الكآبة مرض العصر في دول الاتحاد الأوروبي
أكدت أحدث دراسة طبية أعدها مؤخرا البروفيسور التشيكي يرجي رابوخ المتخصص في علاج الأمراض النفسية أن اليأس والإحباط وفقدان الإرادة والطاقة ومن ثم الانتحار هو ما ينتج عن مرض الكآبة المزمن في حال إهمال علاج هذا المرض.
وتشير الدراسة إلى أن نحو 20 مليون أوروبي من دول الاتحاد يصابون به كل عام, وحوالي مليونين من إجمالي عدد سكان التشيك البالغ 10.3 ملايين نسمة يرفضون البوح أو التوجه إلى العيادات النفسية من أجل علاج أمراضهم النفسية التي تلعب الكآبة دورا مهما فيها, الأمر الذي يجعل البلاد تحتل المراتب الأولى عالميا في عدد المنتحرين سنويا.
فعلى سبيل المثال راجع حوالي 35 ألف تشيكي مصاب بالاكتئاب الأطباء النفسيين عام 2005 أما العام الماضي فقد تضاعف العدد ليصل إلى 95 ألف شخص, وهو ما لم تشهده البلاد مثيله من قبل.
أما في دول الاتحاد الأوروبي فإن التقارير الرسمية تشير إلى أن تكاليف العلاج للمصابين بأمراض الدماغ مثل الصرع والحالات النفسية تصل إلى حوالي 250 مليار يورو سنويا, الأمر الذي يجعل ثمن علاج الأمراض النفسية في الدول المتقدمة -حسب تقرير المنظمة العالمية للصحة- يتجاوز ثمن علاج بعض الأمراض الأخرى مثل السرطان وأمراض القلب التي أصبحت عادية ويصاب بها الأغلبية.
وحسب تعريف رابوخ للكآبة فإن هذا المرض هو حالة نفسية وفيزيولوجية تبدأ بشعور المصاب بالحزن والضيق والمزاجية الفارغة وقلة النوم والاستيقاظ المبكر, أو العكس مثل الإسراف في النوم وفقدان الوزن بشكل ملحوظ بعد فقدان الشهية ورد الفعل العصبي, بالإضافة إلى عدم القدرة على التركيز وإصابة الذاكرة بالخلل مثل النسيان, وبالتالي الانطواء وعدم مشاركة الآخرين أي انعزال المريض وانطوائه على نفسه بشكل كامل.
وحسب فايل بافلوفسكي المختص في علاج الأمراض النفسية في براغ فإن أسباب الإصابة بالكآبة حتى الآن غير معروفة, لكن الإنسان بطبيعة الحال ومن خلال أسلوب حياته معرض لهذا المرض وبدرجات متفاوتة.
وقديما كان يتعرض لمثل هذا المرض الأشخاص في عمر الثلاثين ونادرا ما يصب به الأطفال, أما اليوم فإن هذه الحالة الاستثنائية أصبحت عادية ومقلقة ويصاب بعض الناس بها حتى في سن الـ17 حسب ما يقول هذا الطبيب.
وأضاف بافلوفسكي أن هذا المرض قابل للشفاء عندما يثق المريض بطبيبه ويستجيب للإرشادات الطبية التي تلعب الدور الرئيس في علاجه مثل إعطائه في بعض الحالات الشديدة الأدوية المضادة للمرض. أما في الحالات البسيطة فإن الأمر قد يقتصر على الجلسات النفسية ويمكن دمج الحالتين أحيانا لتكون النتيجة أفضل.
ويجب على الأهل والأصدقاء التواصل مع المريض بشكل دائم وعدم تركه وحيدا ومراعاة وضعه النفسي مثل تجنب توبيخه ومساعدته بكل ما يسره ويدخل السعادة إلى نفسه حتى وإن رفض ذلك.
وحسب آخر التقارير الرسمية التي تبين الفرق بين المصابين بهذا المرض في الغرب ومجمل الدول العربية فإن النسبة في العالم العربي أقل رغم الوضع الاقتصادي المتدني. وهنا يقول بافلوفسكي عن هذه الحالة إن الوضع الاجتماعي وعامل الدين يلعبان دورا أساسيا في تجنب الإصابة بهذا المرض.
ومعروف أن الروابط الاجتماعية مفككة في الغرب, حيث تتقدم رفاهية المواطن على حساب الأسرة وروابطها.
أسامة عباس
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد