بيروت تفاحة والقلب لا يضحك
أمام المواقف العادية.. يكون الكلام كثيراً.. لنرتقِ به الى الموقف والحدث غير العادي, وأمام المواقف والاحداث غير العادية تقف الكلمات عاجزة..
فأي الحروف تنتقي من أبجديتها لتكون رصاصة ترتد إلى رؤوس أعدائنا التي ملأها الحقد والكراهية.. فتفجرها وتنسف غطرستها وتحيل تعاليم (يهوه) الأكثر سموماً من سموم الأفاعي, إلى أشلاء وحدها حروف( ا-ل- م- ق - ا- و-م- ة) كانت نور لحامليها ونار لمن اعتقدوا أنهم قاتليها..
عين وقلب على لبنان .. وكأن المصاب وحدَّنا.. فأرقنا وأحزننا كيف يترجم الفنانون التشكيليون مواقفهم تجاه مايجري.. بالكلمة والمشاعر.. وقد استحالت مساحة البياض في اللوحة إلى اللون الدم.. دم من سقطوا ضحايا تبكيهم الأرض.. والسماء.
-الفنانة التشكيلية عتاب حريب تقول: لقد عاصرت حرب 67 وحرب 73 وأيضاً اجتياح لبنان ..82 والآن مسلسل جديد من الهمجية والرعب, أكاد أخلط أو يهيىء لي أنها مقتطفات من فيلم لاأكثر لاأعتقد أن التاريخ سيسجل كل هذا الظلم.. الفن هو الذي يسجل هذه الصور الشديدة السواد والمليئة بالجروح والدمار والتخريب والأشلاء المتطايرة من فلذات أكبادنا, الحالة لاتوصف تهزنا تشحننا بمئات المشاعر والرغبات.. والذي تفعله المقاومة يجعلنا صغاراً مشلولي الحراك أمام البطولات التي يصنعها هؤلاء الشجعان الذين يحملون أرواحهم ويمضون إلى السماء لاأعتقد أي كلام له معنى أمام الذي يجري الآن نشاهد ونصلي لكل هذا الذي يحدث أن يتوقف أو يكون مجرد فيلم رعب- أو كابوس ليلة سوداء- الكلمات تضيع الآن وسط دوي الرصاص والقنابل والصواريخ.. وتقف بكماء أمام الدماء والأشلاء.. هذا هو القرن الواحد والعشرين مكلل بالعنف.. والعنصرية.. وإبادة كل شيء جميل..
أكثم عبد الحميد-نحات- مدير معهد الفنون التطبيقية : أمريكا وإسرائيل شريكان في المجازر التي تدور على أرض بعل إله الخير والأمطار, أرض لبنان الجريح.. قتلوا ودمروا الحياة مستخدمين الهمجية والبربرية في أدوات قتلهم منتهكين.. مغتصبين بحرب تكشف عداءهم للحضارة والإنسانية.. فالشعوب التي لاتملك الحضارة يسهل عليها اغتصاب حق الغير.. أمريكا واسرائيل بنوا دولهم على مبدأ العصابات التي دمرت حضارة الهنود الحمر وعلى الحضارة الفينيقية الفلسطينية- فالدمار من شيمهم واستراتيجيتهم طائر الفينيق لابد أن يعود ثانية فهو لايحب الموت والاستكانة عاد ليعلن عن عودة الرجال الشجعان الذين كتبوا التاريخ بدمائهم وكانت المقاومة بحق/قولاً وفعلاً/ إننا ننحني أمام قاماتهم لأنهم قامات الكرامة العربية وستبقى أدوات الفكر والفن والشعر عاجزة عن تجسيد مايرسمون بدمائهم لوحات العزة والكرامة على مسرح أرض الوطن العربي والتي ستبقى شاهدة على معارك الحياة و الموت..
إنني مؤمن بهذه المقاومة وسيدها وأنتمي إليهما فكراً وفناً وجسداً.
