الكتب المدرسية المستعملة موجودة في حقائب الطلاب رغم منع توزيعها

مع بداية العام الدراسي، تواجه الطلاب وذويهم مشكلتان، الأولى تتمثل في البرنامج اليومي الذي، وكما جرت العادة، يحتاج إلى جلسات وجلسات من قبل المعنيين في المدارس ليتم إعداده وترتيبه من دون أي اهتمام بالكتب والدفاتر التي يضطر الطلاب لوضعها يومياً ضمن حقائب تعجز أجسامهم النحيلة عن حملها وتحمل ثقلها الذي يكسر الظهر ويشتت الفكر.. أما القضية الثانية فهي تتعلق بالكتب المهترئة والمستعملة التي يتم تسليمها للطلبة من دون النظر لما يحمله داخلها من «شخبطات» وكتابات وزخارف وخطوط مرسومة بدقة حيناً، وبعشوائية في أحيان أخرى حسب مزاج الطالب السابق طبعاً وطريقة دراسته.

فيما مضى من السنوات، كان الأهل يتوجهون نحو المكتبات العامة، رغم تذمرهم، لشراء الكتب الجديدة التي تحضر هناك على الرفوف وبأعداد كبيرة، بينما تسجل غياباً غير مبرر عن رفوف وطاولات المكتبات المدرسية! أما اليوم، وفي ظل الغلاء الفاحش وضيق الأحوال المادية، فإن معظم الأسر تعجز عن الشراء وعلى الطالب أن يسكت ويدرس في الكتب المستلمة من قبل المدرسة حتى لو كانت تعمي البصر والبصيرة، وأمام واقع يتكرر في كل عام تساؤلات عدة تطرح نفسها: من المسؤول عن وجود كتب ممزقة وفي حالة يرثى لها في المدارس، لماذا لا يتم تغريم الطالب أو اتخاذ إجراء بحقه كنوع من العقوبة ربما تشكل خطوة من خطوات الحل لهذه المشكلة القديمة المتجددة، التي عدّها المدير العام لمؤسسة المطبوعات والكتب المدرسية زهير سليمان  قال ، إنها قضية مجتمعية وعلى الأهل والمدرسة لعب دور فعال فيها من خلال تكاتفهم مع بعضهم لتعليم الطلاب وتدريبهم على كيفية المحافظة على كتبهم وعلى حقائبهم لأنها تعد انعكاساً لشخصيتهم، فالعمل التربوي عمل متكامل أركانه الطالب والكتاب والهيئة التعليمية والأسرة، مشدداً على عدم سكوت الأهل والطالب عند استلام أي كتاب مهترئ أو قديم، فتعليمات وزارة التربية وخطة المؤسسة العامة للطباعة تقول: إن على إدارات المدارس عدم تسليم كتب بحالة سيئة إلى الطالب مهما كانت الظروف أو الأسباب، لأن ذلك يؤثر في مستواه التعليمي أو يكلفه أعباء مالية، ونحن خطتنا تهدف إلى عدم شراء كتب إلا في حالات خاصة كالطالب المهمل أو الطلاب الأحرار.

مشاهدات

كلام المدير العام لمؤسسة المطبوعات والكتب المدرسية، حقيقة، يثلج الصدور، ولكن للأسف فأرض الواقع تنبئ عن وجود حالات استلام وتسليم كتب بحالة سيئة، فمن خلال مشاهدات عدد من النسخ التي تم تسليمها للطلاب ومنهم طلبة الصف التاسع، والكل يعلم ما لهذا الصف من أهمية وخصوصية، رأت أن الكتب الجديدة «ابنة السنة» كما يقال أي المطبوعة حديثاً، قد وجدت طريقاً إلى حقائب عدد كبير من الطلاب، لكن رافقها وللأسف عدد من الكتب بما فيها كتب الأنشطة لمادتي اللغة الانكليزية والفرنسية، مستعملة ولا تصلح للدراسة فيها أو حتى النظر إليها، فهي بحاجة إلى ورشة تنظيف وتلزيق لتعود صالحة للاستعمال مرة ثانية!! الأهل أمام هذه المشكلة انقسموا إلى فريقين، الأول: لم يسكت- وهم قلة- وطالب بحقه فحصل على ما يريد، أما الثاني فكان الصمت سيد الموقف لديه وبدأ بإيجاد حلول إما لجهله بالقانون وإما لقناعته بأن للـ «واسطة» والمحسوبيات دوراً حتى في توزيع الكتب المدرسية، أما إدارات المدارس وأمناء المكتبات الذين عزو أسباب استلام كتب مهترئة من الطلاب القدامى إلى ضيق الوقت قبل الامتحان ، فقد تحدثوا عن معاناتهم عند توزيع الكتب في كل عام، مبينين حرصهم على تسليم أحسن الموجود للطلاب ومعبرين عن أسفهم عند تسليم أي طالب كتاباً بحالة سيئة ولكن وكما قالوا «ما باليد حيلة» فالجود من الموجود، وأعداد الكتب الجديدة لا تكفي الجميع.

الكتب المستعملة أعدادها قليلة

جهل الأهل بالقوانين، وأسف المعنيين في المدارس لم يلق استحسان المدير العام لمؤسسة المطبوعات والكتب المدرسية زهير سليمان، الذي أكد أن الدولة لم تتوقف خلال سنوات الحرب عن مواكبة العلم وتطوراته، وعلى الرغم من الظروف التي تمر فيها، فهي لا تزال تعمل على طباعة الكتب في كل عام ودعمها وتقديمها مجاناً للطلبة وفق آليات وخطة محددة، فآلية توزيع الكتاب المدرسي منذ عشرات السنين وليس البارحة أو بسبب الظروف الراهنة تعمد إلى تسليم الطلاب من الصف الأول وحتى الثالث الابتدائي نسخة كاملة من الكتب الجديدة، والسبب في ذلك هو البعد التربوي، فالطالب في بداية تعليمه وهو بحاجة للترغيب الذي يمكن أن تلعب جمالية الكتاب ونظافته دوراً مهماً فيه، أضف إلى ذلك أن طالب هذه الصفوف لم يعتد بعد كيفية المحافظة على الكتاب المدرسي، أما من الصف الرابع وحتى الثالث الإعدادي فيتم توزيع الكتاب المدرسي لعام آخر ما عدا كتب الأنشطة والتدريبات، علماً بأن المؤسسة تعمل على طباعة الكتب حسب الحاجة وهي لا توزع كتباً قديمة حتى إن تلك الكتب لا تدخل على قيودها ومستودعاتها، فهذا الأمر منوط بالإدارات المدرسية التي عليها اختيار الكتب الجيدة وتوزيعها على الطلاب مع بداية العام الدراسي.. وأضاف سليمان: لقد تمت معالجة هذه المشكلة خلال السنوات الماضية بإصدار تعاميم من وزير التربية والتعليم مضمونها آلية الحفاظ على الكتاب المدرسي، وكان لتلك التعاميم نتائج ايجابية، ومن جراء شكاوى الأهالي أن الكتب في المدارس حالتها غير جيدة، تم تشكيل لجنة لدراسة الكتب خلصت إلى أن الكتب التي توزع بأعداد الطلاب أي من الصف الأول وحتى الثالث الابتدائي بقيت كما هي، وأضيفت إلى الخطة الطباعية الكتب التفاعلية أي الكتب التي يوجد لها تطبيقات عملية تفرض على الطالب تدوين الحل عليها والكتب التي حملت عناوين جديدة، وتالياً فإن الكتب من الصف الأول وحتى التاسع أصبحت توزع بنسبة 80% كتباً جديدة، ولذلك فإن الكتب المستعملة أصبحت أعدادها قليلة، وسابقاً ولاحقاً نقول: يجب على الطالب عدم استلام كتاب ليس بحالة جيدة، ونحن نقوم بطباعة كميات كافية من الكتب لتعويض الكتب التالفة، أما بالنسبة للطالب الذي يتلف كتابه المدرسي ويسلمه إلى المدرسة بحالة سيئة فهناك تعليمات صارمة وواضحة تغرم ذلك الطالب بقيمة الكتاب المدرسي، مستنكراً سؤالنا عن عدم تطبيق ذلك القرار في المدارس رغم وجوده.

ورداً على سؤالنا عن قيام المدارس بتوزيع كتب الأنشطة المستعملة، أفاد سليمان: في كل عام نطبع كتباً جديدة للأنشطة، لأن هذه الكتب لا توزع إلا لعام واحد، وعند تسليمها للطالب قديمة أو مستعملة عليه القيام بالشكوى، فهذه الحالة أعود وأؤكد- إن وجدت- فهي تعد حالة فساد والسكوت عنها لا يحل المشكلة بل يزيدها تفاقماً، ونتمنى تحديد الحالة لنقوم بمراقبتها ومعالجتها وقمعها بشدة، علماً أننا، وخلال جولاتنا، نقوم بمعالجة الشكاوى مباشرة، وعن الفائدة المرجوة من تسليم الطالب هذه الكتب إلى المدرسة في نهاية العام أوضح سليمان: لأنها تباع بالكيلو وهي تؤمن ريعاً مادياً للمدرسة.

مراكز البيع الإفرادي ليست لطلبة المدارس

وعن وجود الكتب الجديدة في مراكز البيع الإفرادي وعدم توافرها في المدارس بيّن سليمان أن آلية التوزيع تتم وفق منحيين الأول نسبته 99،9 من الخطة الطباعية توزع على فروع المؤسسة في المحافظات، ومن ثم تقوم الفروع بتوزيعها على مستودعاتها المنتشرة في كل المحافظة، وهذه المستودعات تعمل على تقديم الكتاب وتسليمه إلى مجموعة المدارس الموجودة ضمن المنطقة أو البلدة أو التجمعات المدرسية، ما يعني أن 99% من الخطة الطباعية توزع في المدارس، أما مراكز البيع الإفرادي فهذه موجودة لحالات خاصة كطالب فقد كتابه أو للطلاب الأحرار وليست لطلبة المدارس، حتى طلبة المرحلة الثانوية عليهم ألا يتوجهوا إلى مراكز البيع تلك بل الشراء من مدارسهم، لأن الدولة تعمد إلى تأمين الكتب لهم ودعمها بنسبة تصل الى 100% لطلبة التعليم العام و 300% للتعليم المهني لأن أعدادهم قليلة.

ليختتم سليمان حديثه بالتأكيد أن الكتاب المدرسي هو درة ما تقدمه وزارة التربية من فكر وعلم وتربية إلى الطلاب، ورغم الظروف التي نمر فيها، فالوزارة عملت على تطوير المناهج وتمت إضافة علوم جديدة وكتب جديدة إلى الخطة، وهذا الأمر يجب أن يقابله الطلاب بالاستفادة من هذه العلوم، وبالمحافظة على الكتاب المدرسي، أما المدرسون وأمناء المكتبات والهيئة التعليمية فعليهم تطبيق قرارات وبلاغات الوزارة المتعلقة باستلام وتسليم الكتاب المدرسي، وتخصيص وقت للحديث مع الطلاب وذويهم عن كيفية الحفاظ على الكتاب ليبقى بحالة جيدة ويستفاد منه في الأعوام القادمة، فالعمل المنظم لا بد من أن يؤدي إلى نتائج جيدة تعود بالخير على الطالب وأسرته ومدرسته ووطنه.

تشرين