بغداد تستعيد المبادرة جزئياً.. وواشنطن تدرس ضربتها

16-06-2014

بغداد تستعيد المبادرة جزئياً.. وواشنطن تدرس ضربتها

وقفت التطورات العراقية خلال الساعات الماضية عند نقطتين مفصليتين. فبعد استعادة القوات العراقية زمام المبادرة نسبياً، ومحاولتها استعادة السيطرة على عدد من المناطق في وسط البلاد وفي شرقها التي كان مسلحو «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» قد استولوا عليها، كان إطار التعاون الخارجي مع الحكومة العراقية في حربها ضد الإرهاب لا يزال غير واضح، ما سيبقي أي حراك على خط حلّ الأزمة المهدّدة للكيان العراقي بأكمله محكوماً على ما يبدو بمدى وبكيفية التفاعل خلال الأيام المقبلة صورة نشرها موقع «ولاية صلاح الدين»، أمس الأول، تظهر مقاتلي «داعش» خلال تصفيتهم لعناصر من قوات الأمن في مكان مجهول من المحافظة (أ ف ب)بين هذين العنصرين.
ونجحت القوات العراقية، أمس، في وقف الهجوم الذي تشنّه مجموعات مسلحة منذ نحو أسبوع وتمكنت من استعادة المبادرة العسكرية بعد صدمة فقدان مناطق واسعة في الشمال..
وبدا أنه كان لزيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين يوم الجمعة الماضي، إضافة إلى دعم شعبي عبر عمليات التطوع الواسعة، أثرهما في محاولة إعادة رفع المعنويات في صفوف قوات الأمن العراقية، وإعادة الإمساك بمفاصلها. وقال المالكي في سامراء «اليوم نرى مؤشراً يدل على لحمة العراقيين، فبعد فتوى المرجعية العليا بالجهاد وجعله واجباً كفائياً، وما ظهر عليه أبناء الشعب عندما تطوعوا بأعداد كبيرة جداً دفاعاً عن الوطن، إضافة إلى الموقف الموحد من قبل السياسيين والقوى الوطنية إلى جانب الجيش والشرطة، وكذلك منح مجلس الوزراء رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة صلاحيات غير محدودة، سنتمكن من طرد هؤلاء من كل شبر من أرض العراق، بلد المقدسات الذي لا يمكن أن تدنسه عصابات داعش».
من جهتها، سيطرت القوات الكردية على منفذ ربيعة الحدودي الرسمي مع سوريا بعد انسحاب قوات الجيش العراقي. وأوضح المتحدث باسم قوات البشمركة الكردية جبار ياور «تسلمت قوات البشمركة السيطرة على منفذ ربيعة (محافظة نينوى) بعد سقوط الموصل في أيدي المسلحين وانسحاب الجيش».
لكن وفي منطقة قريبة، وفي حدث قد تكون له تداعيات خطيرة، نقلت وكالة «رويترز» مساء أمس، عن شهود من بلدة تلعفر قولهم إنّ متشددين مسلحين اجتاحوا البلدة الواقعة في شمال غرب العراق بعد قتال مع قوات الأمن.
في مقابل ذلك، نشر تنظيم «داعش» مجموعة من الصور التي تظهر اعدام مقاتليه لعشرات الجنود العراقيين في محافظة صلاح الدين. ودانت الولايات المتحدة، أمس، المجزرة «المروعة» التي ارتكبها «داعش» في مدينة تكريت في شمال العراق. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين بيساكي في بيان ان «تبني الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) مجزرة ارتكبت كما تقول بحق 1700 عراقي من طلبة كلية القوة الجوية في تكريت هو امر مروع وتجسيد حقيقي لمدى تعطش هؤلاء الارهابيين للدماء».
وفي الشق الآخر المحدد لمسارات الأزمة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية افخم، أمس، إنّ بلادها تعارض «بقوة» التدخل العسكري الأميرکي في العراق، فيما أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الأول، أنّ «بلاده لا يمكنها أن تفكر في التعاون مع الولايات المتحدة لإعادة الأمن للعراق إلا إذا تصدت واشنطن «لجماعات إرهابية في العراق وفي أماكن أخرى».
ويأتي تصريح وزارة الخارجية الإيرانية بعد يوم على أمر وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل تحريك حاملة الطائرات «جورج اتش.دبليو. بوش» لدخول مياه الخليج واتخاذها الاستعدادات اللازمة في حال ما إذا قررت واشنطن اللجوء للخيار العسكري. وقالت وزارة الدفاع الأميركية، في بيان، «سيمنح الأمر للقائد العام مرونة إضافية إذا تم اللجوء للخيارات العسكرية لحماية أرواح الأميركيين والمواطنين والمصالح الأميركية في العراق». وقال البيان إن حاملة الطائرات ستتحرك من شمال بحر العرب برفقة الطراد «فيلبين سي» المزود بصواريخ موجهة والمدمرة «تروكستون» المزودة أيضا بصواريخ موجهة.
وفي وقت لم تعلن واشنطن حسم خياراتها في الشأن العراقي، ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أمس، أنّ مسؤولين في «القوة الجوية الخاصة» البريطانية باتوا في طريقهم إلى العراق تحضيراً لأي عملية استهداف جوي ضد مسلحي «داعش». وأشارت الصحيفة إلى أنّ المسؤولين ينتمون إلى فريق أميركي ـ بريطاني مشترك، قرر يوم الجمعة الماضي كل من وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ ونظيره الأميركي جون كيري، إرساله إلى العراق. ولفتت كذلك إلى أنّ مهمة المجموعة إنشاء أهداف محتملة قبل أن يقرر الرئيس الأميركي باراك اوباما توجيه ضربات.
وفيما لم يصدر الرئيس الأميركي أي قرار بهذا الشأن حتى الساعات الأخيرة، فإنّ مجلة «فورين بوليسي» الأميركية نقلت عن مسؤول أميركي استخباري قوله إنّ الولايات المتحدة زادت عمليات جمع صور الأقمار الاصطناعية للعراق، التي ستساعد على تحديد أهداف أي ضربة.
وتتزامن هذه المعلومات مع تحذير نواب أميركيين من الحزب الجمهوري من مخاطر انهيار الوضع في العراق، معربين عن تخوفهم من أن يصبح هذا البلد «منطقة الإعداد لـ11 أيلول المقبل». وكشف موقع «ديلي بيست» الأميركي، أمس، أن زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، الذي كان معتقلاً في قاعدة أميركية في العراق لسنوات، وفقاً له، قال لسجانيه لحظة وداعهم وإطلاق سراحه في العام 2009: «نراكم في نيويورك». ونقل الموقع عن الجنرال كينيث كينغ قوله إنه لم يأخذ تصريح البغدادي على محمل التهديد، ليكتشف الآن بأنه كان يعني ما يقول، وأنه كان خارجاً من السجن لمواصلة القتال.
وأعلنت واشنطن، أمس، أنها سترسل تعزيزات أمنية الى محيط سفارتها في بغداد وستنقل بعضاً من موظفيها الى مواقع أخرى، وذلك رداً على تقدم المسلحين في العراق. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بيساكي إنه «بالنظر الى حالة انعدام الاستقرار والعنف في بعض انحاء العراق، فإن سفارتنا في بغداد تدرس الاجراءات الأمنية الواجب اتخاذها بالتشاور مع وزارة الخارجية. ستتم زيادة عدد الطاقم الأمني في بغداد وسيتم نقل موظفين آخرين الى أماكن أخرى موقتا». وأكد المتحدثة أن السفارة «ستواصل عملها» وستستمر في التنسيق مع القادة العراقيين «لتقديم الدعم اليهم في الوقت الذي يحاولون فيه تدعيم المسار الدستوري والتصدي للتهديدات الوشيكة». وأوضحت بيساكي أن بعضا من الموظفين في السفارة سينقلون الى القنصليتين الاميركيتين في البصرة وأربيل، او قد ينقلون الى وحدة الدعم في العاصمة الاردنية عمان.
في غضون ذلك، أعرب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، رداً على سؤال للصحافيين أثناء زيارة إلى مدينة طرابزون التركية أمس، عن قلقه من «حرب طائفية في العراق». وقال بحسب ما نقلت عنه وكالة انباء «دوغان» إنّ «النار أحرقت كل محافظات العراق تقريباً، لم تعد المسألة على مستوى الموصل فحسب».
إلى ذلك، عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين في دورة غير عادية، أمس، لبحث الأزمة العراقية وتهديدها للأمن العربي والإقليمي. وأكد بيان للجامعة بعد الاجتماع أهمية «المصالحة بين جميع الفصائل السياسية في العراق» لإنهاء الأزمة وقتال تنظيم «داعش». وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية أحمد بن حلي «فعلا ما يجري في العراق الآن هو تهديد للأمن ليس فقط العربي وإنما للأمن الإقليمي. الآن الأمن الإقليمي في المنطقة مهدد. ولهذا أعتقد أن مرجعياتنا موجودة ولكن لا بد من التوافق ودراسة جوانب الموضوع كافة بالنسبة للموقف من العراق في هذه المرحلة وهذه الأزمة الراهنة».
وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أنّ اجتماعا تشاوريا لوزراء الخارجية العرب سيعقد «خلال اليومين المقبلين» في مدينة جدة السعودية على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي، للتباحث في تطورات الأزمة العراقية.
وفي موقف يعيد إلى الذاكرة فترة الاحتلال الأميركي للعراق، قال سفير الولايات المتحدة الأسبق في العراق ما بين العامين 2005 و2007 زلماي خليل زاد إنّ واقع العراق الآن قد تغير بعد سيطرة مقاتلي «داعش» على الموصل والأنباء الواردة عن قيامه بالدفع نحو الجنوب للعاصمة بغداد. وقال خليل زاد في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» أمس، إنّ «واقع العراق قد تغير بعد الموصل... سرعة وقوع التطورات في العراق أعادت إلى ذاكرتي أفغانستان في التسعينيات عندما كانت حركة طالبان تتصدر المشهد وتمكنت بسرعة هائلة من السيطرة على مدينة ثم الأخرى فالأخرى». وأضاف أنه «على القوات الأميركية أن تأخذ بالحسبان ليس فقط القوات العراقية وهل يمكن مساعدتهم؟ وهل يمكن أن يكونوا ذو فاعلية؟ بل عليهم أن يأخذوا بالحسبان أيضا القوات الكردية أو ما يُعرف بالبشمركة وكيف يمكن التواصل معها خلال الوقت الحالي الذي تبدو فيه بوضع أفضل حتى من قوات الجيش العراقي في ما يتعلق بالتأثير على الأمور بشمال العراق».
داخلياً، كان لافتاً أمس، موقف رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، الذي قال إنّ «الحل الوحيد لتدارك الأزمة يتطلب تطبيق المادة الدستورية التي تنص على منح المحافظات حق تشكيل اقليمها الخاص كما نص الدستور على ذلك لتتمكن من الحفاظ على امنها وتحقق استقلالية إدارية»، مشيرا إلى أن «الحلول الحالية التي يعتمدها رئيس الحكومة (نوري) المالكي غير قادرة على بسط الأمن في نينوى وصلاح الدين لأنها اصبحت غير مجدية لاقتصارها على الخيار العسكري وتجاهل الحلول السياسية».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...