الصراع على مصر
الجمل: تشهد الساحة السياسية المصرية المزيد من عمليات الاستقطاب والدفع باتجاه التفاعلات المتوترة بين قوة المعارضة والحزب الوطني الحاكم.
* العملية السياسية المصرية: أبرز التساؤلات؟
المشاهد والتقارير الواردة من مصر هذه الأيام تثير الكثير من التساؤلات حول طبيعة العملية السياسية المصرية ومن أبرزها:
• إلى أين يتجه النظام السياسي المصري: باتجاه الانفتاح على الآخر والديمقراطية أم باتجاه إقصاء الآخر والشمولية؟
• ما هي آفاق علاقات التعاون وعلاقات الصراع بين القوى السياسية المصرية خاصة القوى الإسلامية وغير الإسلامية؟
• كيف يمكن تعزيز علاقات الانفتاح نحو الآخر والتعاون بما يؤدي إلى تفادي علاقات إقصاء والإلغاء الآخر وتجنيب الساحة السياسية المصرية تهديد المواجهة ومخاطرها المستقبلية؟
* البعد الهيكلي – البنائي:
توجد في الساحة المصرية العديد من القوى والحركات السياسية التي يمكن تقسيمها إلى نوعين:
• قوى وحركات تعمل ضمن إطار الشرعية الدستورية السياسية من أبرزها حزب الجبهة الديمقراطية وحزب الكرامة وحركة كفاية والحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) وحزب الوفد الجديد وحزب التجمع وحزب الوسط وحركة الإخوان المسلمين.
• قوى وحركات سياسية تعمل خارج إطار الشرعية الدستورية السياسية من أبرزها الحزب الشيوعي المصري وحزب العمال الشيوعي وحركة الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية وحركة التبليغ والدعوة.
* البعد القيمي:
يتضمن البعد القيمي قدراً كبيراً من أنماط الخطاب السياسي المتعاكس لجهة عدم انسجام القوى السياسية المصرية ضمن جدول أعمال الحد الأدنى الممكن لتحقيق التعايش، فالإسلاميون يدفعون باتجاه مأسسة الساحة السياسية المصرية على أساس نموذج الخلافة، والليبراليون يدفعون باتجاه نموذج ديمقراطية ويستمنستر الغربية وبين هذا وذاك يقف الحزب الوطني الديمقراطي محاولاً تكريس الخطاب السياسي القائل بأنه لا يوجد أفضل مما هو موجود حالياً.
* البعد التفاعلي:
تفاعلات العملية السياسية المصرية يغلب عليها طابع الصراع والدفع باتجاه مسارين هما:
• مسار المواجهة المسلحة وهو المسار الذي تعتمده الحركات الإسلامية مثل تنظيم الجهاد وغيره.
• مسار المواجهة السياسية وهو المسار الذي تعتمده حركات المعارضة السياسية التي تتبنى الأسلوب المدني مثل حركة كفاية وغيرها.
في مواجهة هذين المسارين يقف الحزب الوطني باعتباره الواجهة السياسية المدافعة عن نظام الرئيس مبارك. ومن أبرز القضايا التي تدور حولها الصراعات والنزاعات المصرية نجد:
• ملف القضايا الاقتصادية: وهو الملف الذي ظلت دائماً تراهن عليه الحركات السياسية المصرية المعارضة لأنه يتيح لها القدرة الفاعلة في توجيه النقد الاقتصادي لسياسات نظام الرئيس مبارك إضافة إلى استخدام هذا الملف بشكل متكرر ودائم لتعزيز قدرة المعارضة في حشد الرأي العام المصري والتغلغل في الشارع المصري.
• ملف القضايا الدينية والاجتماعية: وهو الملف الذي ظلت تراهن عليه الحركات الإسلامية المصرية والتي تتمتع حالياً بمزايا وفرصة استغلال المؤسسات الدينية المصرية كالأزهر والجمعيات الدينية وغيرها من الأدوات التي أثبتت قدرتها في التأثير على الرأي العام المصري الذي تسيطر عليه بالأساس المشاعر الإسلامية العميقة.
• ملف القضايا السياسية: وهو الملف الذي يتضمن الكثير من الملفات الفرعية مثل العلاقات المصرية – الإسرائيلية، والعلاقات المصرية – الأمريكية، ودور مصر في قطاع غزة وموقف مصر من الأزمة اللبنانية، ليضاف إلى كل ذلك ملف الإصلاح السياسي المصري.
وبرغم اختلاف مواقف القوى السياسية من هذه الملفات وما يترتب عليها من احتقانات واستقطابات في الساحة السياسية المصرية فقد ظلت دائماً تشكل مصدر صداع مزمن لنظام الرئيس مبارك، وكلما حاول هذا النظام التحرك على خط أحد هذه الملفات كلما برزت المعارضة الساخنة أمامه، وعلى سبيل المثال لا الحصر كلما تحرك النظام في مسار العلاقات المصرية – الإسرائيلية كلما تزايدت عمليات الجماعات الإسلامية.
* محور واشنطن – إسرائيل ومحاولة إدارة الأزمة المصرية:
تقول التسريبات الواردة بواسطة مراكز الدراسات الاستراتيجية والسياسية الأمريكية بأن واشنطن تبذل قصارى جهدها من أجل تفادي انهيار النظام المصري الحالي، وتقول المعلومات بأن الجهود الأمريكية جارية على قدم وساق من أجل رعاية المزيد من الحوار والتفاهم بين الحزب الوطني الديمقراطي وأحزاب المعارضة المصرية غير الإسلامية من أجل:
• تعزيز التزام قيادات هذه الأطراف بضرورة التحالف وبناء علاقات التعاون.
• إعادة هيكلة المعايير التي تحكم العلاقات بين هذه الأطراف.
• التأكيد على احترام الآخر ضمن أرضية المشاركة السياسية السلمية.
وتشير المعلومات والتسريبات إلى أن بعض مراكز الدراسات الأمريكية ومن بينها معهد السلام الدولي تقوم بإعداد بعض البرامج التي تتضمن توصيات تهدف إلى معالجة الأزمة السياسية المصرية الحالية وذلك بما يتضمن:
• تقوية مصداقية التحالفات السياسية المصرية – المصرية.
• إشراك الأجيال الجديدة في مجالات القيادة.
• الاتفاق على حل الخلافات بالوسائل التوافقية.
وعلى هذه الخلفية تقول التسريبات بأن أمريكا ستسعى لمطالبة نظام حسني مبارك برفع حالة الطوارئ وتخفيف القيود على تشكيل الأحزاب السياسية إضافةً إلى العديد من المطالب الإضافية الجديدة التي ينظر لها الأمريكيون باعتبارها ضرورية لإنجاز عملية الإصلاح السياسي، وتقول التعليقات بأن نظام حسني مبارك يراهن في بقائه على فرض قانون الطوارئ بشكل مستمر وبالتالي إذا استجاب النظام للطلب الأمريكي برفع حالة الطوارئ فعلى ماذا سيراهن نظام مبارك في بقائه في السلطة؟
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد