الشركات الغربية تصر على نهب نفط العراق
أعلن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني امس الاثنين ان وزارته فشلت في التوصل الى اتفاق مع شركات النفط العالمية لتقديم الدعم الفني لزيادة انتاج النفط في البلاد، وكشف ان هذه الشركات العملاقة رفضت عقود “الخدمات” وتمسكت بعقود الشراكة في الانتاج، في وقت كشف مسؤولون امريكيون ان مستشارين في وزارة الخارجية الامريكية لعبوا دورا اساسيا في صياغة عقود النفط العراقية، الامر الذي يعني تضاربا في المصالح وسوء نية، بينما اكدت مصادر في واشنطن ل “الخليج” ان فضيحة تورط الادارة في ترسية العقود لصالح شركات امريكية وغربية تؤكد ان هدف الغزو الرئيسي كان الاستحواذ على اكبر احتياطي نفطي في العالم يصل الى 350 مليار برميل.
وقال الشهرستاني في مؤتمر صحافي “بدأنا منذ بداية العام الخطة العشرية وزيادة الانتاج، وذهبنا الى اصحاب الخبرة الرئيسية في العالم وعرضنا عليهم ان يقدموا الخبرة مقابل اجر”. اضاف ان “الشركات رفضت عرضنا، ويطلبون عرض المشاركة بالانتاج، لكننا لا نزال نتفاوض معهم”.
وفي الوقت نفسه، كشفت وزارة النفط عن اسماء الحقول النفطية التي ستطرح للتنافس من قبل الشركات العالمية وفق دورة التراخيص الاولى. وقال الشهرستاني “هناك ستة حقول ستطرح للتنافس من قبل الشركات النفطية العالمية ال35 بينها حقلا الرميلة الشمالي والجنوبي، وحقل غرب القرنة، وحقول البزركان وابو غرب والفكة في ميسان، فضلا عن حقلي كركوك وباي حسن، الى جانب حقلي الغاز وهما حقل عكاس وحقل المنصورية”. واوضح ان “هذه الحقول تعد من الحقول المنتجة حاليا وعليه تم طرحها لاعادة تطويرها وتأهيلها بما يضمن زيادة الانتاج وفق مخطط وزارة النفط للسنوات المقبلة”. واضاف ان “هذه الحقول تمثل القاعدة الاساسية في البلاد”، مشيرا الى انه “من المؤمل ان تسهم هذه العقود في زيادة الانتاج بمقدار مليون ونصف المليون برميل يوميا اضافة الى الانتاج الحالي والبالغ 2،5 مليون برميل يوميا” لافتا الى ان حقلي الغاز “سيسهمان بشكل كبير في توفير الغاز اللازم لتوليد طاقة كهربائية تسد حاجة البلاد منها الى جانب تصدير الفائض الى دول الجوار”.
واكد وزير النفط ان هناك 35 شركة “من اصل 120 تم تأهيلها للحصول على احد عقود تطوير حقول النفط”. وعن طبيعة العقود التي سيوقعها العراق قال “العقد النموذجي الذي سيعلنه العراق سيكون عرض خدمة وليس عقد مشاركة بالانتاج لأن العراق صاحب هذه الثروة وعليه، لا نسمح لاحد بمشاركة العراقيين في نفطهم”. واضاف “حقول الغاز سيكون التنافس عليها من قبل الشركات المتخصصة في استخراج وانتاج الغاز فقط اي لا يمكن للشركات النفطية ان تشارك في التنافس على هذه الحقول” لافتا الى انه “لوزارة النفط الحق في اعادة تشكيل الشركات “ائتلاف الشركات” لتأهيل الحقول المتنافس عليها”. وتابع “على الشركات المتنافسة ان تؤسس لها مكاتب يكون مقرها في بغداد وفي حال فوزها بأحد العقود يتوجب عليها حينها افتتاح فرع لها في العراق”.
وحول المصادقة على هذه العقود اكد ان “القرار النهائي في البت بهذه العقود سيكون من صلاحيات مجلس الوزراء العراقي” مشيرا الى ان “لجنة الطاقة في مجلس النواب ستطلع على كافة آليات ابرام هذه العقود ولا يعني ذلك ان الموافقة على تمرير هذه العقود مرتبطة بموافقة مجلس النواب”.
وتجهز الشركات الكبرى نفسها منذ سنوات على أمل النجاح في نهاية الأمر في الوصول إلى احتياطيات العراق المؤكدة التي تبلغ 115 مليار برميل وهي أكبر احتياطيات في العالم بعد السعودية وإيران، بيد ان تقريرا استراتيجيا لمصادر الطاقة في العالم اصدرته وزارة الطاقة الامريكية قبل سنوات اكد ان الاحتياطي العراقي يصل الى 350 مليار برميل.
وخمسة من بين العقود الستة قصيرة الأجل التي جرت مناقشتها هي عقد مع رويال داتش شل وآخر مع رويال داتش شل بالشراكة مع بي.إتش.بي بيليتون وثالث مع بي.بي ورابع مع اكسون موبيل والخامس مع شيفرون في شراكة مع توتال. وأجرى العراق محادثات مع كونسورتيوم يضم اناداركو وفيتول ودوم بخصوص عقد سادس قصير الأجل.
وقال يروين فان دير فير الرئيس التنفيذي لشركة رويال داتش شل اليوم الاثنين إن الشركة تحرز تقدما في محادثاتها لابرام اتفاق للاستثمار في صناعة النفط والغاز العراقية ولكنه ليس واثقا من موعد ابرام الاتفاق.
من جهة اخرى نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية امس عن عدد من المسؤولين رفضوا الكشف عن هوياتهم أن مجموعة من المستشارين الذين يقودهم فريق صغير من وزارة الخارجية هي التي ساهمت في إعداد نصوص عقود النفط العراقية. واعتبرت الصحيفة ان هذا الكشف، الذي يأتي عشية الإعلان عن العقود، هو أول تأكيد على التورط المباشر لإدارة الرئيس جورج بوش في الاتفاقات الرامية إلى فتح النفط العراقي أمام الشركات العملاقة وهو أمر يرجح أن يكون مثار انتقادات. وقال مستشارون وواحد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية إن محامي الحكومة الأمريكية ومستشارين من القطاع الخاص قدموا من خلال دورهم، كمستشارين لوزارة النفط العراقية عند صياغة العقود، أشكال عقود جاهزة واقتراحات مفصلة. الامر الذي يشير الى تأثير هؤلاء المستشارين على قرارات الوزارة العراقية.
وقال كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن فريديريك بارتون، “نحن ندعي أن النفط العراقي ليس محور اهتماماتنا لكننا لا ننفك نثبت انه كذلك”. وأضاف بارتون “نحن نقضي على مصداقيتنا من خلال ذكر مواضيع مثل السيادة في حين ان يدينا تمسك بوسط العراق”.
وتحدث مسؤول كبير في وزارة الخارجية مؤكدا ان المستشارين لم يقدموا مصالح شركات النفط وإنما تعاملوا مع وزارة النفط العراقية على انها زبون و”لا أرى مكاناً لأي تضارب في المصالح”.
واكدت مصادر امريكية ان وضع مقدرات استكشاف وتطوير حقول النفط العراقية بين يدي كبرى الشركات العالمية وهي امريكية غربية في الاساس، تمثل اولى حلقات احكام السيطرة على واحد من اكبر ثلاث مخزونات نفط في العالم. وكشفت ان مناطق غرب الفرات والانبار خضعت لاستكشاف عميق بالاقمار الصناعية منذ ،2001 ما دفع وزارة الطاقة الامريكية الى التوصل الى خلاصة مفادها ان مخزون النفط العراقي والسعودي والايراني هو الحل الامثل لتغطية احتياجات الطاقة العالمية. واشارت الى ان مخزون النفط العراقي كان اسهل الحلول لمعضلة نقص الطاقة ناهيك عن الارباح الخيالية التي يمكن جنيها، في اشارة الى قلة كلفة الانتاج.
وقالت المصادر الامريكية التي ان فضيحة تورط الادارة الامريكية في ترسية عقود النفط لصالح عمالقة النفط
حنان البدري
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد