المعراوي: نستقبل يومياً نحو 5 حالات معظمهم لا يعلمون مصير أهلهم
لم تستطع إحدى الفتيات أن تضبط دموعها حينما طلبت من القاضي الشرعي إذن سفر إلى لبنان لتلتحق بأخيها الذي سافر في بداية الأزمة وحينما سألها القاضي عن أهلها بحكم أنها لم تبلغ السن القانونية سبقت دموعها جوابها بأنها فقدت أهلها في منطقة منبج في ريف حلب ولم تعلم مصيرهم إلى الآن.
حاولت أن أفهم من الفتاة بعض الأمور عن كيفية فقد أهلها بعد الانتهاء من معاملة إذن السفر إلا أنها امتنعت للوهلة الأولى إلا أنها قالت إن والديها على الأرجح في عداد الموتى على حين إن إخوتها سواء الذكور أم الإناث لم تعلم عنهم شيئاً لكن هناك شائعات أنهم فقدوا بعد خروج العصابات المسلحة من المدينة.
وأضافت الفتاة: إنها تعيش عند أحد أقاربها في دمشق وخلال سنة كانت تبحث عن أهلها إلا أنه لا توجد معلومات مؤكدة عن مصيرهم.
قصة هذه الفتاة هي واحدة من الكثير من القصص التي حدثت لأطفال فقدوا أهلهم ما دفعهم إلى البحث عمّن يساعدهم ولو «بشق تمرة» إلا أن الحال ضاقت بهم فكان السفر الخيار الأمثل لهم لعلهم يجدون في المغترب من يعطف عليهم.
وأعلن القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي أن المحكمة تستقبل يومياً ما بين 2 إلى 5 أطفال دون السن الثامنة عشرة من المناطق الساخنة يطلبون أذونات سفر لأسباب أهمها أنهم لا يعلمون مصير أهلهم، مشيراً إلى أن البعض منهم هربهم أهلهم من تلك المناطق حفاظاً على حياتهم.
وقال المعراوي: إن الكثير منهم استطاع الخروج من المناطق الساخنة رغم الحصار ولجؤوا إلى أقاربهم بدمشق ومن ثم السفر إلى أقاربهم خارج البلاد كاشفاً أن معظم الحالات التي تراجع المحكمة من ريف حلب.
وبيّن المعراوي أن الأطفال الذين راجعوا المحكمة أنواع منهم من لم يعلم مصير أهله ومنهم هرب بعلم أهله باعتبار أن تلك المناطق لم تعد آمنة مؤكداً أن المحكمة تتعامل مع كل حالة على حدة.
وأضاف المعراوي: إن الطفل إذا تجاوز السابعة عشرة وقارب سن 18 سنة نعتبره كما نص القانون أنه مأذون في أعمال معينة ومنها مراجعة الهجرة والجوازات للحصول على جواز سفر للسماح له بالسفر إلى أقاربه بمفرده.
وبيّن المعراوي أنه في حال كان الطفل قاصراً ولم يعلم مصير أهله ولجأ إلى أحد أقاربه فإن المحكمة تتثبت من صدق كلامه سواء بالشهادة بأن أهله مجهولو المصير أم عبر سماع الأشخاص الذين لجأ إليهم الطفل باعتبار أنهم من المرجح أن يكونوا من بلده.
وأكد المعرواي أنه في حال ثبتت مصداقية كلام الطفل فإنه يمنح موافقة السفر أو يتم تعيين الشخص الذي لجأ إليه الطفل وصياً عليه لإيصاله إلى أقاربه خارج البلاد.
من جهته أكد أستاذ كلية الحقوق وعضو مجلس الشعب محمد خير العكام أن حالات الأطفال الذين فقدوا أهلهم في ازدياد للنزوح القسري نتيجة الأعمال الإرهابية في المناطق الساخنة مؤكداً أن الكثير من الأطفال سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً لجؤوا إلى المناطق الآمنة للبحث عمن يعطف عليهم كما أن هناك البعض منهم بقي في الشوارع.
وشدد العكام على ضرورة تطوير المنظومة القانونية الخاصة بهذا الموضوع في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مشيراً إلى مشروع قانون الرعاية البديلة الذي من الممكن أن يكون أحد الحلول لاحتواء هؤلاء الأطفال الذين فقدوا أهلهم.
وبيّن العكام أن مشروع القانون تضمن إحداث مؤسسات رعاية للأطفال الذين فقدوا أهلهم، مؤكداً أن التأخير في صدوره نتيجة خلاف بعض الوزارات مع وزارة الشؤون الاجتماعية على بعض المواد الواردة فيه.
وأضاف العكام: إن المشكلة تتعلق أيضاً بالفتيات اللواتي بلغن السن الخامسة عشرة وما فوق وفقدن أهلهن، مؤكداً أنهن معرضات لكل أنواع الابتزاز ومن ثم فإنهن عرضة لضعفاء النفوس وهذه من آثار الحرب التي ظهرت في سورية.
وأكد العكام أنه ما دام هناك حرب في سورية فإن حالات الأطفال الفاقدين لأهلهم ستزداد ولا سيما في المناطق التي شهدت نزوحاً كبيراً هرباً من العصابات المسلحة، مشيراً إلى أن هناك تأخيراً من الحكومة في احتواء مسألة هؤلاء الأشخاص وهذا ما دفع بالعديد منهم إلى السفر خارج البلاد.
محمد منار حميجو
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد