برعاية وزارة الثقافة مدرسة الباليه تلفظ انفاسها الأخيرة
في بداية العام الدراسي 2006 صدر قرار من وزير الثقافة بتعيين الدكتورة حنان قصاب حسن عميدة للمعهد العالي للفنون المسرحية,وجاء هذا الخيار بهدف تحسين وضع المعهد عامة بأقسامه الأربعة ومدرسة الباليه التي هي أمل للشباب عبر استقطابهم منذ الطفولة لتنمية مهاراتهم الجسدية وتخريجهم راقصين على مستوى رفيع يواكب المستوى العالمي في هذا الفن...
وجاءت عميدة المعهد وسط آمال عريضة بالتطوير,وتم التركيز حينها من قبل أهالي طلاب المدرسة على تحسين وضع المدرسة,ولكن اتضح وبعد عام دراسي كامل من استلام الدكتورة حنان قصاب حسن لعمادة المعهد أن تلك المشكلات لم تحل,بل تفاقمت واتسعت وظهرت مشكلات جديدة عرقلت تطور المدرسة أكثر من السابق...
في العام الماضي وما قبله,كان في مدرسة الباليه خبيرتان على الأقل تتناوبان في تحضير تلاميذ المدرسة,حاليا تم الاستغناء عن إحداهما (ألبينا بيلوفا) بحجة أنها تسافر كثيرا على الرغم من أنها كانت تسافر بنفس المقدار في السنوات الماضية..كما أن سفر ألبينا وهي الصولو الأساسي في فرقة إنانا دائما كان يتم لتمثيل سورية خارج الوطن سواء عبر الاقنية الرسمية أو بصورة شخصية ومع ذلك كانت ألبينا تجد الوقت الكافي لتأهيل تلاميذها...
ألبينا التي درست في المعهد لمدة عشر سنوات تستهجن الطريقة التي عوملت بها مؤخرا,فلدى عودتها من مشاركتها في افتتاح واختتام أسياد في الدوحة وبدلا من شكرها فوجئت بان مدربة أخرى بدأت بأخذ طلابها...على الرغم من أنها قبل سفرها كانت قد وضعت مساعدتها لتدريب الأطفال
والاستغناء عن ألبينا بهذا الشكل مشكلة كبيرة لمدرسة الباليه التي فقدت بذلك ليس فقط راقصة باليه محترفة ومتجددة تعطي خبرتها لأطفال تراجع مستواهم برحيلها عن المعهد بل فقدوا برحيلها أيضا المشاركات الكثيرة في عروض الباليه... حيث كانت تبادر ألبينا في كل مناسبة ممكنة إلى تقديم عروض لطلابها بهدف جعلهم يشعرون بالمسرح وتعليمهم الجرأة للوقوف أمام الجمهور,وحتى لا يشعرون أن التمارين مملة...
وقد تميزت دفعتها بالعروض العديدة التي قدمتها فهناك عرض بمناسبة احتفالية الطفل العربي التي أقيمت في حلب تحت رعاية السيدة أسماء الأسد عام 2004, وشاركوا عام 2005في افتتاح دار الأوبرا وفي احتفالية الطفل العربي التي أقيمت في اللاذقية, بالإضافة إلى مشاركتهم في عروض أخرى... هذه المشاركات جميعها غابت هذا العام عن أطفال مجموعتها الدفعة التي تقول عنها ألبينا أنهم كانوا يتطورون وبدؤوا يشبهون راقصات الباليه...ورغم أن طلاب ألبينا أمضوا أكثر من أربع سنوات في تعلم الباليه إلا أنهم بعد ذهابها أصبحوا غير معترف لا بهم ولابمواهبهم من قبل الخبيرة التي حلت محلها!!
تعتقد ألبينا أن كل مشكلات الباليه حاليا سببها الإدارة الفاشلة,وغياب الاختصاص عن هذه الإدارة, وتستغرب أن توضع مديرة مدرسة للباليه لا علاقة لها بالرقص في الوقت الذي يوجد فيه مختصون من خريجي المعهد المسرحي, وتتساءل لماذا في فن الرقص دائما يضعون شخصا لا علاقة له بالرقص...وأخيرا تستغرب ألبينا أنها وعلى الرغم من أنها كانت تتقاضى راتب موظف سوري بحكم أن زوجها سوري ولا تتكلف الدولة سوى هذا الراتب على عكس الخبراء الآخرين الذين يأخذون منزلا وراتب خبير وتعويضات أخرى ...وقد لا يشعرون بالانتماء الذي أشعر به,فيعتبرون الأمر مجرد عمل لا يهمهم نتائجه...وكل ذلك لم يؤخذ بعين الاعتبار من قبل إدارة المعهد العالي للفنون المسرحية التي استغنت عني بطريقة مسرحية تدعو للاستغراب وللتساؤل لماذا لاتقدر جهود من عمل في هذا الفن الصعب عشرة سنوات دون كلمة شكرا!!!
المعهد ورغم تخليه عن ألبينا فانه لم يستقدم أي خبير آخر على الرغم من أن وكيل المعهد السابق عجاج حفيريس سافر إلى موسكو في بداية العام الدراسي خصيصا للتعاقد مع خبراء,وكان من المفروض أن يكون لدى المعهد ستة خبراء على الأقل...ولم يحصل ذلك بل اقتصرت المدرسة على خبيرة واحدة توزع وقتها ما بين مدرسة الباليه وقسم الرقص التعبيري إضافة إلى عملها الخاص في فرقة رقص خاصة وهذا ممنوع قانونا حيث ينص عقدها على التفرغ التام ومع ذلك تم تجديد عقدها لعام إضافي...!
عميدة المعهد-وبعد سنة- تقر بوجود معيقات وعقبات كانت موجودة في بداية استلامها,فهل كانت تحتاج إلى عام دراسي كامل لتعرف أن هناك معيقات...ومتى تفكر في إيجاد الحلول...ولماذا لم تستطع أن تحد من المعيقات القديمة بل خلقت معيقات أخرى فزادت الوضع تدهورا.
مديرة مدرسة الباليه رمادى حمود تقر بوجود مشكلات كبيرة,وتتهم الإدارة التي هي جزء منها بالإهمال والتقصير وبأنها تقبل الواسطة ... وتعترف منذا البداية بان أهم إنجاز حققته هذا العام أنها تمكنت من تنظيم البرنامج! فبوجود قاعة وحيدة يتشارك فيها مختلف أقسام المعهد وخبيرة رقص وحيدة مشتركة بين قسم الرقص التعبيري ومدرسة الباليه... ومساعدة رقص وحيدة أيضا.الأمر الذي يخلق مشكلات عديدة لا يمكن حلها.
وهذه المشكلات المتراكمة ولأنني لست مصدر قرار ( كما تقول ) إنما أخذوني لأشرف على النواحي التربوية والإدارية باعتباري حائزة على دبلوم تأهيل تربوي. فلا يمكنني أن أحلها بمفردي وبدون تعاون المسؤولين واقتناعهم وتبنيهم لهذا الفن وبدون إلغاء الواسطة!
وتشتكي رمادى من ضعف طلاب ألبينا وتؤكد أن الخبيرة لودميلا لم تتمكن من اختيار سوى ثلاثة أطفال من مجموعتها!وترى مديرة مدرسة الباليه أن أهم ما يحتاجه هذا الفن اقتناع المسؤولين لهذا الفن وإلا من سيحل مشاكله!!
وترى أن المدرسة تعاني من مشكلة كبيرة فلودميلا بعيدة عن الموضوعية وغير مؤهلة للتدريس وتستغرب أنه وبسبب اعتراض إحدى الطالبات على أسلوب لودميلا القائم على التمايز بين الطلاب وأسلوب تعاملها معهم القائم على الصراخ وهذا خاطئ برأيها,و أضافت رمادى:لقد أخبرناها مرارا بخطأ هذا الأسلوب ولم تتجاوب بل على العكس عندما اعترضت إحدى الطالبات على أسلوبها فإنها أهملت تلك الطالبة ولم تكن ترغب بوجودها في الصف وبسبب هذه المشكلة اضطررنا لإيقاف الدروس أسبوعين !!والمشكلة الأخرى التي نعانيها مع لودميلا أننا يجب أن نضع البرنامج بما يناسبها كونها تدرس في معهد أورنينا!
هذا العام تفاقمت المشكلات ولم اعد أرى أن لها حلاً وإذا بقي الوضع على ما هو عليه فمن الأفضل إغلاق المدرسة!!وبسبب هذه المشكلات فإني قررت ترك المدرسة!
وإذا كانت مديرة مدرسة الباليه قد أكدت أن المدرسة تعاني من مشكلات متفاقمة وأنها ازدادت عن العام الماضي حيث عاشت المدرسة هذا العام أسوأ أيامها منذ إنشائها قبل عشرين عاما,فكيف هو الحال لدى الأهالي..
الدكتورة رويدة كناني والدة طفلين يدرسان في مدرسة الباليه تؤكد ... أن مدرسة الباليه سابقا كانت جيدة,بدءا من طريقة القبول وصولا إلى التدريب والامتحانات ...أما حاليا ومنذ غياب المدربة ألبينا التي كانت تتقن فن التعامل مع الأطفال,وكانت تدرب الأطفال حتى وهي حامل,وجعلتهم يشاركون في حفلات عديدة... وحتى أثناء سفرها كانت تدرب الطلاب مساعدتها....ولكن الآن وبعد غيابها فإنها تركت فراغا كبيرا...وأطفالنا لا يزالون يراوحون في مكانهم لم تتطور أدواتهم,حتى إنهم ملوا,خاصة لعدم وجود حفلات كالأعوام الماضية ...
الآن المشكلات التي تعاني منها مدرسة الباليه كثيرة ونحن بحكم تواجدنا مع أطفالنا فإننا مطلعون عليها عن قرب...فمثلا أستغرب أن تقوم مديرة مدرسة الباليه ( والكلام للدكتورة رويدا)... بالتدخل بتدريب الأطفال رغم أن ذلك ليس من اختصاصها,ولا أدري لماذا يسمح لها بالتدخل في الأمور الفنية رغم أن لا علاقة لها بالرقص لا من قريب ولا من بعيد بل إن تدخلها يمكن أن يؤذي الأطفال جسدياً ومعرفياً !!
كما أنني أستغرب لماذا يتم التفرقة بين طلاب ألبينا وطلاب الخبيرة الحالية رغم أننا أوصلنا شكوانا إلى الإدارة إلا انه لا مجيب,فهل يعقل أن يظلم الأطفال ويضطهدون لمجرد أن ألبينا كانت مدرستهم !!!وهل يعقل أن يؤجل امتحان أو يلغى لمجرد أن المدربة لديها مشكلة صحية,الأمر الذي يوقف التدريب والامتحان!!
أما فاتن قنجراوي والدة إحدى الطالبات...فإنها ترى انه لاستمرار الباليه في بلدنا لا بد من وجود بناء مستقل,تخصيص قاعة دائمة,أن تتواصل الإدارة وتستمع لمشاكلنا ومشاكل أطفالنا وان تسعى لحلها,وتؤكد أنه طيلة عام كامل لا نرى أحدا من الإدارة ولا يجتمعون بنا وكأن هذا الفن غير موجود وغير مقتنعين به بتاتا,وربما يعتبرونه عبئا عليهم!!حتى إننا لو سألناهم أي سؤال فإنهم ينزعجون!!كما إننا نعاني من غياب خطة واضحة للمدرسة وغياب المنهاج وغياب الحفلات...
مديرة المدرسة أيضا تعمل كسكرتيرة:تبليغ مواعيد,إلغاء مواعيد وهو ما يحصل أكثر ولا تساهم لا من بعيد ولا من قريب في وضع أية مقترحات للمدرسة.
الأطفال , بعضهم يدرك الصعوبات,والبعض الآخر لا يدركها فسارة بيطار ورغداء دليلة وسلمى وجوى منلا وغيرهن... لا زلن يحلمن بأن يصبحن يوما راقصات باليه, ويتمنين لو أنهن يتطورن ولايقفن عند مستوى معين ويحلمن بتعامل خاص يليق بهن وبمواهبهن!!
العميدة تقول لاحل لمشكلات الباليه,كما أن لاحل لمشاكل قسم الرقص التعبيري, فمن يمتلكها?!ومديرة مدرسة الباليه غير مختصة ولاتربطها بهذا النوع الفني أي رابطة,ومع ذلك فان عميدة المعهد تقول:ليس المهم أن يكون الإداري متخصصا حتى في ظل وجود متخصص فهناك خريجون من المدرسة أكملوا دراستهم في قسم الرقص التعبيري, في حين تقول إنها أقالت رئيس قسم الرقص التعبيري كونه غير متخصص.
والاتفاقية مع البولشوي قالت عميدة المعهد:إنها انتهت...
منذ أكثر من عشرين عاما تأسست مدرسة الباليه,وبعد أن وضعت قواعدها وأصبح لها تقاليدها ,جاء من يخربها...منذ عشرين سنة لم يكن فن الباليه ذا حجم كبير في سورية,والآن وفي الفترة التي صعدت فيها هذه النوعية من الفنون وأصبح لها الصدارة بدأت المدرسة تتهاوى,العميدة استلمت وكان هناك بعض الرمق في مدرسة الباليه وبعد عام دراسي كامل لم يبق في المدرسة حتى ذلك الرمق,ولم يعد هناك أي أمل باعتراف مديرة المدرسة التي طالبت بإغلاقها إن بقي الوضع على حاله, وباعتراف عميدة المعهد نفسها وهي المسؤولة المباشرة عن المدرسة أيضا...
سعاد زاهر
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد