بحث سوري حول الاستغلال الجنسي للأطفال
ليس غريباً أن تكثر في الآونة الأخيرة المواضيع التي تتناول العنف وخاصة العنف الموجه ضد الأطفال, فهذه الظاهرة موجودة
رغم إنكار الكثيرين لوجودها وهي حقيقة واقعة أثبتتها الدراسات وبعض المظاهر الاجتماعية, وتحتاج للتشخيص والعلاج, فهناك من لايعرف الفرق بين الضرب التأديبي وبين التربية, ومن لايعرف متى تبدأ الإساءة للطفل, ولا أحد يستطيع أن يقبل الأشكال المتطرفة من العنف التي تؤدي إلى الوفاة في أغلب الأحيان .
- ولأن العمل في هذا المجال يحتاج إلى رصد وتدقيق وتشخيص من قبل جهات عديدة فقد أقامت جامعة دمشق وبالتعاون مع رابطة الطب الشرعي في سورية وبدعم من منظمة DAAD الألمانية دورة تدريبية في مقاربة ضحايا العنف المنزلي شملت العديد من الدراسات الإحصائية والأبحاث العلمية والمسحية لخبراء وأساتذة مختصين رصدوا هذه الظاهرة. فقد قدم الدكتور مطاع بركات أستاذ في علم الاجتماع دراسة حول( الاستغلال الجنسي للأطفال كما يتذكره الراشدون في طفولتهم) وهي الأولى من نوعها في سورية وفيها الكثير من الصعوبة للحصول على معلومة دقيقة وذلك لاعتبارات اخلاقية ولأنه لا أحد يقبل أن يبوح أولاده عما مروا به من خبرات حول هذا الموضوع. توجه الباحث إلى الكبار ليسألهم من ذاكراتهم أسئلة تفصيلية ومحرجة عن خبرات جنسية قد يكونون تعرضوا لها أو مروا فيها في طفولتهم, و منعاً للإحراج وزعت الاستمارة عن طريق البريد ل400 شخص معظمهم من طلبة كلية التربية والآداب والدراسات العليا ولأعمار متقاربة بمعدل 120 سؤالاً لكل استمارة.
ويقول الدكتور مطاع عن تجربتهم في هذا البحث. هناك خصوصية اجتماعية للعنف وقناعات تغير من شكل الاستغلال الجنسي للأطفال. إضافة إلى دور الأماكن في حدوث هذه الأشياء ومن الخبرات التي اكتشفت نجد 40% من هؤلاء تعرفوا على معلومات جنسية خلال فترة طفولتهم و34% تعرضوا لتلمس غير طبيعي على أجسامهم من قبل راشدين و19 % تعرى راشد أمامهم والعديد منهم تعرضوا لحالات انتهاك جنسي لمرات عدة قبل سن ال 12سنة.
وبتحليل النتائج نجد أن أكثر من الربع يحتاجون لإخراج مابداخلهم من هم , ويحتاجون للحديث حول هذا الموضوع لدى شخص مختص, وأكثرهم تركت لديهم تلك التجارب افكاراً جنسية سيئة.
- ووجد الاستاذ بسام أحمد دراسات عليا في الطب الشرعي من خلال تجارب الرابطة أنه لابد من توجيه الأطباء الشرعيين وضباط الشرطة إلى كيفية التعامل مع حالات العنف وخاصة ضد الأطفال, وبعدم تصديق جميع القصص والروايات التي تروى من قبل الأهل بخصوص إصابات أولادهم. وهذا التوجه هو محاولة لكسر حاجز الصمت تجاه بعض حالات العنف المنزلي والتي قد تكون موجهة للمرأة أو للطفل.
ففي دراسة (الأذيات الجسدية الواقعة على المرأة) التي تحدث عنها الدكتور بسام نجد أن 98% من الأذيات كان الزوج هو الفاعل, و2% أذيات من قبل الأب و47% من النساء تحت سن العشرين و81% من الأذيات على شكل كدمات معظمها على الوجه والعنق. وبين كل الأذيات تبين عدم وجود فروقات جوهرية من حيث المستوى الاقتصادي والثقافي.
أما بالنسبة للدراسات المتعلقة بالطفل المضطهد.. فقد وجد: أن هناك حاجة كبيرة للاعتراف بالظاهرة وللبحث عما يحمي الطفل في الحالات غير المبلغ عنها وهذه مسؤولية مشتركة بين المدرسة( معلمي الصف) والمراكز الصحية والأطباء الشرعيين وجمعيات الحماية. فهناك العديد من حالات العنف التي أدت إلى وفاة الطفل ومن الحالات المبلغ عنها في مدينة حمص نذكر أولاً طفلة عمرها 12 سنة وتعرضت للرفس على صدرها ما أدى إلى كسور في الأضلاع ومن ثم الوفاة دفنت الطفلة دون معرفة أسباب الوفاة, حتى جاء عم الطفلة وقدم بلاغاً يقول فيه إن والدها قام بضربها وتعذيبها حتى ماتت, وباحضار الأب اعترف بأنه قام بتعذيب ابنته ورفسها على صدرها.
أما الحالة الثانية فهي طفلة عمرها ثلاث سنوات ماتت بفعل الاعتداء من قبل أب كحولي وقام الأب بهذه الفعلة في أوقات غياب الأم التي كانت تعمل خادمة وتضطر للنوم خارج المنزل.
- قدم الدكتور محمد فوزي النجار دراسة تحليلية لحالات العنف الأسري الجنسي في مراكز الطبابة في سورية. والتي شملت جميع المدن والمحافظات السورية عدا حلب وريف دمشق وهي حالات مؤكدة بالفحص المباشر على غشاء البكارة أو بتحليل السائل المنوي ولكن لم يتمكن الباحث من متابعتها اجتماعياً. ولكن توصل إلى أن هناك 467 حالة أذى جنسي فيها 25 حالة فقط ضمن الأسرة الواحدة وطبعاً يدخل ضمن مفهوم الأسرة( الخال والعم والصهر والأخ والأب...) وبالنسبة لعمر هذه الحالات هي من 2-10 سنوات.
وهناك الكثير من الأرقام التي توصل إليها الباحث ولكن المهم في هذا الموضوع هو تحليل الظاهرة ووضع ا لحلول والتي من أهمها البدء فوراً بدراسة الحالات والسماح لمتابعتها اجتماعياً بعد عرضها على الطب البشري.
والبدء بحملات توعية اجتماعية مدروسة بجميع الوسائل المتاحة بدءاً من منابر المساجد والكنائس وانتهاء بجميع وسائل الإعلام . وهي نفسها التوصيات التي ركز عليها معظم الأساتذة المشاركين في هذا اللقاء.
ميساء جردي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد