الصحف الإسرائيلية قلقة من انتصار حزب الله
رأى المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئل، أن «انتصار حزب الله يهدد إسرائيل»، وأن ما حصل في بيروت يجب أن «يقلق إسرائيل في المدى البعيد، رغم أنه لا يفترض أن يؤثر على وضعها الأمني بشكل فوري، وأنه على ما يبدو، فإن حزب الله يعزز مكانته في الساحة اللبنانية الداخلية، ولا يسعى إلى المواجهة الفورية والمباشرة مع إسرائيل».
وأضاف هرئل أنه «على المدى البعيد، فإن ما حصل يجب أن يقلق قادة إسرائيل، ومن الممكن أن يعقّد الوضع على الجبهة الشمالية، كما من الممكن أن يبدد أحد الإنجازات المعدودة التي تفاخر بها حكومة (أيهود) أولمرت في أعقاب الحرب الثانية على لبنان، في شأن إبعاد حزب الله من جنوب لبنان، جزئياً، في إطار القرار 1701».
وتابع هرئل أن «الأهم هو ملاحظة الاستخبارات العسكرية لمدى الثقة بالنفس التي يبديها حزب الله، الذي يبدو أنه تمكن من تجاوز آثار الحرب التي اندلعت في عام 2006». وتطرق إلى وضع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، فأشار إلى أنه «بدا مرتبكاً في المؤتمر الصحافي». وأضاف أنه «للحظات كان يبدو كأنه يوشك أن ينفجر بالبكاء. وأنه رغم أن السنيورة قد بدا قتالياً بوجه خاص في بداية كلمته، وهاجم حزب الله، إلا أنه رفع العلم الأبيض في النهاية». ورأى أن «حزب الله قد سجل في الأزمة الحالية نصراً خفيفاً وسريعاً وذكياً. وفي حين أن حكومة السنيورة باتت غير ذات صلة، فإن حزب الله يعزز مكانته وقوته في لبنان».
بدوره، قال المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن «الخطوة التي قادها حزب الله رداً على خطوات السنيورة و(زعيم الأكثرية النائب سعد) الحريري كانت مدروسة، عميقة التفكير ومخططة». وأضاف أن حزب الله، ومن خلال تحقيق أهدافه، قد رسم «للحريري والسنيورة خطوطه الحمراء: أنتم لن تعرقلوا تعاظم قوّتنا وتوريدات السلاح لنا، وأنتم لن تعرقلوا مواصلة حكمنا الذاتي في لبنان. كما أن الطوق على الوزارات الحكومية جاء ليذكر الجميع هنا من هو رب البيت. حزب الله يقول لهم عملياً: أنتم موجودون فقط على الورق. ليس لديكم لا قوة ولا جيش. أنتم تعيشون على زمن مستقطع».
وبالنسبة لموقف إسرائيل مما يجري، أشار فيشمان إلى أن «إسرائيل تنظر إلى الأزمة في لبنان بعيون تعبة، وترى كيف تتبدد الإنجازات السياسية لحرب لبنان الثانية». ورأى أن «لإسرائيل اليوم مصلحتين واضحتين: الاستقرار على الحدود مع لبنان، وألا يصبح لبنان قاعدة إيرانية. هاتان المصلحتان يمكن تحقيقهما بالطريق السياسي، من خلال الحوار مع السوريين مثلاً. لكن الأميركيين لا يسمحون لنا بالحديث مع السوريين عن لبنان. هناك بالطبع أيضاً طريق عسكري، ولكنْ مشكوك فيه أن يكون أحد ما يرغب في أن يحطم القاعدة الإيرانية في لبنان بوساطة القوة العسكرية».
وقال فيشمان «إذا لم تكن هناك مفاجآت، بعد نحو سنة في الانتخابات البرلمانية، فسيسقط لبنان بيد حزب الله ليصبح مستعمرة إيرانية. نحن في هذه القصة إحصائيون فقط. فهذا ليس عام 1982، وليس لدينا أي نية أو رغبة في أن نتدخل. كما أنه ليس لدينا أي حلفاء أقوياء في لبنان، بحيث إن شيئاً لن ينفعنا». وأضاف «السنيورة والحريري يتنفسان الآن آخر أنفاسهما في التاريخ الإقليمي، وهما يعرفان ذلك. وقد وصلا إلى هذا الوضع ضمن أمور أخرى أيضاً بفضل السياسة الخارجية الأميركية المشوّهة التي تديرها كوندوليزا رايس: حظرت على السنيورة الوصول إلى حل وسط، ولم توفر له الظهر العسكري والسياسي اللازم كي يتصدى للائتلاف الإيراني ـــ السوري». وتابع «هكذا بالضبط تصرف الأميركيون مع الشيعة في العراق بعد حرب الخليج الأولى: فقد دعوهم لأن يتمردوا على صدام وعندها تركوهم لمصيرهم».
وفي السياق، رأى الخبير في الشؤون العربية، غاي بخور، أنه «مثلما في أزمة كانون الثاني 2006، عندما حاصر عشرات آلاف الشيعة سرايا حكومة السنيورة، هكذا اليوم أيضاً: رئيس الوزراء السنيورة اتخذ تكتيك الضعف. هذا هو التكتيك نفسه الذي اتخذه حيالنا أيضاً في أثناء حرب لبنان الثانية، حين انفجر بكاءً كي يمارس ضغطاً دولياً على إسرائيل».
وأضاف بخور، في افتتاحية «يديعوت أحرونوت»، أن «السنيورة هو فنان حقيقي في فهم الشرق الأوسط. فهو لم يسقط في فخ زعيم حزب الله حسن نصر الله ولم يمزق الجيش اللبناني في القتال ضد حزب الله. لو فعل ذلك، لكان نصر الله استغل هذا وسيطر على بيروت حقاً. ولكن بدلاً من ذلك، سمح لحزب الله بالدخول إلى مناطق لا تعود له. وهكذا كان نصر الله هو الذي أوقع نفسه في الفخ».
أما معلق الشؤون العربية في «هآرتس»، تسافي برئل، فرأى أن «الأحداث الأخيرة في لبنان غير منفصلة عن نتائج حرب لبنان الثانية». وأضاف أنه لا تزال إسرائيل تؤدي دور «طرف سياسي» في لبنان، في حين أن نصر الله «لا يزال يعيب على الحكومة بذلك ويوجه إليها تهماً تقول إنها متعاونة مع إسرائيل والولايات المتحدة».
وأضاف برئل «أن خطابة نصر الله في الجدل اللبناني الداخلي ليست الأمر المهم، لكنها تعرّض حزب الله مرة أخرى لا كمنظمة مقاومة بل كقوة تنافس جيش لبنان، ونصر الله كمن يسعى إلى ابتزاز الإنجازات السياسية التي يستحقها. يبدو أن نصر الله لن يهدأ ولن يستريح حتى تصرف حكومة لبنان الحالية وتأتي بدلاً منها حكومة وحدة يكون للشيعة فيها حق الاعتراض على القرارات الحاسمة».
مهدي السيد
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد