الممثلون السوريون في لبنان نحو تحسين شروط «الدبلجة»
منذ عرضه الأوّل على شبكة «أم بي سي» في عام 2008، حقق المسلسل التركي المُدبلج «سنوات الضّياع» انتشاراً جماهيرياً واسعاً، وشكّل محطة استثنائية جعلتِ الفضائيات العربية تواظب على شراء هذا الصنف من الدراما بصورةٍ دوريّة، ما أدّى إلى تكريسِ أصواتِ عددٍ من الممثلينَ السوريّين بصورةٍ أفضت إلى تعويمِ ما بات يعرف اليوم بـ «الصوت النجم». وعليه، استطاع الممثل السوري أن يقدّم نفسه كـ «علامة مسجّلة» في مجالِ الدبلجة، وصار التعاملُ معه يحقّق أرباحاً محترمة لشركات الإنتاج.
مع تصاعد وتيرة الحرب الدائرة في بلادهم، اضطرّ عددٌ لا بأس به من الممثلين السوريين إلى الاستقرار في لبنان. بعضهم نجح في إيجادِ فرصِ عملٍ في المسلسلات المُشتركة المطلوبة رمضانياً. البعض الآخر اضطرّ إلى البحث عن أدواتٍ موازية للتكيّف مع غلاء المعيشة في بيروت، كالاشتغال في مجال الدبلجة مثلاً.
سريعاً، بدأت صنعةُ الدبلجة تتمدّد نحو العاصمة اللبنانية، فظهرت شركات إنتاج جديدة، وعادت أخرى إلى العمل بعد انحسار نشاطها منذ عقدٍ كامل.
عام 2013، كان الممثل السوري يتقاضى 6 دولارات لقاءَ «دبلجةِ» المشهد الواحد. وكما في عمومِ الاستثمارات، سعى المنتجون إلى ضبط النفقات على حساب أجور العاملين، فانخفض العائد، في عام 2014 إلى 5 دولارات، ليتهاوى نحو 4 دولارات للمشهد، قبل أن يستقرّ على عتبة 3 دولارات عام 2015، وهو ما رأى فيه عدد كبيرٌ من الممثلين ظلماً ما عادوا قادرين على احتماله.
في محاكاةٍ لتجربة زملائهم في سوريا، التي أدّت إلى تشكيل تجمّعٍ لممثلي الدبلجة يتبع بصورة رسمية لنقابة الفنانين، ورفع أجر الممثل إلى عتبة ألف ليرة سورية للمشهد الواحد، كتب العاملون في مجال الدبلجة داخل لبنان ورقة عملٍ وقّع عليها ممثلون وممثلات، طالبت برفع الأجر إلى 4 دولارات للمشهدِ الواحد. كما طالبت باحترامِ آليات العمل، كأنْ تمتنع بعضُ الشركات عن ترتيب «أوردرات» يُسجّل فيها الممثل مشهداً أو مشهدين فقط، وجاء في الورقة: «حرصاً على تغطية كافة تكاليف قدوم الممثل إلى الاستديو يجب ألّا يقل عدد المشاهد عن خمسة وعشرين مشهداً في الأوردر الواحد». في نقطةٍ هامة أُخرى، طالبَ الممثلونَ بتحديدِ موعدٍ ثابتٍ لسدادِ أجورهم، في محاولةٍ لضبط أفعال التسويف التي قد تمتد أحياناً شهراً أو اثنين.
لم تُبدِ شركة «Image Production House» الأكثر نشاطاً في لبنان، التي تبيع أعمالها المُدبلجة بأصواتٍ سورية لقناة «أم بي سي بوليوود»، تفاعلاً إيجابياً مع مطالب المعترضين، وسعت للتعاون مع ممثلين، أو أشباه ممثلين، يقنعونَ بالشرط الإنتاجي السائد.
يقول أحد الموقّعين على ورقة العمل، مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه «رفضت الشركة مطالبنا على الرغم من أننا نادينا برفع الأجور بمقدار دولارٍ واحد فقط» ويستطرد «لم نكن معنيّين بالمادّة بقدر ما كنا معنيين بتنبيه الشركة إلى ضرورة احترام أدبيّات العمل وقيمة ما نبذله من جهد».
يضيف المصدر، شارحاً مسار الأحداث بُعيد تقديم المطالب «سريعاً، تراجع بعضُ الموقعين وامتثلوا لشروط العمل الحالية متذرعين بقسوة ظروف الحياة وغلاء المعيشة في بيروت»، ويضيف المصدر «تعاملت الشركة مع من تبقى من الممثلين المُحتجّين بمنطق «ألف حدا غيركن بيتمنى يشتغل» وباتت تستقدمُ أشخاصاً لا علاقة لهم بالمهنة لمجردِ رغبتها بسداد النقص، حتى إنها اعتمدت على ممثلين لبنانيين يؤدون بما يُشبه اللهجة السورية لملء فراغ المعتذرين منّا». يختتم الممثل السوري حديثه قائلاً «في محصلة الأمر، هناك ممثلون محترفون جالسون اليوم في بيوتهم لأنهم طالبوا بمزيدٍ من الإنصاف، بينما يلهو بعض المتطفّلين خلف الميكروفونات بمباركةِ المنتجين».
فنيّاً، ينبغي لشركات الإنتاج التنبّه إلى جودة العمل، فالفضائيّات العربية لن ترضى بشراء حلقاتٍ مشغولة بأصوات يفتقرُ أصحابها إلى ألفباء الاحترافِ والخبرة، ما قد يُفضي إلى عواقب تجعل المنتجين يتمنّون لو أنهم دفعوا دولاراً زائداً لممثلٍ محترف.
رامي كوسا
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد