المعطيات النظرية في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب (1-2)
الجمل: يشير مصطلح الحرب ضد الإرهاب، بمعناه الحالي، إلى عملية دولية تقوم بتنفيذها الدول الغربية الرئيسية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، بهدف القضاء على خطر الإرهاب في النظام الدولي المعاصر.
• المدخل السياسي الأمريكي العام:
برغم أحاديث ومزاعم الإدارات المختلفة منذ فترة الرئيس رونالد ريغان حول دول الشر وخطر الإرهاب، إلا أن البداية الفعلية للحرب ضد الإرهاب، برأي المحللين، قد بدأت بجلسة الكونغرس الأمريكي التي أعقبت هجمات الحادي عشر من أيلول، والتي قال فيها الرئيس جورج دبليو بوش تحديداً بأن (حربنا على الإرهاب تبدأ بالقاعدة، ولكنها لن تنتهي بها، بل سوف لن تتوقف حتى يتم التبين والتحقق من أن كل جماعة إرهابية في العالم قد تم إيقافها وهزيمتها). وأضاف بوش قائلاً: (سوف نتتبع ونتعقب البلدان التي تقدم الدعم والملاذ الآمن للإرهاب. وعلى أي بلد في أي منطقة أن يتخذ الآن قراره. إما أن يكون معنا أو ضدنا، ومن الآن فصاعداً، أي بلد يأوي أو يدعم الإرهاب، سوف يعتبر بواسطة الولايات المتحدة بلداً معادياً.
• التعريف القانوني:
في سابقة غربية من نوعها، اعتمد القانون الأمريكي تعريفاً للإرهاب، يتميز بطابعه العالمي العابر للحدود، على نحو يتخطى دائرة اختصاص السيادة الأمريكية، ويمارس الكثير من التعدي والانتهاك لا لسيادة الدول الأخرى فحسب، بل وللقانون الدولي المعتمد بواسطة المجتمع الدولي، وذلك لأن تعريف القانون الأمريكي للإرهاب، أسبغ على القانون السيادي الداخلي الأمريكي طابعاً قانونياً دولياً.
يقول التعريف القانوني الأمريكي للإرهاب، بأنه يتمثل في:
(....الأنشطة التي تتضمن العنف...-أو الأفعال المهددة للحياة- التي تشكل انتهاكاً لقوانين الولايات المتحدة أو أي بلد ويبدو أنها تهدف إلى: (i) تقصد أو إرغام السكان المدنيين (ii) التأثير على سياسة الحكومة عن طريق التهديد أو الإرغام أو (iii) التأثير على سلوك الحكومة بواسطة الدمار الشامل، أو الاغتيال، أو الخطف، على المستوى المحلي: بحدوث ذلك ضمن نطاق الاختصاص القانوني على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى المستوى الدولي: عندما يحدث ذلك خارج نطاق الاختصاص القانوني للولايات المتحدة الأمريكية..).
وعلى أساس اعتبارات هذا التعريف الإجرائي بـ(الحرب ضد الإرهاب) والتي تحدث عنها الرئيس بوش قائلاً: (الحرب ضد الإرهاب الحالية تشبه الحرب الباردة التي تم تجميدها. وهي –أي الحرب ضد الإرهاب- كفاحاً أيديولوجياً مع عدد يحتقر الحرية ويسعى للغايات الشمولية.. وأؤكد بأنني سوف أستخدم كل قوة الضرب والترويع التي لدينا من أجل كسب الحرب ضد الإرهاب. وتبعاً لذلك أقول بأننا ماضون في الحملة المستمرة ذات الجانبين: الأول: الإمساك بالعدو وتقديمه للعدالة، وأخذ التهديدات على محمل الجد. والثاني مهاجمتهم في أماكنهم وإيقاع أقصى العقوبات بهم..).
التعريف الإجرائي الذي قدمه القانون الأمريكي، الذي أعدته جماعة المحافظين الجدد ووافق عليه مجلس النواب والكونغرس الأمريكي، كان تعريفاً شكّل السند الرئيسي للإدارة الأمريكية في اعتماد سياسة تدخلية تعتمد القوة والعنف والإملاءات الوحيدة الاتجاه إزاء دول العالم الأخرى، على غرار مبدأ الذي ليس مع الإدارة الأمريكية فهو ضدها.
أهداف واستراتيجيات الإدارة الامريكية:
أعلنت إدارة بوش بأنها أسست استراتيجية مكافحة الإرهاب، تحقيقاً لعدة خطوات، هي:
• القضاء على الإرهابيين ومنظماتهم.
• التعرف على الإرهابيين وأماكنهم، وتدميرهم معاً بجانب القضاء على منظماتهم.
• عدم السماح برعاية ودعم وإيواء الإرهابيين.
- إنهاء رعاية الدولة للإرهابيين.
- وضع وإبقاء معيار دولي للمحاسبة يتعلق بمحاربة الإرهاب.
- تقوية واستدامة الجهد الدولي لمحاربة الإرهاب.
- العمل بجانب الدول الراغبة والقادرة.
- تقوية وتمكين الدول الضعيفة.
- تشجيع الدول المترددة.
- إرغام الدول غير الراغبة.
- منع وإعاقة الدعم المادي للإرهابيين.
- استئصال المأوى والملاذات الإرهابية.
• القضاء على الظروف والأوضاع الجوهرية التي يسعى الإرهابيون لاستغلالها.
- التشارك مع المجتمع الدولي من أجل تقوية الدول الضعيفة ومنع ظهور الإرهاب.
- كسب معركة الأفكار والآراء.
• الدفاع عن مواطني ومصالح الولايات المتحدة في الداخل والخارج.
- وضع وتقفي استراتيجية وطنية لأمن الوطن الأم.
- الوصول الى حالة الوعي والاحتراز الكامل.
- تعزيز الوسائل والإجراءات من أجل تأمين كامل البنيات التحتية المادية والمعلوماتية الضرورية في الداخل والخارج.
- تنسيق الضوابط والجهود من أجل حماية المواطنين الامريكيين في الخارج.
- تأمين القدرة المتكاملة على إدارة المواقف.
واستناداً إلى هذه الخطوات، قام خبراء إدارة بوش بوضع وصياغة ورقتين استراتيجيتين، باعتبارهما تشكلان الاستراتيجية الأمريكية للحرب العالمية ضد الإرهاب، والورقتان هما:
- استراتيجية الأمن القومي: ركزت على اعتماد خيار الضربة الاستباقية ضد الإرهاب.
- استراتيجية مكافحة الإرهاب: ركزت على نشر الديمقراطية باعتبارها الترياق المضاد للإرهاب.
المعطيات النظرية في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب: تقييم عام
بات واضحاً أن التحديدات النظرية والعملية التي تبنتها وانتهجتها الإدارة الأمريكية حول الإرهاب، ومكافحة الإرهاب، كانت تحديدات تتسم بالتحيز وعدم التوازن، في كل ما يتعلق بالمعايير الاستراتيجية الرئيسية:
- الهدف: غير محدد.
- الموضوع: كل ما يخالف توجهات الإدارة الامريكية داخل وخارج أمريكا.
- الدافع: معارضة أمريكا.
- المقترف للفعل: كل من تعتقد الإدارة الأمريكية بأنه خصم أمريكا.
- الشرعية والقانونية: القانون والدستور الأمريكي يعلو على القانون الدولي داخل وخارج أمريكا.
كذلك فقد اعتمدت الإدارة الأمريكية استخدام رد الفعل المفرط القوة لا إزاء أعدائها وخصومها، بل وإزاء من تفترض الإدارة الامريكية بأنهم خصوم محتملون.
تهدف المبادئ النظرية والعلمية التي أرستها الإدارة الأمريكية إلى وضع كل كيانات المجتمع الدولي والعالمي ضمن دائرة زمام قيادة وسيطرة إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، التي تقوم جماعة المحافظين الجدد الليكودية النزعة بترسيم مخططاتها بما يحدد للإدارة الامريكية مسارات خارطة الطريق التي يتوجب عليها اتباعها وحشد الموارد والقوى الأمريكية والعالمية من أجل بناء مشروع القرن الأمريكي الجديد.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد