بانتظار "يوم القيامة" التركي: من يدير اللعبة في تركيا

الجمل: وما هو تأثير الصراع الداخلي التركي على الوساطة بين سورية وإسرائيلالجمل: يتطلع العرب إلى مصير المحادثات غير المباشرة السورية – الإسرائيلية التي ترعاها تركيا، ويتطلع العراقيون إلى مصير الشراكة التركية – العراقية ومدى تأثيرها على مستقبل شمال العراق، ويتطلع الإيرانيون إلى مدى مصداقية تركيا في رفض تقديم المساعدات لأمريكا وإسرائيل في عدوانهما المحتمل ضد إيران. أما الأتراك أنفسهم فقد أصبحوا أكثر اهتماماً وانشغالاً في عملية التطلع إلى القرار الوشيك الذي ستصدره المحكمة الدستورية العليا والمتعلق بمصير حزب العدالة والتنمية.
* اقتراب يوم القيامة التركي:
تقول المعلومات الواردة من أنقرة بأن العد التنازلي قد أوشك على البدء انتظاراً لحلول "يوم القيامة" التركي الذي تتوقع كل الأطراف بأن لا يمر بسلام مهما كان القرار الذي ستصدره المحكمة الدستورية العليا في قضية حزب العدالة والتنمية.
• في حالة صدور قرار المحكمة لصالح حزب العدالة والتنمية فإن الأحزاب العلمانية، وعلى وجه الخصوص حزب الشعب الجمهوري وأنصار الأتاتوركية، سيسيرون المزيد من المواكب والمظاهرات الغاضبة.
• في حالة صدور قرار المحكمة ضد حزب العدالة والتنمية فإن الحزب وحلفائه سيسيرون المزيد من المواكب والمظاهرات الغاضبة الرافضة للقرار.
تقول بعض التكهنات الأخرى، بأن صدور القرار في حد ذاته وبغض النظر عن مضمونه سيؤدي بلا شك إلى تعبئة نوعين من الفعاليات المتعاكسة وطالما سيكون هناك أطراف مؤيدة للقرار وأطراف معارضة له فإن الصدام بين الطرفين سيكون لا محالة منه.
* إدارة اللعبة التركية: أبرز الحسابات:
يسعى حزب العدالة والتنمية إلى فرض النتيجة بحيث تكون حصراً ضمن صيغ هي:
• خاسر – خاسر: وذلك لأن خسارة جميع الأطراف سيترتب عليها إعادة الانتخابات وهو أمر في مصلحة حزب العدالة والتنمية طالما أنه يملك الأغلبية.
• رابح – رابح: وذلك لأن فوز وكسب جميع الأطراف سيترتب عليه استمرار الوضع القائم.
• رابح – خاسر: بحيث يكون الرابح هو حزب العدالة والتنمية والخاسر هو المدعي العام التركي المدعوم بواسطة حزب الشعب والأتاتوركيين.
أما صيغة خاسر – رابح التي سيكسب فيها المدعي العام وحزب الشعب وحلفائه ويخسر فيها حزب العدالة والتنمية، فهي الصيغة التي سيترتب عليها حدوث السيناريو الأسوأ في تاريخ تركيا الذي قد يترتب على تداعياته حدوث سيناريو تدخل المؤسسة العسكرية التركية واستلام مقاليد الأمور في أنقرة، وتقول المعلومات والتحليلات بأن حدوث الفوضى وتدخل الجيش سيسفر عنه النتائج الآتية:
• التأثير سلباً على موقف تركيا في ملف الانضمام إلى الاتحاد الأوربي الذي يشترط بأن يكون الانضمام حصراً للبلدان التي تنتهج النموذج الديمقراطي التعددي الأوروبي.
• التأثير إيجاباً على العلاقات التركية – الأمريكية – الإسرائيلية وهو أمر سيؤثر في حد ذاته سلباً على دول الجوار الإقليمي التركي:
- إلحاق الضرر بملف التعاون التركي – الإيراني إضافةً إلى تهديد أمن إيران.
- إلحاق الضرر بملف التعاون التركي – السوري إضافة إلى تهديد أمن سوريا.
- إلحاق الضرر بملف التعاون التركي – العراقي  إضافة إلى تهديد أمن العراق.
• التأثير سلباً على مصداقية العلاقة بين الرأي العام التركي ونظام الدولة التركية لأن أغلبية الرأي العام ستنخرط في المعارضة ومقاومة حكم الجيش التركي.
• التأثير سلباً على علاقات تركيا مع دول القوقاز وعلى وجه الخصوص لجهة الموقف التركي إزاء الصراع الأذربيجاني – الأرمني حول إقليمي ناغورتو كاراباخ (الأذربيجاني) الذي تطالب أرمينيا بضمه، وإقليم ناختشيفان الأرمني الذي تطالب أذربيجان بضمه.
• التأثير سلباً على علاقات تركيا مع روسيا وبلدان آسيا الوسطى، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالاتفاقيات والتفاهمات الجارية لجهة استخدام تركيا لتقوم بدور "منصة" تصدير النفط الأكبر في العالم.
• التأثير سلباً على أمن تركيا من جراء إفساح المجال وانفتاح الحيز الجيو-سياسي التركي للمزيد من التغلغل الأمريكي والإسرائيلي اللذان سبق وأن عانت تركيا منهما.
هذا، وحتى الآن، لا توجد تكهنات تتعلق باحتمالات مصير الوساطة التركية في المحادثات غير المباشرة السرية – الإسرائيلية ولكن على ما يبدو أن سيناريو المحادثات سيستمر ولكن ضمن وضع سيكون أكثر تعقيداً لأن الطرف التركي الجديد الذي سيحل محل حزب العدالة والتنمية قد يكون أكثر تحيزاً وميلاً لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وهو أمر سيترتب عليه المزيد من الصعوبات في استمرار المحادثات خاصةً وأن سوريا ستكون لوحدها في مواجهة الطرف الإسرائيلي المدعوم بطرفين هما البلد الراعي والولايات المتحدة الداعمة له.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة