الصراع على أذربيجان: من قتل قائد سلاح الجو؟

13-02-2009

الصراع على أذربيجان: من قتل قائد سلاح الجو؟

استرعت انتباه معظم المراقبين حادثة اغتيال قائد سلاح الجو في اذربيجان رائيل رضاييف بعد ثوان من خروجه من منزله في باكو امس الاول، وما أثارته من مخاوف لجهة ان اذربيجان، رغم انها شهدت اضطرابات أمنية داخلية بين انصار الرئيس السابق ابو الفضل التشي بك وخليفته حيدر علييف، ومن ثم ابنه الهام علييف، لم تعرف عمليات اغتيال سياسي بارزة في العقود الاخيرة، بل ان رضاييف هو أعلى مسؤول سياسي او عسكري يقتل اغتيالا. ولذلك، أثار اغتياله أصداء واسعة في اذربيجان واندفع الجميع للبحث في دوافع العملية.
ورائيل رضاييف يشغل هذا المنصب منذ العام 1992 وشهد جميع المعارك العسكرية مع أرمينيا في قره باخ وبين الدولتين مباشرة. ويرى عقل اليسكير وهو رئيس تحرير صحيفة «يني تشاغ» التركية ذات الاتجاه القومي المتشدد والمهتمة جدا بالوضع في اذربيجان، ان الاغتيال سياسي، لكن المغدور كان ايضا شريكا كبيرا في قطاع تجارة المواد الغذائية. اي ان بعض التحقيقات قد تذهب في اتجاهات شخصية لكن الامر ليس كذلك، يقول اليسكير، الذي يضيف ان الاغتيال حصل في ظل وجود الرئيس الاذري الهام علييف خارج البلاد (في زيارة رسمية لقطر لمدة يوم واحد). وبالتالي قد يكون الاغتيال من صنع أجهزة استخباراتية.
ويقول اليسكير انه من غير الطبيعي ان يقتل قائد كبير امام منزله الذي يفترض ان يكون محميا من جانب القوى الامنية. وبما ان اذربيجان بلد نفطي ويقع عند تقاطعات جغرافية وسياسية واقتصادية وأمنية حساسة، فإن أصابع الاتهام ذهبت في احتمالات شتى.
صحيفة «حرييت» التركية نقلت عن مصادر روسية قولها انه قد يكون للمافيا الروسية علاقة بالاغتيال اذ ان رضاييف سعى لدى الرئيس علييف لإبطال صفقة طائرات عسكرية من طراز «ميغ» وبالفعل تم إلغاء المناقصة. ولفتت المصادر الروسية الى ان السفير الروسي في باكو فاسيلي ايستراتوف هو الوحيد من السلك الدبلوماسي الأجنبي في باكو الذي شارك في مراسم دفن رضاييف. وترى مصادر روسية واذرية ان رضاييف كان من اكثر المسؤولين تعاونا مع واشنطن ومع القوات المسلحة التركية لتحديث الجيش الاذري على الطريقة الاميركية.
وربطت صحيفة «يني شفق» التركية ايضا الاغتيال بالتقدم البارز في المحادثات التركية الارمينية الأذرية حول مسألة قره باخ. فوزير خارجية تركيا علي باباجان التقى قبل ايام في ميونيخ الرئيس الأرميني سرج سركيسيان ووزير خارجيته ادوار نالبنديان وعاد معه نظيره الاذري في طائرة خاصة مباشرة الى باكو ومن دون المرور في أنقرة لنقل التقدم الحاصل الى الرئيس الاذري علييف.
والسبب كما نقلت صحيفة «حرييت» ان باباجان قد توصل مع سركيسيان الى اتفاق مرحلي حول قره باخ قد يفتح الباب امام تطورات دراماتيكية بشأن المسألة الارمينية الأذرية كما العلاقات التركية الارمينية.
وفي تفاصيل الاتفاق ان أرمينيا تنسحب من بعض الاراضي الأذرية المحتلة مثل فضولي وأقدام وجبرائيل وقوباتلي وزنغيلان وتعيدها الى اذربيجان، كما يعود المهجرون منها إليها. وتنشأ في قره باخ ادارة موقتة تعمل على تحديد الوضع النهائي للإقليم. وبعد ان يتم ذلك، تنسحب القوات الأرمينية من بلدة كيلبيجير وتعيدها لأذربيجان. وفي المقابل، تفتح اذربيجان خطوط السكك الحديدية والبرية بين اذربيجان وأرمينيا.
ويلحظ الاتفاق ايضا نشر قوات دولية على الحدود بين أرمينيا وقره باخ على الا تكون في عدادها قوات من دول ذات صلة مباشرة في النزاع مثل روسيا او تركيا. وتشير الصحيفة الى ان هذا الاتفاق هو نتيجة جهود مكثفة بدأت منذ زيارة الرئيس التركي عبد الله غول الى يريفان في أيلول الماضي.
ولذا يمكن ان يكون الاغتيال محاولة لتخريب جهود التسوية الجديدة من جانب أطراف لا تريد تقدم المفاوضات وهذه الجهات قد تكون أذرية او أرمينية بحسب صحيفة «يني شفق»، التي ذكرت ايضا ان الاغتيال حدث قبل يوم فقط من الزيارة التي بدأها امس الخميس الرئيس التركي غول الى موسكو. وبالتالي، فإن عملية الاغتيال قد يكون الهدف منها ايضا تخريب التطور الايجابي في العلاقات التركية الارمنية، كما في العلاقات التركية ـ الروسية.
ولا تستبعد نظريات اخرى ان يكون الاغتيال جزءا من الصراع الداخلي على السلطة حيث تتسم بنية الدولة بالفساد وتمركز السلطات بيد رئيس الدولة مع نفوذ قوي ايضا للجيش.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...