أرسل اليهم 400 طن من السلاح عبر الحدود السورية التركية.
وقال الجعفري إنه يفترض بالجانب الأمريكي على اعتباره دولة عظمى ودائمة العضوية في مجلس الأمن ونحن لا ننكر ذلك أن يكون أكثر شفافية من غيره في تقديم ما يسمى الأدلة على استخدام الكيماوي وأن تتعاون إدارتها أكثر من غيرها مع فريق التحقيق بدلا من الدعوة إلى اجتماعات سرية مغلقة هنا وهناك مع شركاء معروفين للعالم أجمع بأنهم شركاء في العدوان على سورية ليس الآن بل منذ بداية الأزمة.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن سورية ضد أسلحة الدمار الشامل وقدمت في مجلس الأمن عام 2003 مبادرة لإنشاء منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وليس فقط الكيماوي أو البيولوجي بل النووي بداية لكنها اصطدمت آنذاك بمعارضة من الوفد الأمريكي الذي هدد باستخدام الفيتو ضد مشروع قرارها متسائلا.. لماذا.. لأن أمريكا تاريخيا تريد أن تحفظ لإسرائيل سلاحها النووي وتمنع أي ضغط دولي عليها للتخلي عن هذا السلاح الذي يعتبر الأخطر بين أسلحة الدمار الشامل.
وأضاف الجعفري في مرحلة من المراحل كنا شركاء في مكافحة الإرهاب وأنقذنا حياة الآلاف من المواطنين الأمريكان واعترف بذلك كبار مسؤولي الإدارات الأمريكية المتعاقبة وهذا الكلام ليس في الماضي فقط فنحن حتى الآن نصر على تشجيع الجانب الأمريكي أن يكون شريكا كاملا مع الجانب الروسي في الإعداد للمؤتمر الدولي حول سورية وعندما توصل الروس مع الأمريكان للإعداد لهذا المؤتمر باركنا ذلك ولم نقل لا للدور الأمريكي.
وقال الجعفري نحن مع مساءلة من يستخدم السلاح الكيماوي ويمكن حصول ذلك عبر الآليات المتفق عليها دوليا كمجلس الأمن والمناقشات التي لا تتم إقليميا أو وطنيا بل في المجلس مشيرا إلى أن سورية كانت دائما ضد استخدام السلاح الكيماوي سواء في فيتنام أو الجزائر أو ليبيا.
وذكر الجعفري بأن الأوروبيين هم أول من استخدم السلاح الكيماوي حين فعلوا ذلك في الحرب العالمية الأولى ضد بعضهم البعض عام 1915 في بلجيكا إذ استخدمه الألمان ضد الجيش البريطاني الذي كان في معظمه آنذاك من الهنود وبعد ذلك استخدمه الفرنسيون والألمان ضد بعضهم البعض في حرب الخنادق المشهورة في الحرب العالمية الأولى كما أن إيطاليا استخدمت السلاح الكيماوي في ليبيا وإثيوبيا وفرنسا أجرت تفجيرا نوويا في الصحراء الجزائرية بمشاركة إسرائيلية على جزائريين كانوا أحياء كي يجربوا عليهم نتائج التفجيرات النووية فضلا عن أن أمريكا استخدمت السلاح النووي في اليابان والبيولوجي في فيتنام وعلى ذلك فإنه ينبغي على من يريد أن يعطي دروسا للآخرين أن يتقيد هو بمسألة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وأكد الجعفري أن هناك إثباتات قاطعة لأي شك قدمتها مجموعة دول وعواصم بما في ذلك دمشق إضافة إلى عدد كبير من الصحفيين تثبت أن الادعاء الأمريكي لا يستقيم مع واقع الحال لأن له مبرراته السياسية فقط ذات العلاقة بالجيوبولوتيك الذي يلعبون به فهم يحاربون إيران وحزب الله في سورية ويريدون اللعب بالتحالفات الإقليمية القائمة واعطاء اسرائيل اليد الطولى في المنطقة لإنشاء الشرق الأوسط الجديد.
وأشار الجعفري إلى ما نشرته صحيفة الغارديان وكررته لوس أنجلوس تايمز اليوم عن قصة التضارب في عدد ضحايا السوريين من استخدام الكيماوي كما قيل بتاريخ 21 آب فالأرقام الأمريكية التي قالها جون كيري أشارت إلى أن عدد الضحايا 1429 بينما المصادر البريطانية قالت إنهم 350 فيما صرحت المصادر الفرنسية إنهم 281 فقط.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إذا كانت هذه الدول الثلاث الشريكة في العدوان على سورية غير متفقة أساسا على وقائع ما جرى وتقدم أرقاما متفاوتة بشكل فظيع في حادثة معينة مؤسفة حول عدد الضحايا المؤلم لكل سوري أيا كانت الضحية فكيف يمكن أن نثق بنتائج تحركاتهم والخلاصات التي يقولونها حول ما جرى.
ولفت الجعفري إلى أن الوفد الروسي في مجلس الأمن قدم تقريرا علميا من ثمانين صفحة إلى أعضاء مجلس الأمن قبل شهرين وأثبت فيه أن المجموعات المسلحة بدعم من الخارج وتمويل وتسليح من الخارج هي التي استخدمت السلاح الكيماوي في خان العسل وأماكن أخرى في سورية مذكرا بأن سورية هي من طلبت من الامم المتحدة أن تحقق فيما جرى في خان العسل من استخدام للمواد الكيماوية.
وقال الجعفري إذا كنا نحن من فعلنا ذلك فكيف قفزوا فورا من حادثة جرت في خان العسل إلى ادعاءات بأن الحكومة السورية استخدمت السلاح الكيماوي في 49 حالة موضحا أن هناك عشرات الادعاءات من دول معادية لسورية منخرطة في العمل الإرهابي ضد شعبها كقطر وتركيا والسعودية وفرنسا وبريطانيا فكل هذه الدول قدمت ادعاءات تقول إن استخدام الكيماوي جرى في 49 حالة في سورية.
وتساءل الجعفري إذا كانت الممثلة العليا لنزع السلاح في الأمم المتحدة أي وكيلة الأمين العام لشؤون نزع السلاح السيدة أنجيلا كين أخبرتني شخصيا أن عددا كبيرا من هذه الادعاءات ليس ذا مصداقية ولذلك استبعدها الأمين العام من التحقيق فما هو حال المحللين والمراقبين غير المطلعين بالكامل على صحة ما يجري.
وأكد الجعفري أن الأمين العام للأمم المتحدة نفسه الذي أظهر عدة مواقف سلبية في الماضي من الأزمة في سورية يقف الآن ضد التحرك من خارج إطار مجلس الأمن مشيرا إلى أن بان كي مون قال في سان بطرسبورغ إنه ضد استخدام القوة من خارج إطار مجلس الامن وبأن الحل سياسي والذهاب الى المؤتمر الدولي حول سورية هو الإطار الأمثل وبالتالي إذا كان كي مون يقول هذا الكلام فعلى الجميع أن يفهم أن شيئا ما في الحسابات قد تغير.
وأضاف الجعفري إنه عندما تنشر صحيفة نيويورك تايمز البارحة في صفحتها الأولى وضمن مقال إيجابي صورة لإرهابيين من "جبهة النصرة" وهم يعدمون جنودا سوريين أسرى فإن هناك شيئا ما يحصل داخل دوائر صنع القرار الإعلامية والسياسية في أمريكا للفت انتباه الإدارة إلى أن هناك شيئا خطأ في الحسابات في دوائر الدافعين باتجاه العدوان.
وأوضح الجعفري أنه كلما ازدادت الأزمة سعيرا وارتفاعا توضحت الصورة في أذهان المراقبين والناس لافتا إلى أن الانقسام الذي شهده العالم بأجمعه حول ما جرى في قمة الدول العشرين هو نفسه إن لم يكن بحدة أكثر الذي يسود مجلس الأمن والدول الأعضاء في الأمم المتحدة جازما بأن نسبة المشككين فيما يسمى البراهين والقرائن التي قدمتها الإدارة الأمريكية ازدادت بوتيرة عالية ليس فقط داخل الأمم المتحدة ولكن في بعض أوساط الإعلام والرأي العام الأمريكية أيضا.
ونوه الجعفري إلى أن هناك مؤشرا مهما على ما يجري الآن في مداولات الكونغرس ومجلس الشيوخ فصحيح أن لجنة العلاقات الخارجية قد صرحت للرئيس باراك أوباما باستخدام القوة للقيام بعدوان على سورية فيما إذا قرر ذلك لكن ذلك جرى بنسبة عشرة مع وسبعة ضد وامتناع عضو واحد عن التصويت ما يعني أن التصويت كان بنسبة 50 إلى 50 بالمئة تقريبا.
وأضاف الجعفري إنه حتى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ منقسمة على نفسها وهذا مؤشر مهم جدا وحتى الآن لم تحصل الإدارة الأمريكية في مداولات الكونغرس إلا على 17 صوتا فقط من أصل المئات من أعضاء المجلس ما يعني وجود جدل محتدم داخله.
وبين الجعفري أن من يموت على الأرض هو الشعب السوري وضحايا أي عدوان أمريكي سيكون أفراد هذا الشعب والسوريون ليسوا هواة حرب ولا يدعون إليها إنما يدعون إلى التزام القانون الدولي والذهاب إلى المؤتمر الدولي حول سورية كما يدعون الدول الممولة للإرهاب إلى التوقف عن انخراطها في دعمه.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة ندعو إلى عملية سياسية بقيادة سورية وفقا لقرارات مجلس الأمن وخطة كوفي عنان والابراهيمي ومنذ البداية لم نقل لا للحل السياسي وحتى عندما طلبنا التحقيق في استخدام السلاح الكيماوي في خان العسل كان طلبنا من الأمين العام يتضمن شيئين الأول هل استخدم الكيماوي أم لا والثاني من قام بذلك ولكن الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين في مجلس الأمن رفضوا الشق الثاني من طلبنا ما يعني أنهم من اللحظة الأولى رفضوا تحديد الفاعل.
وأضاف الجعفري كحكومة سورية طلبنا أن نعرف من استخدم السلاح الكيماوي في خان العسل وأماكن أخرى وعندما أتت شواهد أخرى من القاضية ديل بونتي ومن الصحفية الروسية انستاز بوكوفا ومن التقرير الروسي ومن الصحافة الإعلامية وأخيرا من مراسلة الاسيوشيتد برس في عمان التي قالت إن بندر بن سلطان وشقيقه سلمان هما من زود المجموعات المسلحة في ضواحي دمشق بالمواد الكيماوية بدأت هذه الأمور تدور في أذهان الناس حول حقيقة ما جرى ومن استخدم السلاح الكيماوي.
وختم الجعفري: الجميع يعرف أن العدوان أيا كان فهو يستهدف الشعب السوري وأناشد أفراد شعبنا أيا كان توجههم وتقييمهم للأحداث أن يدركوا بأن الوقوف في المنطقة الرمادية مرفوض.. الشعب السوري يجب أن يعرف ويدرك أن العدوان يطول كل أفراده والصواريخ الأمريكية لن تميز بين فرد وآخر وستتوجه إلى كل ما بنيناه وإلى رأسمالنا المشترك ووطنا وهذه القصة يجب أن تكون واضحة في أذهان الجميع فشعبنا هو الذي سيدفع الثمن وكل تحليل خاطئ لما يجري الآن لن يصب في صالح أحد.
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد