بحثاً عن الذكاء العاطفي الانفعالي

24-11-2008

بحثاً عن الذكاء العاطفي الانفعالي

رأت الاختصاصية في العلاج النفسي والإرشاد الزوجي العائلي والجنسي الدكتورة مي جبران أن الثقافة الجنسية هي التربية الجنسيّة الخاصة بكل مرحلة من مراحل الإنسان العمرية، أي «من المرحلة الفمية وحتى القضيبية، وتشمل التعرف إلى البعد البيولوجي أي الأعضاء التناسلية ووظائفها وصولاً لمعرفة جسد الآخر وتقنية العملية الجنسيّة وحتى وظائف النشوة».
وركزت جبران على «أهمية توضيح الناحية العاطفية لاكتشاف الجسد وتقبله ككتلة غير مجزأة، من منطلق عاطفي، واكتشاف الآخر من خلال مشاعر وأحاسيس، ومن الخطأ شرح المسألة الجنسيّة بشكلها التقني الميكانيكي الفيزيولوجي فقط، فالجهاز التناسلي هو الجهاز الوحيد الذي لا يمكن فهمه من الناحية الميكانيكية فقط لأنه مقترن بالعاطفة والمشاعر والأحاسيس».
شرحت جبران أن المشكلة الحقيقية «تكمن في أن الموضوع الجنسي هو تابو، يبدأ بالعلاقة مع الأهل حيث تُواجَه الأمور بالكذب» بدلاً من تحضير الطفل وتسليحه للانطلاق نحو مراهقة طبيعية، وهنا يبرز دور المدرسة في التثقيف والمعرفة الجنسيّة التي تتشرع وتُقدم بطريقة علمية. ومن الضروري أن يتقبل الأهل ما تقدمه المدرسة، ولحظت جبران أن «حالات التأخر المدرسي والاضطرابات التعلميّة ناجمة عن عدم فهم فترة البلوغ، ما يولّد الإحباط، أمّا التعايش مع الجسد والتعرف عليه بطريقة متدرجة فيؤدي إلى شخصية واعية، وذكاء انفعالي وعاطفي يضيئان على استيعاب أكبر، وهنا أهمية إعطاء المعلومات بأسلوب جيد».
جبران أرجعت الأمراض العصابية كالاكتئاب والوسواس والاضطرابات السلوكية وحتى حالات الانتحار إلى أساس جنسي غير سليم. وشددت «على أهميّة العادة السريّة وضرورتها، للذكر كما للأنثى، كأساس للتربية الجنسية، لأنها تسمح للمراهق باكتشاف جسده، واكتشاف الرغبة واللذة، والتحضير للعلاقات مع الجنس الآخر لكي لا يصل الطرفان في ما بعد إلى مشاكل كالعجز أو البرودة أو رفض الجسد وجسد الآخر، وهي تستخدم لدواع علاجيّة». أمّا عن أفلام «البورنو» الإباحية فقالت جبران: «إنها تشوه العلاقة بين المرأة والرجل، وتعرضها بسمتها الميكانيكية المقرفة الشاذة، وتظهر السلوك السادومازوشي لتحقيق الإغراء، ويقدم الجنس البعيد عن الواقع كصورة مثالية مستحيلة خالية من العاطفة، فيما هو حميمي ومقدّس، ولا سيما بالنسبة إلى المرأة التي يرتبط الجنس لديها بالعاطفة، فيما بعض الأفلام الإيروسية التي تحوي الكثير من العاطفة تبدو مقبولة».
ولفتت جبران إلى أن «التحضير الصحيح يجعل من الحياة الجنسية صحية، فتؤدي بالثنائي إلى حياة متوازنة أساسها فهم العلاقة التناسلية، ووظيفة الإشباع للوصول إلى النشوة أداة السعادة والتوازن في الحياة، ولتأتي بعلاقة خالية من العنف والعدائية بل علاقة تبادلية وتواصلية متناغمة لا تنتهي حتى في فترة انقطاع الطمث، بل تكون أداة استمرار الشباب ومكافحة علامات تقدم السن». ورأت جبران أن «معظم المشاكل الزوجية أساسها الفراش»، فأتت على ذكر الأمراض والاضطرابات الجنسية بعد الزواج كونها ناجمة عن «الجهل وعدم المعرفة بجسد الآخر المختلف، وحقيقة أن لا تشابه في الحياة الجنسية، فكل فرد لديه حاجات وطاقات مختلفة، ويجب عدم اعتبار الجنس واجباً زوجياً أو أمراً مقرفاً بل صيغة سعادة مشتركة، وإلاّ فإن عدم الاكتفاء يؤدي أحياناً بالرجل إلى الميول الشاذة، فيما لا ينفع الإفراط وإلاّ تحوّل الإنسان إلى حيوان». ختمت جبران بأهمية «إيجاد قنوات للتسامي وممارسة الجنس في الوضع والوقت المناسبين، واكتشاف الجسد وجسد الآخر، ما يحضّر لاكتشاف الأنا السرية، أي الذكاء الجنسي الذي شاع الحديث عنه في الغرب أخيراً وهو الحياة الجنسية الذكية أي اكتشاف الذكاء العاطفي الانفعالي».

جيزيل خلف

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...