الطب البديل مرة يصيب ومرات تخيب خارج الرقابة وبلا ترخيص
فرجت وكنت أظنها لن تفرج..تجربة لن أعيدها, وأنصح الجميع بعدم الإقدام عليها..مصاريف لا نهاية لها, وأمل لم يتجاوز حدود الوهم..رحلتي مع الأطباء والمختبرات طالت, وفي النهاية كان الغذاء الصحي هو الحل.
آراء لأناس خاضوا تجربة الطب البديل كحل أخير لمعاناتهم مع آلام يئسوا من حلها في عيادات الأطباء المختصين, وعلى مبدأ (آخر الطب الكي) فإن لم يشفوا فإنهم لن يخسروا المزيد, لكن يبدو أن البعض لم يسعفهم الحظ, وخسروا فعلاً, إما المال بدفعهم آلاف الليرات ثمناً لوصفات ما أنزل الله بها من سلطان, أو فقدانهم لما تبقى في جسدهم من عافية, وهذا طبيعي طالما أن الجهات الوصائية غائبة لا تحرك ساكناً أمام حاجة المجتمع لضبط سوق ما يسمى بالطب البديل, ومعظم ممتهنيه ممن وجدوا فيه تجارة رابحة, وغير مكلفة لأن الأمر بنظرهم بسيط جداً ولا يحتاج سوى عودة بالذاكرة إلى مطبخ الجدات ونصائحهن, وقراءة بضعة كتيبات عن المساج والتدليك والطاقة لمعالجة من يقصدهم الأمر الذي أساء لأصحاب الخبرة والاختصاص, إن وجدوا, في هذا المجال, والأخطر إلحاق الضرر بمرضى غرر بهم وهم كثر.
مرات تخيب
السيدة (س.أ) عمرها 25 سنة أصيبت قبل ثلاث سنوات ب(ليمفوما هوتشكن متصلب العقد) وكان رأي الأطباء بضرورة إجراء جراحة ثم الخضوع لعلاج كيماوي وأشعة وفعلاً التزمت برأيهم, لكن بعد أخذي الجرعة الأولى تعرفت على السيد (م.أ.ر) صاحب أحد مراكز العلاج بالغذاء الصحي الذي ساعدني بداية نفسياً برفع معنوياتي وقدرتي على هزم المرض, بعدها بدأنا رحلة العلاج الغذائي وجلسات الطاقة دون الانقطاع عن العلاج الطبي والجرعات.
تتابع السيدة (س.أ) قائلة: بداية لم أكن مقتنعة بالأمر لكن قبلت خوض التجربة انطلاقاً من مقولة (الغريق يتعلق بقشة) ولم أندم لأنني والحمد لله شفيت وهذا ما أثبتته التحاليل وتقارير الطبيب المشرف على علاجي, وإن كان العلاج الكيماوي ساهم بنسبة 60% فالغذاء والطاقة ساهما بنسبة 40% وبالتالي النتيجة جاءت لمصلحتي 100% بعون الله, ورزقت بعد سنتين من شفائي بطفلي الأول, والآن لدي طفل رضيع, وحالياً وضعي مستقر وهو ما تؤكده الصور والتحاليل التي أجريها باستمرار بناء على طلب الطبيب ولا أزال ملتزمة بالغذاء الصحي الموصوف لي من قبل المعالج السيد (م.أ.ر) ومتأقلمة معه وأشعر من جرائه براحة كبيرة.
السيد (أ-ج) عمره 62 سنة موظف متقاعد: شكواي فرط تعرق شديد راجعت على إثرها الكثير من الأطباء وأجريت العديد من الفحوصات وكان الجواب بأن الحالة هي رد فعل طبيعي للجسم ولا يوجد أي خوف منها, لكن الإشكال بالنسبة لي هو ما كنت أعانيه من حالة نفسية سيئة جراء هذا التعرق الذي يتسبب بابتلال ملابسي ويضطرني للعودة إلى المنزل إضافة لانعكاسها على همتي ونشاطي جراء فقداني للسوائل وعدم توازن الشوارد لدي, لذلك عندما سمعت من أحد أصدقائي عن مركز العلاج بالغذاء قصدته لإيماني بأنه مهما كانت نتائجه مزعجة تبقى أقل وطأة من الإحراج الذي أعيشه. وبالفعل بعد شهرين من التزامي بالنصائح الغذائية تخلصت من المشكلة وعدت طبيعياً وأكثر همة ونشاطاً, لذلك أقول لا مانع من لجوء المريض لمعالجين بالغذاء عندما يعجز الطب الأكاديمي عن تقديم الحل شرط مراقبة الدولة لهم لأن شهرة بعض العاملين بهذا المجال شجع بعض المحتالين لدخولها.
المريض (م.ع) العمر 58 سنة تاجر:زيارتي لأحد المعالجين بالماكيروبيوتك كانت بناء على اقتراح صديق لي سمع عن إنجازات هذا الطبيب وقدرته على معالجة العديد من الأمراض المزمنة والمستعصية التي عجز عنها حسب قوله الطب الحديث كالسرطان من خلال التداوي بنظام غذائي نباتي إلى حد ما, وبالفعل استطاع إقناعي بأن شفائي محقق 100% الأمر الذي جعلني أتفاءل كثيراً, لكن الصدمة جاءت بعد شهر ونصف من العلاج عندما أجريت بعض التحاليل والصور التي كانت نتيجتها مخيبة لأملي حيث أكدت تدهور صحتي بشكل كبير رغم التزامي بالنظام الموصوف لي بشكل دقيق وتأكيد الطبيب المعالج شفائي التام خلال شهرين.
ويضيف السيد (م.ع) قائلاً: حتى مادياً لم يكن الأمر سهلاً فالزيارة الأولى معاينتها 1000 ليرة لتليها عشرات الآلاف ثمن وصفات التغذية, الآن لا أملك إلا تقديم النصح للجميع بعدم اللجوء لهؤلاء الناس وهذا النوع من العلاج بل التوجه إلى العيادات المختصة فالطب الحديث تطور وتقدم وإن كان الطب البديل ينفع لحالات معينة فإنه لا يفيد حالتي لذلك لابد من وجود جهات وصائية تتابع هؤلاء وتشرف على أدائهم.
ثبت فيما بعد أن المريض مصاب بالسرطان لذلك كيف يمكن لمعالجي الطب البديل تأكيد الشفاء لزوارهم وزرع الأمل بنفوسهم إن كانوا هم لا يعلمون حقيقة الإصابة ومدى إمكانية معالجتها.
الشابة (ك.ع) طالبة جامعية مريضة سكر أطفال: تصف تجربتها قائلة: إنها أمر من الأعشاب التي تناولتها لمدة ثلاثة أشهر بعد زيارتي لأحد المختصين بالطب البديل والذي طلب إيقاف الإنسولين المسؤول عن استمرار حياتي لكن والداي رفضا, لم أكن مقتنعة بأنني سأشفى وفعلاً كل ما بذلته من مجهود لم يأت بنتيجة بل دخلت في غيبوبة, ولولا وعي أهلي وإسعافي للمشفى لكنت الآن في عداد الموتى.
وترى (ك.ع) أن التجريب بالناس ليس شطارة وعلينا أن نعي بأن أطباء العالم أجروا العديد من التجارب لشفاء هذا المرض ولم يفلحوا فكيف سيفلح العطار لذلك على المرء أن يتأقلم مع مرضه وأنا الآن آكل كل شيء لكن باعتدال ودون إفراط وأنصح كل من يعاني أمراضاً كمرضي ألا يجازفوا بحياتهم.
بديل عن ماذا؟!
الطب الذي مارسه الأجداد منذ آلاف السنين ليطبقه الغرب ويدرسه, يعود اليوم إلينا تحت اسم (الطب البديل) ليمتهنه أناس معظمهم غير أكاديميين بل هواة تحولوا إلى محترفين يسترزقون منه, فما هو الطب البديل, وما حقيقة ما يمارس في مراكزه التي كثر انتشارها في بلدنا؟
الدكتور يوسف حتحوت - اختصاصي أنف, أذن, حنجرة: يرى أن لكل حضارة طبابتها, فبعضها يعالج بالنباتات, بالتغذية, بالأدوية,بالجراحة, بالضغط, أما ما يمارس اليوم في بلدنا تحت اسم الطب البديل فأضع أمامه إشارة استفهام كبيرة, وأرفض هذه التسمية لأن لكل شيء بديله, ففي الطب التقليدي من يتحسس من دواء نحيله لآخر, والأهم أن معظم ممارسيه في بلدنا غير مؤهلين وهنا يكمن الخلل الذي يدفع ثمنه المريض عندما ترتكب بحقه الأخطاء, وأحياناً يمكن أن يسيء لصحته لعدم معرفته بكيفية التعامل مع النباتات والأعشاب خاصة السام منها والتي لم تثبت فعاليتها.
السيد محمد أبو راشد خبير التغذية والطاقة: يعتبر اختصاصه وما يقدمه لمراجعيه لا يتجاوز حدود اتقان الطبخ الصحي, أو بمعنى آخر توجيه الناس إلى الأسلوب الصحيح للتغذية وقاية من الأمراض, وما التهويل والتخويف من الطب البديل برأيه إلا خشية الأطباء أن نحل مكانهم علماً أننا نكملهم ولا نتناقض معهم, وما أمارسه شخصياً يستند إلى الطب النبوي والتراث الشعبي.
ابتزاز أم علاج؟
السيد ياسر قصار خريج معهد متوسط هندسي, المفارقة مدهشة لذا سألناه عن الرابط بين الاختصاصين, وكان الجواب بأن دافعه لدخول هذا الميدان معايشته لمرض أخته وما عانته من الشقيقة وآلامها منذ الطفولة, إضافة لحالات أخرى ضمن العائلة الأمر الذي حفزه للبحث عن أسبابها وطريقة علاجها, وكان التجريب الذي تبعه نجاح باهر بمجال لم يسبقه إليه أحد.
والاكتشاف باختصار كما يوضحه السيد قصار يعتمد على العلاج من خلال العمود الفقري بدءاً من أول فقرة رقبية وانتهاء بآخر فقرة عصعصية, وذلك بتحديد الفقرات المعنية وعلاقتها بأعضاء الجسم, وعليه تتم معالجة الكثير من الحالات المستعصية, وغالباً ما تكون النتائج غاية في الأهمية ونسبة الشفاء عالية بناء على حالات كثيرة موثقة لديه حسب قوله.
الدكتور بسام منصور المجاز بالأمراض العصبية من الاتحاد السوفييتي يعتبر أن فشل الطب الأكاديمي في علاج الكثير من الأمراض المستعصية جعل الأطباء يبحثون عن البديل, علهم يجدون الوسيلة العلاجية القادرة على حماية المريض من مخاطر الأدوية, وإبعاده عن مبضع الجراح.
ومثل هذه العلوم تظهر مرة واحدة كل بضعة قرون, بعض الناس ظن أنها مجرد تقليد لبعض طرق الطب الشرقي بسبب التشابه الظاهر بينهما, إلا أنها تتداخل مع فروع الطب كافة لتسد بعض النقص فيه, الأمر الذي يؤدي إلى رفع كفاءة طرق العلاج بالطب الشرقي, وتحقيق نجاحات أكبر, كما تفيد الطبيب الأكاديمي بالتعرف على حقيقة بعض الحالات المستعصية وتحل لغزها.
ويجزم الدكتور منصور بأن الجديدة ستدخل أبواب العلم عاجلاً أم آجلاً, والخلاف على التفسير لا يحسم النقاش, بل يحتاج إلى مركز بحث ودراسة متمعنة ومستفيضة, والطريقة أثبتت نجاحها بعد علاج مئات الحالات, ونسب الشفاء العالية التي حققتها, ولا يعارضها إلا من جهلها, والتاريخ شهد كثيراً ممن عارضوا اكتشافات جديدة ثم أصبحت من الركائز الأساسية في العلم, وكلنا يذكر كيف عارض الجميع (غاليليو) واتهموه بالهرطقة وحكم عليه بالإعدام لأنهم كانوا يجهلون أن الأرض تدور حول الشمس (مع الفارق الكبير بين عالم ومدعٍ لم يثبت حتى اليوم صحة ما يقدمه).
الأداء السيئ
الكلام عن طريقة علاجية مدهشة مدعماً بشهادات لمرضى يفترض أننا التقيناهم في أحد المراكز مصادفة ولاسيما لطالب طب في السنة قبل الأخيرة كما عرف بنفسه والذي شفي من ارتفاع ضغط شرياني, وفرط التعرق, وإسهال وظيفي, أدهشنا فكنا بين مصدقين و... الأمر الذي تداولناه مع زملائنا في العمل, وكانت النتيجة ذهاب إحداهن بصحبة قريبة لها إلى المركز وكلها أمل بأن الشفاء سيكون على أيديهم, لكن المفاجأة كانت إصابتها بأذية نفسية, وآلام حادة الأمر الذي اضطرها لإجراء صورة شعاعية للاطمئنان, وزيارة لطبيبة مختصة بأمراض المفاصل والروماتيزم, أكدت للمريضة بأنها ليست الأولى التي تردها إثر زيارة ذلك المركز الذي سبق وأغلق بالشمع الأحمر حسب ما أكده لنا أكثر من مصدر.
القصة انتهت لكن الأخطاء على ما يبدو مستمرة طالما أن هناك جهات معنية مصرة على تجاهل واقع يذهب ضحيته مرضى اعتقدوا بأن ما يمارس في بلدنا وتحت تسميات مختلفة هو فعلاً طب بديل لاابتزاز ونفاق, والأخطر غياب الضمير المهني لأطباء أكاديميين أقسموا اليمين لكنهم يرفضون المساعدة لفضح حقيقة هؤلاء المدعين, كما حصل معنا عندما حاولنا الالتقاء بالطبيبة المعالجة للحالة التي استشهدنا بها تحت مبررات مختلفة.
السيد نقيب أطباء سورية الدكتور أحمد قاسم عند سؤاله عن رأيه بهذه التجربة أكد على ضرورة نشرها لأنها ستكون أبلغ تأثيراً بالمتلقين من أي كلام يمكن أن يصدر عن أي جهة بشأن الطب البديل المطبق في المراكز المنتشرة لدينا دون تراخيص رسمية.
خيراتها
(إذا مرضت فاذهب إلى الطبيب, وادفع له أجره لأنه يجب أن يعيش, وخذ الدواء الذي يكتبه لك واصرفه عند الصيدلي لأنه هو أيضاً يجب أن يعيش, لكن عندما تعود إلى المنزل ارمِ بأدويتك في المهملات لأنك أنت أيضاً يجب أن تعيش).
مثل صيني استشهد به الدكتور يوسف حتحوت ليبين من خلاله أحد أسباب اللجوء إلى التداوي بالأعشاب, وهو ما تلحقه الأدوية من أضرار بمتناوليها, لأن الدواء سلاح ذو حدين, ويكفي أن نقرأ النشرات المرفقة مع كل عبوة دوائية لمعرفة المضاعفات, والتأثيرات الجانبية لها, كي ندرك أهمية الضرر الآخذ في الازدياد والسبب كثرة الأدوية الموجودة بين أيدينا, والمشكلة بأن الضرر لا يقتصر على حدوث أعراض جانبية بسيطة, كالتحسس والغثيان بل قد تصل أضراره في بعض الحالات لأبعد من ذلك, وعندها يصبح من الضروري إدخال المريض إلى المستشفى نظراً لخطورة المضاعفات التي قد تكون مميتة أحياناً, وتفيد الدراسات الفرنسية الحديثة أن نسبة الاستشفاء بسبب الأضرار الدوائية تقدر ب 10- 20%, وبعد عشرات السنين من اعتماد الخلاصات المفيدة من الأعشاب والنباتات دخلنا نحن في سورية هذا الميدان, فحالياً لدينا ما يقارب ال/16/ معملاً للأدوية النباتية, ومنها حشيشة الجيكو التي قاومت القنبلة الذرية.
السيد محمد أبو راشد انطلاقاً من اختصاصه يؤمن بأن اتباع الغذاء الصحي كفيل بجعل الإنسان يستغني إلى حدٍ ما عن الدواء, لذلك يدعو الجميع إلى الاعتدال بتناول طعامهم بعيداً عن الأغذية المهرمنة والمسمدة, والوجبات السريعة التي باتت موضة هذا العصر خاصة لدى شبابنا وأطفالنا الذين لا يروق لهم تناولها إلا مع الكولا رغم كل ما تحمله من مخاطر كبيرة, ولهذا على ما يبدو كان معظم رواد المركز من النساء والسبب كما أوضح السيد أبو راشد أن المرأة هي المعنية بشؤون الأسرة ومطبخها, وبالتالي ستكون أقدر على تهيئة الوجبات الصحية لعائلتها.
دون تراخيص
آرمات منارة وأخرى خُطت بشكل جميل تدلك على أن هناك مركزاً للمعالجة بإحدى طرق الطب البديل تحت تسميات مختلفة, أما أصحابها فيعالجون قاصديهم دون ترخيص رسمي, خشية على المهنة من الدخلاء يناشدون وزارة الصحة النظر بأمرهم ومنح الترخيص للقادرين منهم ليمارسوا عملهم حسب الأصول وتحت رقابة المعنيين.
السيد محمد أبو راشد بتقديره 99% من ممتهني الطب البديل لا يملكون ترخيصاً أما مركزه فحائز على ترخيص من محافظة دمشق للمكان فقط, ويتمنى على وزارة الصحة منح التراخيص للمستحقين فقط نظراً لمجافاة من تبقى للعلم, ويطمح لتشكيل نقابة تجمع كل ما هو صحيح لتصبح الخطوات في هذا المجال علمية وبإشراف هيئات مسؤولة ومنفتحة عليه الأمر الذي سيفسح المجال لفتح قنوات اتصال بين الطب التقليدي والبديل بإقامة الندوات والمؤتمرات للحوار والتعرف على كل جديد لديهم. ويضيف قائلاً: من رعى ندوات عن الحجامة والتبرع بالأعضاء ليس بعاجز عن تثقيف الناس وتعريفهم بالطب البديل بدلاً من تركهم تائهين بين هذا المركز وذاك.
السيد قصار يرى أن تجربته تستحق الوقوف عندها, والبحث فيها ومناقشتها مع ا لمعنيين والمهتمين للوصول إلى ثوابت علمية مقنعة تدرج وتندرج في قواميس الطب والعلم أو المعرفة على أقل تقدير, لذا نأمل من وزارة الصحة منحنا التراخيص اللازمة لممارسة عملنا, وتشكيل فريق من الأطباء لمناقشتنا بكل جديد توصلنا إليه.
أهل الاختصاص
الدكتور معن حيدر مدير الاختبارات وتعادل الشهادات في وزارة الصحة, يرى أن الحل الأمثل لهذا الأمر يكون بتشكيل لجان تضع معايير علمية لتقييم تجارب العاملين في حقل الطب البديل, وبناء عليها تتم غربلة ممتهني هذا الاختصاص, واقترح على ممارسيه التقدم بطلبات خطية للجهات المعنية ليصار على ضوئها تشكيل لجان التقييم وحينها فقط يتم الاعتراف بهم. وأكد د. حيدر على ضرورة توضيح ماهية الطب البديل, ومعرفة حقيقة خبرات العاملين فيه وشهاداتهم, والجهة المانحة لها, وإن كانت صادرة عن مؤسسات تعليمية خارجية فهل هي معترف بها عالمية أم ممارستهم للعمل مجرد تراكم خبرات? علماً أنه من الصعوبة بمكان, الاعتراف بالخبرة فقط لأننا بالنهاية نتعامل مع العلم فقط وما أثبته من حقائق أكدتها إحصائيات دقيقة, لذا يتوجب على خائضي غمار هذا الطب تقديم إحصائيات معدة وفقاً لأسس علمية تؤكد نجاعة أدائهم من خلال بيان حال المريض قبل وبعد العلاج وذلك على ضوء تقارير رسمية دقيقة, ليتم عرضها على مختصين.
ويضيف مبيناً أنه على ضوء ما سبق يمكن تشكيل لجنة للاختبار مطلعة على التجارب العالمية بهذا الاختصاص لتقييم خبرات وتجارب المتقدمين, لأن صدور أي قانون لا يتم إلا بناء على وجود نسبة مطالبة لا بأس بها, وللأسف لم يتقدم أحد من هؤلاء للوزارة بطلب ترخيص باستثناء رجل في الثمانين من عمره يمارس المهنة أباً عن جد وبرأيه هذا كافٍ, أما نحن فمعيارنا الوحيد الشهادة العلمية أولاً, وعموماً نحن لسنا ضد الطب البديل شرط ممارسته وفق أسس وضوابط علمية.
الدكتور أحمد قاسم - نقيب أطباء سورية: أشار بداية أن الطب البديل في الدول المتقدمة يسمى بالتكميلي وبرأيه هذه التسمية هي الأفضل لأنه فعلاً مكمل للطب الأكاديمي المبني على البحث العلمي والإحصائيات, وعموماً لا يوجد لدينا في سورية طب بديل, ومن يتصدون له أناس لا علاقة لهم بالطب أو أطباء غير مرخص لهم بممارسة هذا النوع من العلاج, وبالحالتين الأمر مخالف للقانون ويعد استهتاراً بأرواح الناس الذين يلجؤون إليه.
ونوه أن الطب البديل لا يدرس في الكليات المختصة بجامعاتنا, لذا نأمل أن يدخل ضمن مناهجها ليقدم للمجتمع بشكل أكاديمي موثق وليكون له مرجعياته, ويخضع للبحث العلمي عندها حتماً سيعترف به من قبل وزارة الصحة وسواها.
وعن دور النقابة في ردع المخالفات المرتكبة بافتتاح مراكز غير مرخصة أكد د. قاسم أن النقابة تقوم بتوجيه تعاميم لفروعها بضرورة التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة على صحة المواطنين والتي تنطوي على كثير من الاستغلال لصاحب الحاجة, ولاسيما المصابين بأمراض مستعصية, وهناك تعاون مع وزارة الصحة باعتبارها الجهة التنفيذية القادرة على إغلاق تلك المراكز من خلال مراقبيها الصحيين المنتشرين في المحافظات كافة.
وأضاف مبيناً أن النقابة وحرصاً على المواطنين ستقوم بعقد ندوات تثقيفية, لتعريفهم بواقع الطب البديل الممارس في بلدنا والأخطاء المرتكبة من قبل ممارسيه كي لا يكونوا موضع ابتزاز, وليسلكوا السبيل الأمثل المرتكز على البحث والعلم بعيداً عن تجارب تعتمد على اجتهادات شخصية يكونون فيها حقل اختبار, فوجود قلة مؤهلة قادرة على ممارسة هذا النوع من العلاجات لا ينفي تجاوزات ترتكب من قبل الغالبية.
لقطات ازدواجية
بدعوة من وزارة الصحة ألقى الباحث محمد أبو راشد محاضرة في علم التغذية, وتم اختياره - حسب قوله - لإيمانهم بأنه لا يلغي الآخر أي - الطب التقليدي - بل يكمله, فضلاً عن أنه يعمل بمنطق وعلم, طالما القناعة متوفرة لماذا إذاً لم تمنح الوزارة أي ترخيص حتى الآن?!
وهم
الحليب وهم الحضارات الإنسانية قول ل (هيرمان أهيرا) رئيس مؤسسة جورج أوشارا الميكروبيوتيكية واعتبره رقاً جديداً لا بل خرافة ويلائم العجول فقط.
مشكلتنا مع الطب البديل أنه ينسف كل ما تراكم لدينا من ثقافة غذائية رضعناها مع الحليب الخرافة.
عمّرنا لنخرب
مشكلتنا ليست في الغذاء الصحي على أهميته, لأنه لا جدوى من تنظيف أجسادنا إن كنا نستنشق هواء نسبة التلوث فيه تجاوزت الحدود المسموحة عالمياً بعشرات الأضعاف, إذاً ماذا نأكل ونشرب? وماذا نتنفس? نحن أمام مشكلة والحلول غير موجودة.
عذر أقبح من...
أحد المعنيين برر التقصير وغياب الرقابة بأنه لم تأتهم أي شكوى من قبل أي مريض راجع مركزاً للطب البديل, وبالتالي لا يمكنهم اتخاذ أي إجراء.
اللجان موجودة
اللجان المشتركة بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء لمراقبة مراكز الطب البديل والأطباء العاملين بهذا المجال وضبط المخالفات موجودة لكنها غير مفعلة, ربما أسوة بغيرها من اللجان في باقي مؤسسات ووزارات الدولة.
تحقيق :عبير ونوس - فادية مصارع
المصدر : الثورة
إضافة تعليق جديد