براون يطلق حملته لخلافة بلير
بعد انتظار دام أكثر من عقد، أطلق وزير الخزانة البريطاني غوردن براون حملته لخلافة طوني بلير على رأس الحكومة وحزب العمال، مقدماً نفسه على انه صاحب "أفكار جديدة لحقبة جديدة"، ومتعهداً التعلم من أخطاء حرب العراق ومواجهة التهديدات التي يمثلها الارهاب والتغير المناخي.
وأيد بلير، الذي أعلن الخميس أنه سيتنحى في 27 حزيران، رسمياً براون الذي ينسب اليه الفضل في جزء كبير من النهضة الاقتصادية التي تشهدها بريطانيا.
ورأى براون، الذي يتولى وزارة الخزانة منذ عشر سنين في حكومة بلير، أن تولي رئاسة الحكومة سيكون "أكبر شرف له". وأفاد ان"مهمتي في الاسابيع والاشهر المقبلة هي أن أثبت أنني أملك الافكار الجديدة والرؤية والخبرة التي تخولني الفوز بثقة الشعب البريطاني... ثمة أولويات جديدة، وانني اقدم قيادة جديدة لهذه الحقبة الجديدة". وتعهد اعتماد "اسلوب جديد في ممارسة الحكم". وفي مسعى واضح للتميز عن اسلوب بلير الذي يتفوق عليه بالكاريزما والطلاقة، أضاف: "لا اعتقد أن السياسة هي مسألة شهرة". وفيما يرخي التزام بلير في حرب العراق بثقله على حصيلة عهده، وإن يكن يرفض الاقرار بأي خطأ، اعترف خلفه المحتمل بان "اخطاء ارتكبت" في ذلك البلد، بيد أنه أكد أن لندن ستبقى ملتزمة في اطار جهود احلال السلام في العراق، موضحاً "أننا سنحترم واجباتنا حيال الشعب العراقي"، وداعيا الى تركيز الجهود حاليا في العراق على المصالحة السياسية وانعاش الاقتصاد. وقال: "أقر بأن أخطاء ارتكبت... سأنصت الى ما تقوله الحكومة العراقية وما يقوله الشعب العراقي على الأرض في الأسابيع المقبلة". لكنه تحدث عن نيته النظر في اجراءات برلمانية جديدة للتعامل مع الحرب والسلام واعترف بالارتياب الشعبي في قرار حكومة بلير المضي في الحرب المرفوضة شعبيا إلى حد كبير. واشار الى عزمه على زيارة الشرق الاوسط والقوات البريطانية في المنطقة في غضون أسابيع.
الى ذلك، اعتبر ان على بريطانيا أن "تبذل مزيدا من الجهود للفوز بالاذهان والقلوب في المعركة ضد إرهاب القاعدة". وسئل هل يعتقد أن السياسة البريطانية حيال ايران ناجحة، فأجاب أنه يعتقد أن للعقوبات الحالية تأثيراً، وانه لن يكون هناك تخاذل في زيادتها تدريجاً في حال الضرورة.
ولئن يبدو شبه مؤكد ان براون سيخلف بلير في 27 حزيران في ختام آلية داخلية لحزب العمال لتعيين زعيم له، اصر وزير الخزانة على انه يرحب بتقدم اي مرشحين آخرين من الحزب، وانه "سيخوض معركة" للفوز بالرئاسة.
ويعتزم نائبان من يسار الحزب، هما مايكل ميتشر وجون ماكدونل، تقديم ترشيح موحد ضده، غير انهما لم يعلنا ذلك حتى الآن.
وأشاد براون برئيس الوزراء المستقيل بعدما شابت علاقاتهما صعوبات منذ سنوات، قائلا انه قاد البلاد مدى عشر سنين "بشجاعة وولع".
وقبله بقليل، صرح بلير في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس العراقي جلال طالباني: "يسعدني ان اقدم دعمي الكامل" لغوردون براون، مشيدا بـ"مواصفاته الاستثنائية والنادرة". وقال: "اعتقد ان لديه الميزات المطلوبة لقيادة حزب العمال والبلاد على نحو متميز. انه يتمتع بمواصفات استثنائية ونادرة، وامر رائع ان توضع في خدمة الوطن كما قد يحصل الان... لقد أثبت ربما بصفته افضل وزير للخزانة في تاريخ بلادنا، ان لديه من القوة والخبرة والتميز ما يصنع رئيس وزراء عظيما".
وعمل براون وبلير معاً منذ نحو 25 سنة، وأوصلا معا حزب العمال الى السلطة عام 1997، غير ان العلاقة بينهما ساءت تدريجا نتيجة تنافسهما على السلطة.
وزادت التباعد بينهما اطباعهما المختلفة تماما، ذلك ان بلير شعبي يتقن الكلام في ارتياح وسهولة وبوجه باسم وهو سياسي يعتمد على حدسه، بينما يتكل براون على فكره ويتقن ملفاته.
وبدت الكلمة التي القاها براون أمس وعدّد فيها اولوياته من تربية وتغيرات مناخية وامن واقتصاد وفقاً لترتيب لم ينطو على أية مفاجأة، بعيدة كل البعد عن كلمة بلير المؤثرة الخميس.
وواصل بلير أمس جدول اعماله المشحون حتى الموعد المحدد لاستقالته. ومن الواضح أنه سيظل حاضرا على الساحة الدولية بمشاركته في قمة مجموعة الثماني في المانيا وفي المجلس الاوروبي في بروكسيل في حزيران.
وقد استقبل أمس الرئيس العراقي في مقر رئاسة الوزراء، قبل أن يتوجه بعد الظهر الى باريس حيث التقى الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته جاك شيراك وخلفه نيكولا ساركوزي.
وصرحت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بان التقارب بين واشنطن ولندن سيستمر حين يخلف براون بلير.
وقالت لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي": "ستظل بريطانيا والولايات المتحدة صديقتين، واعلم اننا سنقوم بعمل جيد بل جيد جدا مع غوردون براون حين يصير رئيسا للوزراء". واضافت: "اعتقد ان العلاقة (بين واشنطن ولندن) ستكون وثيقة جداً، لان بريطانيا والولايات المتحدة حليفان رئيسيان".
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد