بوادر تصعيد على الجبهات كافة: اعتداءات في القدس والضفة... وغزة
بينما تواصل إسرائيل حملتها المكثفة ضد فلسطينيي الـ 48، عادت إلى زيادة وتيرة القمع والاعتقالات في الضفة والقدس المحتلتين، زائدة على ذلك تحرشات إضافية بالمقاومة في غزة عبر سرب كبير من طائرات الاستطلاع التي تصدّت لها المقاومة المحافظة على جهوزيتها واستنفارها، فيما يبدو أن ملفّي الإعمار والمساعدات سيفجّران المشهد مجدداً رغم السعي المصري للاحتواء عبر ضخّ ما أمكن إلى القطاع
تتزايد الدعوات الاستيطانية إلى إحياء «مسيرة الأعلام» واقتحام المسجد الأقصى في القدس المحتلة الخميس المقبل، الخطوة التي أوقفتها المقاومة قبل أسابيع بصواريخها وفجّرت هبّة شعبية كبيرة في الضفة والأراضي المحتلة عام 1948. ثمة قراءتان للمشهد: الأولى تقول إنها خطوات بنيامين نتنياهو الأخيرة لتفجير المشهد قبل أن يخسر منصبه، والثانية تقول إنها إسرائيل نفسها بوجه نتنياهو أو بوجه نفتالي بينِت الذي لا يقلّ يمينية وتطرفاً عنه، بل يعمل بدوره على تحصيل التفاف يميني حوله هو بأمسّ الحاجة إليه الآن.
في القدس، أصيب 23 فلسطينياً أمس جراء قمع قوات الاحتلال معتصمين في حي سلوان وسط المدينة أثناء مشاركتهم في فعالية تضامنية ضد التهجير. وذكر شهود عيان أن أكثر من 200 فلسطيني شاركوا في ماراثون تضامناً مع العائلات المهددة بالتهجير انطلاقاً من حي الشيخ جراح (وسط القدس)، وصولاً إلى حي بطن الهوى المحاذي للأقصى، إذ تقدر المسافة بينهما بنحو 4.4 كيلومترات. كما أزالت قوات الاحتلال خيمة تضامنية نصبت في بطن الهوى، وصادرت مكبرات الصوت التي استخدمت للهتاف.
بالتوازي مع ذلك، أصيب 19 فلسطينياً بجروح، والعشرات بحالات اختناق، إثر تفريق قوات إسرائيلية أمس مسيرات خرجت تحت عنوان «جمعة الغضب»، منددة بالاستيطان في الضفة المحتلة. واندلعت مواجهات عنيفة قرب جبل صبيح التابع لبلدة بيتا جنوبي مدينة نابلس، حيث ينوي المستوطنون إقامة بؤرة هناك. وكان بين المصابين حالة خطيرة من أصل خمس نقلوا للعلاج في المستشفى. كما فرّق الاحتلال مسيرات مماثلة في بلدتَي نعلين ورافات في رام الله، ومسيرة أخرى في كفر قدوم شرقي قلقيلية (شمال). أما في الخليل (جنوب)، فمنع العدو عشرات الفلسطينيين من أهالي بلدة سعير من الوصول إلى موقع أثري قرب البلدة سيطر عليه مستوطنون قبل نحو أسبوعين.
يأتي هذا مع اعتقال العدو 90 فلسطينياً في أنحاء الضفة خلال الأيام الأربعة الماضية، إذ تصاعدت وتيرة الاعتقالات عقب وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال قبل نحو أسبوعين. ووفق «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» اعتقلت قوات الاحتلال منذ منتصف نيسان/ أبريل الماضي 3592 فلسطينياً، منهم 2142 داخل الأراضي المحتلة عام 1948. وفق الأرقام، هناك 20% منهم قاصرون دون 18 سنة، فيما جرى تقديم لوائح اتهام تتضمن غالبيتها تهمتَي «التحريض والقيام بأعمال عنصرية» ضد أكثر من 180 من فلسطينيي الداخل. كما يوجد نحو 700 أسير من شرقي القدس 20% منهم قاصرون. أما في الضفة، فقالت الهيئة إن نحو 750 فلسطينياً اعتقلوا، ولا يزال معظمهم رهن الاعتقال.
على المقلب الآخر، أطلق أفراد من المقاومة الفلسطينية، في ساعة متأخرة من ليل الخميس وفجر أمس الجمعة، النار بصورة مكثفة تجاه سرب من طائرات إسرائيلية مُسيّرة حلّقت على علوٍ منخفض في أجواء مدينة غزة وشمال القطاع. وفق مصادر وشهود عيان، كانت الطائرات صغيرة الحجم، وذات إضاءة خافتة، ثم تبيّن أنها من نوع «كواد كابتر»، وقد حلّقت في أجواء أحياء من غزة هي: الزيتون، الشجاعية، التفاح (شرق)، مخيم الشاطئ، تل الهوى، الرمال، (غرب)، وفي الشمال: مخيم جباليا، بيت لاهيا، حي الكرامة. وتباينت الأرقام في تقدير عدد الطائرات بين 20 و50، لكن المقاومة تمكنت من إسقاط عدد منها. وهذه الطائرات يجري تسييرها إلكترونياً عن بُعد، ويستخدمها الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات استخبارية، كما كثف من استخدامها في غزة خلال المدة الماضية، فضلاً عن استخدامه لها في الضفة وحدود القطاع لقمع المتظاهرين الفلسطينيين، عبر إلقائها قنابل غاز مسيل للدموع عليهم.
ورغم بوادر التصعيد الجارية، أعلنت مصر أنها أرسلت معدات هندسية وطواقم فنية إلى غزة بناءً على توجيهات رئاسية، وذلك «لبدء عملية إعادة الإعمار». وأظهرت لقطات بثّها التلفزيون الحكومي عشرات الجرافات والرافعات والشاحنات تحمل الأعلام المصرية وتصطف على الحدود لبدء العبور إلى غزة، فيما اصطف فلسطينيون على الحدود من ناحية غزة عند معبر رفح لاستقبال الموكب أثناء دخوله.
إلى ذلك، قال القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، خالد البطش، إنه «يجب أن نحمل الثقة التامة بما يقوله القادة: السيد عبد الملك الحوثي والسيد حسن نصر الله والسيد زياد النخالة وجميع قادة المحور» بشأن المعركة الكبرى في حال الاعتداء على القدس. وأضاف في تصريح صحافي أمس، إن «محور المقاومة كان له الدور الأساسي في دعم فصائل المقاومة الفلسطينية والانتصار الذي حققته في معركة غزة»، موضحاً أن «أكبر صاروخ تملكه الفصائل الفلسطينية يحمل اسم الشهيد القائد قاسم سليماني»، في إشارة إلى الصاروخ الذي كشفت عنه «سرايا القدس» واسمه «القاسم» ورأسه المتفجر 400 كلغ.
(الأناضول، أ ف ب، رويترز)
إضافة تعليق جديد