بترا لازسلو: صحافة الركل والعنصريّة والعار

10-09-2015

بترا لازسلو: صحافة الركل والعنصريّة والعار

بعض المصوّرين الصحافيين يقفون عاجزين مكتوفي الأيدي أمام المآسي البشريّة، فيكتفون بتصوير الموت أو الجوع أو الغرق؛ لكنّ المصوّرة الهنغاريّة بترا لازسلو، قرّرت أن تأخذ المهنة إلى بعد آخر، تلعب فيه الأرجل دوراً محورياً. فخلال تصويرها لفرار عشرات اللاجئين السوريين من الشرطة على الحدود بين صربيا وهنغاريا، أقدمت لازسلو على ركل بعضهم، ودفع بعضهم الآخر، وشدّ بعضهم من ملابسه في محاولة لإيقاعه أرضاً. لم تأبه بصراخ رجال ونساء كانوا يتدافعون هرباً من قبضة الشرطة، ولا بوجود عشرات الكاميرات التي وثّقت فعلتها.عرقلت الصحافية الهنغارية لاجئاً سورياً برجلها وأوقعته مع طفله أرضاً
تعمل لازسلو لصالح قناة «أن وان» الهنغاريّة (تبثّ عبر الانترنت)، وانتشرت أمس على الانترنت تسجيلات تظهر عرقلتها للاجئ يحمل طفلاً، خلال هروبه من الشرطة، ما أدّى إلى وقوعه أرضاً. تعرّف ناشطون سوريون على الرجل في وقت لاحق، وقال بعضهم إنّه رياضي سوري من مدينة دير الزور، ويدعى أسامة عصب.
الأداء غير الأخلاقي للمصوّرة المجريّة، تحوّل إلى ظاهرة، مع سخط مواقع التواصل من سلوكها. كذلك نشرت وسائل الإعلام العالمية التسجيلات المصورة، مقرونة بانتقاد حاد لها، وللقناة التي تشغّلها، وهي قناة تابعة لحزب «جوبيك» اليميني المتطرّف.
تصرّف لازسلو العنصري، لا يعدّ شذوذاً عن القاعدة في هنغاريا التي تعاطت خلال الأسابيع الماضية بعنف مع اللاجئين الفارّين، ونقلت وسائل الإعلام أخباراً عن أساليب شرطتها الوحشيّة في طرد السوريين أو منعهم دخول أراضيها. وتعدّ هنغاريا مرور اللاجئين عبر أراضيها جريمة، إذ دعا رئيس الوزراء فيكتور أوربان إلى وقف تدفق اللاجئين الذين «يشكلون خطراً على الهنغاريين»، مهددا بتطبيق «إجراءات صارمة» عبر مسودة قانون يقضي بحبس أي لاجئ يدخل البلاد بصورة غير شرعيّة مدّة تتراوح بين عام إلى ثلاثة أعوام. مع العلم أنّ هنغاريا لا تعدّ مقصداً للاجئين بشكل عام، بل محطّة عبور نحو النمسا.
إلى جانب فظاعة ما ارتكبته الصحافيّة، فإنّه يأتي في سياق إعلامي متعاطف بالكامل مع اللاجئين، معه الجدل المثار حول غرقهم، والصور المتداولة عن تعنيفهم في الغابات أو على سكك الحديد، إلى جانب صورة الطفل الغريق آيلان كردي. هكذا، نشرت معظم الصحف الأوروبية والأميركية قصة المصورة، كذلك تداولت مئات المواقع الالكترونية التسجيلات المصورة لفعلتها، مع إجماع على الإدانة، والمطالبة بمحاسبتها. قناة «أن وان» سارعت للتملّص من فعلة لازسلو، فنشرت في البداية تسجيلين للحادثة، ملتقطين بعدسة المصوّرة نفسها، ثمّ أصدر رئيس تحريرها سابولكس كيسبيرك بياناً أعلن فيه إنهاء التعاقد معها، لتصرّفها بطريقة غير مقبولة عند نقطة العبور في قرية روزكي الجنوبيّة، على الحدود بين هنغاريا وصربيا.
الصحافي الألماني شتيفان ريتشر صوّر لازسلو خلال ركلها للاجئين، ونشر التسجيل عبر حسابه على «تويتر»، قبل أن ينتشر الفيديو بشكل واسع على السوشل ميديا. صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية نشرت التسجيل عبر موقعها الالكتروني، وعلقت غاضبة «يجب فصلها من العمل». كذلك نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية لقطات توضح الواقعة، مشيرة إلى أن أحزاباً يسارية معارضة في هنغاريا أعلنت أنها ستقاضي المصورة على فعلتها.
ما قامت به لازسلو يعدّ تجاوزاً غير مسبوق، تلته حملة ضخمة ضدّها على مواقع التواصل، مع آلاف التغريدات والصور التي تدين عنصريّتها وتجرّدها من أيّ معيار مهنيّ أو إنسانيّ. وأطلق مستخدمون صفحة على «فايسبوك» باللغة الهنغاريّة، بعنوان «حائط عار بترا لازسلو»، شارك عبره العشرات في التعبير عن سخطهم من الدرك الذي بلغته بحقدها العنصريّ، وجذب «حائط العار» نحو 20 ألف متابع خلال 24 ساعة.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...