العالم يدقّ أجراس الميلاد وسط دعوات لإحلال السلام والإستقرار
أضفى عيد ميلاد السيد المسيح (ع) على العالم اليوم جواً من الفرح، وسط كمّ من الأحداث السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد.
فقد بدأ المسيحيون في العالم أمس الإحتفال بعيد الميلاد، ففي الأراضي المقدسة، تحديداً في مدينة بيت لحم مهد المسيح، دعا بطريرك القدس للاتين المونسنيور فؤاد طوال الى "السلام والإستقرار والأمن في الشرق الأوسط". وأقام المونسنيور فؤاد طوال قداس منتصف الليل، داعياً في عظته الى"المصالحة في سورية ومصر والعراق وشمال افريقيا". وسبق أن أعرب طوال خلال رسالته للميلاد الأربعاء الماضي عن "قلقه من خروج المسيحيين من الشرق الأوسط بسبب عدم الاستقرار السياسي بعد الثورات الشعبية التي أنهت عقوداً من الديكتاتوريات في مصر وتونس وليبيا".
وتحدث طوال عن توجه الفلسطينيين مؤخراً للأمم المتحدة مطالبين بعضوية كاملة في المنظمة الدولية "على أمل التوصل الى حلّ عادل للصراع وبنية العيش في سلام وأمن مع جيرانهم الذين يطلبون منهم العودة الى عملية سلام فاشلة تركت طعماً مراً من الوعود المنكوثة وعدم الثقة".
كما شدد طوال في رسالة الميلاد على تمسكه بقرار الفاتيكان الداعي الى حلّ الدولتين مع حل قضايا الأمن والحدود. وقد توافد عشرات الالاف من المسيحيين منذ فجر أمس الى بيت لحم للاحتفال بعيد الميلاد. وبدأت فرق الكشافة بالسير في المدينة بعد الظهر في مسيرة الميلاد السنوية حيث ستقام العديد من الحفلات الموسيقية وترانيم الميلاد في أهم حدث سياحي سنوي في الأراضي الفلسطينية.
بيت لحم المحاطة بجدار الفصل العنصري تحتفل بالميلاد
من جهته، قال رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة "هذه هي مدينة بيت لحم، نحن نقول إن عيد الميلاد مميز لأننا نحتفل بعيد ميلاد الأمل، الأمل للشعب الفلسطيني في أن يحصل على حقه في الحياة على هذه الأرض المقدسة، حقه بإنشاء دولته الديمقراطية الحرة على أرض فلسطين". وأضاف بطارسة أن الجدار حول مدينة بيت لحم حوّلها إلى "سجن كبير"، موضحاً أن" بيت لحم محاطة بهذا الجدار العنصري، وهناك اثنين وعشرين مستوطنة اسرائيلية على أراضي بيت لحم".
كما أكد مدير معهد إدوارد سعيد للموسيقى في بيت لحم خليل الياس إن "التعاون والتآلف بين الطوائف بكاملها موجود منذ القدم، ولا فرق بين طائفة غربية أو شرقية، فالجميع يشارك بهذه الاحتفالات سواء كان من الطائفة الغربية أو الشرقية"، مشيراً إلى أن الاحتفالات هذا العام اقتصرت على الطقوس الدينية، نظرا لضيق الحال والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون جراء الجدار الفاصل الذي تقيمه إسرائيل حول المدينة، والذي يسلبهم أرضهم وحياتهم".
لبنان يحتفل بالميلاد..والبطريرك الماروني يدعو إلى إصدار قانون عفو بحق من فروا إلى فلسطين المحتلة
رأى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الميلاد أننا "نكون صانعي سلام عندما نعزز الوضع الإقتصادي والمعيشي ونحد من الفساد، وعندما نحلّ النزاعات ونجري المصالحات". وشدد الراعي على أنه "على الدولة أن تخضع كل المهام الأمنية والدفاعية للسلطة السياسية وتعزز الثقة بقواها المسلحة والسلام هو ثمرة العدالة".
وأكد الراعي أن "السلطة القضائية يجب أن تنعم بالإستقلالية التامة وتؤمن لها الحصانة والحماية وتحترم أصول التقاضي الضامنة لإعطاء كل ذي حق حقه والقادرة على وضع حد للظلم والإستضعاف والإجرام"، لافتاً الى أننا "نحن نتطلع الى عدالة عندنا ومحاكم يزينها قضاة يتميزون بالشجاعة والنزاهة والكرامة". ولفت الراعي الى أن "لا بد من جمع شمل اللبنانيين وإصدار قانون عفو لمن اضطرتهم الظروف القاهرة للجوء والفرار الى إسرائيل قسرا وقهرا وخوفا".
مسيحيو العراق يصلون لإحلال السلام..وإلغاء للقداديس الليلية
احتفل مسيحيو العراق صباح اليوم بعيد الميلاد وسط دعوات لإحلال السلام، عقب تعرض البلاد لهجمات دموية وأزمة سياسية. وفي كنيسة سيدتنا للقلب الأقدس شرق بغداد، تجمع مئات المصلين للمشاركة في قداس صباحي استمر لحوالى ساعة ونصف الساعة، وسط تجمع لسيارات الشرطة وآليات للجيش لتأمين الحماية للمصلين. وأكد أسقف الكلدان في بغداد شليمون وردوني في العظة إن "المؤمنين المسيحيين لديهم مخاوف ككل العراقيين"، موضحاً أنهم " يشعرون بأن السلام مفقود، وكذلك الأمن، لذا فإنهم يتوجهون الى حيث يستطيعون العيش بسلام".
وتابع وردوني "لا نوافق على ذلك ولا نريدهم أن يغادروا، لكنهم يقولون لنا إذا قررنا عدم الذهاب، فهل تضمنون لنا سلامتنا وعملنا ومستقبلنا". وأضاف وردوني "نحن لا نستطيع أن نضمن سلامتنا، فكيف نضمن سلامتهم، الحكومة ايضاً لا تستطيع أن تضمن سلامتهم، فكيف نضمن نحن سلامتهم هذه هي المعضلة الأساسية". وذكر الأسقف أنه يريد لأبرشيته "أن تصلي لكل العراق حتى يصبح أكثر هدوءاً وأكثر سلاماً وأكثر اختلاطاً وتحاوراً بين السنة والشيعة والمسيحيين". والغى وردوني قداساً كان من المفترض أن يبدأ عند منتصف ليل السبت الأحد، وذلك بسبب المخاوف الأمنية عقب تفجيرات الخميس التي أدّت إلى مقتل ستين شخصاً في أنحاء بغداد.
وفي كركوك، ألغيت ايضاً القداديس التي كان من المفترض أن تنعقد عند منتصف الليل. وقال رئيس أساقفة كركوك والسليمانية للمسيحيين الكلدان المطران لويس ساكو لفرانس برس "نحن قلقون من الوضع الأمني".
بابا روما يدعو إلى اعطاء زخم متجدد لبناء الصالح العام
ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر الاحد في عظة الميلاد الى "انهاء اعمال العنف" في سورية والى "استئناف الحوار بين الاسرائيليين والفلسطينيين".
ودعا "كل اطياف المجتمع" في الدول العربية التي تشهد تحولات اجتماعية وسياسية الى المشاركة "لاعطاء زخم متجدد لبناء الصالح العام في دول شمال افريقيا والشرق الاوسط".
وفي سورية أعياد الميلاد في سورية تقتصر على الصلاة
اقتصرت الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد عيد ميلاد السيد المسيح رسول المحبة والسلام على الصلاة دون معايدات نظراً لما تمر به سورية من أحداث وإكراماً للشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم تراب الوطن حيث أقامت الطوائف المسيحية في سورية اليوم القداديس والصلوات بهذه المناسبة في الكنائس وأماكن العبادة.
ففي كاتدرائية مار جرجس للسريان الأرثوذكس بدمشق أقيم قداس كبير ترأسه قداسة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم يعاونه لفيف من المطارنة والأساقفة والكهنة وجوقة البطريركية وجوقة طلاب كلية مار افرام اللاهوتية.
وألقى البطريرك عيواص عظة العيد تحدث فيها عن المعاني السامية لهذه المناسبة العظيمة مؤكداً أن عيد الميلاد هو ميلاد السلام وبدء العمل بميثاق المصالحة بين السماء والأرض حيث ابتدأ بميلاد السيد المسيح عهد النعمة والرحمة والحنان والحق والمغفرة.
وقال عيواص إن رسالة السيد المسيح هي رسالة السلام التي أرسى دعائمها الحقيقية بين الإنسان وأخيه كما أرسى السلام الداخلي في الإنسان سلام الضمير الذي يجسد انسجام إرادة الإنسان مع إرادة الله والتحرر من الآثام والعمل بشريعة الله.
ودعا غبطته الله أن يتغمد شهداء الوطن برحمته الواسعة وأن يحفظ سورية وقائدها وابناءها من كل خطر وشدة وضيق وأن يحمي جيشنا السوري المقدام معربا عن ثقته بأن وعي الشعب السوري الأبي المؤمن بوحدته الوطنية المتينة سيجلي في القريب العاجل الغيمة السوداء القابعة على صدر الوطن. كما أقيم قداس كبير في الكنيسة الإنجيلية الوطنية بدمشق ترأسه القس بطرس زاعور الرئيس الروحي للكنيسة وعاونته جوقة تراتيل الكنيسة.
وقال القس زاعور ان ذكرى الميلاد تمر هذه السنة وسورية تتعرض لأبشع مؤامرة مرت بها في تاريخها قوامها البغضاء والقتل والخداع مضيفاً أن بلدنا ككل بلدان العالم يحتاج إلى إصلاحات وإجراءات للقضاء على الفساد الأمر الذي تنبه له قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد منذ البداية وعمل صادقاً على تحقيقه حيث خطت القيادة خطوات جيدة للانتقال بوطننا وشعبنا إلى مستويات الكرامة الذاتية والمنعة والحداثة في الوقت الذي نعد فيه العدة لنستعيد أرضنا السليبة ونبني اكتفاءنا الذاتي.
وبين زاعور أن استياء أعداء الانسانية من كون سورية بلد العيش الواحد والمحبة والوئام والإخاء دفعهم إلى التآمر عليها مستغرباً من إعطاء حكام الظلم والاستبداد دروساً في الديمقراطية وحقوق الانسان ومستنكرا دعوة بعض الفئات الدول الغربية إلى احتلال سورية والتحالف مع العدو الإسرائيلي الغاصب.
وأكد القس زاعور أن مستقبل سورية يقرره شعبها الأبي الذي حدد موقفه وخياره في الوقوف مع قيادته ورفضه لكل أشكال التدخل الخارجي في شؤونه مستنكراً التفجيرين الإرهابيين اللذين قامت بهما الأيدي الآثمة وأديا إلى سقوط العشرات من الشهداء وجرح المئات من المدنيين والعسكريين.
وقال الرئيس الروحي للكنيسة الانجيلية الوطنية بدمشق إن مثل هذه العمليات لن تثني الشعب السوري عن إصراره و تمسكه بالوحدة الوطنية و بكرامته وقيادته الحكيمة ضد هذه المؤامرة الشنيعة التي تستهدف الشعب السوري بأجمعه ودعا الله أن يتغمد برحمته أرواح الشهداء الذين سقطوا بيد الغدر والظلم والإرهاب وأن يشفي الجرحى وأن يحفظ سورية آمنة مستقرة و صامدة في وجه المحن.
وقرأ القس صموئيل حنا رئيس السينودس الانجيلي الوطني في سورية ولبنان بيان السينودس الذي أدان فيه التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا بدمشق يوم الجمعة الفائت مؤكداً أن السينودس قد هاله هذا العمل الاجرامي الشرير اللاإنساني الذي أودى بحياة عدد كبير من أبناء الوطن.
وقدم السينودس التعازي القلبية لأسر الشهداء داعياً جميع الشرفاء في الوطن والعالم أجمع إلى معالجة هذه الظاهرة البعيدة كل البعد عن أخلاق الشعب السوري وأن يعمل الجميع لتضميد الجراح ومن أجل تحقيق العدالة والسلام لسورية وكل بلد تظهر فيه مثل هذه الاحداث المؤلمة.
وفي كاتدرائية الروم الملكيين الكاثوليك في حارة الزيتون بدمشق أقيم احتفال ديني كبير منتصف الليل ترأسه سيادة المطران جوزيف العبسي النائب البطريركي العام بدمشق يعاونه لفيف من الكهنة حيث قامت بخدمة الاحتفال جوقة الكاتدرائية.
وألقى المطران العبسي عظة العيد تحدث فيها عن المعاني السامية لميلاد السيد المسيح ورسالته العظيمة لبني البشر.
وقال إنه لا خوف على الاستقلال لأنه بأيدينا ومن عملنا وهذا الاستقلال ليس تحرراً من الأجنبي فحسب وانما هو تحرر من البغضاء والعصبية والرفض للآخر وهو تحرر من العنف والتدمير والفقر والتخلف والجهل مضيفاً أن الاستقلال المنشود يتطلب تغييرا في العقلية بحيث يكون الوطن هو القيمة والغاية إضافة إلى ضرورة أن يكون عملاً مستمراً لا يتوقف إنما يصنعه كل سوري في كل يوم.
واعتبر أن هذا النوع من الاستقلال ممكن إذا توفرت النية والإرادة داعياً أصحاب النيات الطيبة وذوي الإرادات الحسنة إلى تضافر الجهود من أجل سورية موضحاً أنه إذا ما عاد كل سوري إلى أصوله وتاريخه وحضارته وإيمانه فلا بد أن نيته طيبة وإرادته حسنة.
وقال المطران العبسي.. على هذه النية ترفع الصلاة في عيد الميلاد المقدس ونصلي الى رب السلام من اجل بلدنا الغالي سورية وكل مواطن ومسؤول فيه ومن أجل جيشنا الباسل وجميع حماة سورية وكل سوري يعمل بإخلاص لسورية ومن أجل شباب سورية الذين هم مستقبلها و حصنها الدائم والذين سقطوا وقدموا دماءهم فداء للوطن ولاسيما الذين قضوا بالأمس بيد الارهاب الغاشم البغيض.
وأضاف..نصلي من أجل ذوي الأرحام الذين سقطوا لكي يلهمهم الله تعالى الصبر والسلوان لأن دم شهدائنا الزكي هو بذار لسورية ولأن كل شهيد هو حبة الحنطة التي دفنت في الأرض لتحيا سورية.
وقال المطران العبسي إن حزننا وألمنا على الدم السوري الغالي منعانا من إشعال أنوار العيد وشموعه إلا أن أبناءنا الشهداء أبوا في ليلة العيد إلا أن يشعلوها بدمائهم لذلك نحن نعتبر أن شموع العيد لم تنطفىء بل قد أشعلت بنور هؤلاء الذين غمرتهم أنوار السماء باستشهادهم.. هم الذين حولوا نار الغدر والإرهاب إلى نور الوفاء والمحبة فلهم نقدم هذا العيد.
المصدر: المنار+ سانا
إضافة تعليق جديد