الفنان التشكيلي جمال العباس:منذ عام 48 وأنا أعيش وأرصد مايجري فوق هذه الأرض التي يسمونها الشرق الأوسط- تآمرا ً- بدلاً من الوطن العربي, وكأننا لم ندرك ولم نستوعب الدرس من أن هذا الوطن مُستهدف وأنَّ هذه الأمة لايجب عليا أن تنهض فلم نأخذ الأمر بجدية ولم نحشد مالدينا من إمكانات هائلة, أو نخطط للمواجهة بل لم تحدث النقلة المطلوبة من الكلمة إلى الفعل باستثناء بؤر ثورية هنا وهناك أدركت مايجري ولكنها لم تستمر ووقعت في شراك التطاحن مع بعضها فأجهضت أكثريتها ورحنا نقف على الأطلال وطال وقوفنا, وعدونا يخطط ويبادر ويسعى لإنجاح مشروعه بكل إمكاناته.. شعوبنا وحدها من المحيط إلى الخليج بحسِّها الصادق هي التي ظلت مدركة لما يحدث تعرف عدوها والسلاح الذي يخشاه, بل السلاح الذي يجعله يحسب لهذه الأمة حسابها لكن هذه الشعوب مكبلة ومحاصرة لاحول لها ولاقوة..
-لازلنا نخاطب العالم بعد أكثر من ستين عاماً وكأننا نخاطب أنفسنا وحياتنا فعل ورد فعل (على مستوى الأمة) ولازالت الكلمة والشعر فيها حشدنا المعهود.. لم نتعلم الفعل ولم نأخذ بالتخطيط ولا بالعلم ولا بالاستراتيجيات... آن الأوان أن ندرك أن سلاحنا هو الإنسان بعلمه وفعله, علينا بالمقاومة وبالمقاومة يحترمنا الغير ونفرض إرادتنا .
الفنان التشكيلي سليمان العلي: عبد نقاط التحول في التاريخ السياسي.. وعندما تتكشف المبادىء المرشدة لهذا التحول- يقف الإبداع صامتاً ولو لفترة زمنية يحددها حجم التحول حتى يكون بمقدور الفنان معرفة الدور الحقيقي له, لأن زمن التحول وزمن الظروف التي تخلق هذا التحول تكون أكبر بكثير من التلخيص الذي يتبناه الإبداع بشكل عام ولأن من يساهم الآن في صناعة الزمن القادم هم نخبة من رجال غيّروا مسار الزمن والتاريخ.. ومايجري الآن في لبنان وفلسطين دليل على قراءة جديدة لزمن قادم سيكون حتماً مختلفا.
فهل يستطيع الفن مواكبة هذا التسارع مع الحدث الذي لم يشهد التاريخ مثيلاً له إلا في فيتنام وفلسطين والآن لبنان.
المشكلة الآن أمام أي إبداع هي عدم قدرته التعبير عن يوميات وساعات ودقائق الحدث التي هي أشمل وأعمق.. من الكلمة واللون.. ولكن من اللون الرمادي يشق ضوء المقاومة وعزيمة رجالها الذين يكتبوه تاريخاً ناصعاً..
محمد الوهيبي- فنان تشكيلي : من يزرع لوزة.. كم هو جميل حلمه بأن يرى زهرها بربيع قادم.. من بنى بيتاً بتربة نقية وسيَّجه برفوف الطيور الحنونة... من مشى حافياً لنذرية أول خطوة.. ورطبَّ قدميه بحناء أرضه طفلا.
من كتب بأول صفحة من دفتره صباح الخير أيها العالم الجميل.. إنها قراءة في - نوتة- نشيد الحياة.
كيف يُزاح كل هذا الجمال ويجمع ليحرق ويدمر بقنبلة صنعتها الصهيونية.. وما أكثرها قنابل حقدهم.
الصهيونية تغتال كل حلم جميل.. تكره اللوز .. أسراب الطيور.. حتى طائرة الورق بأيدي الأطفال كيف يبدل المحتل السحب الماطرة بسُحب القنابل المنبعثة برائحة احتراق أطفال غزة ولبنان.. لايتساوى محب الجمال مع محب القتل.
ستلفظ الأرض أفكار القتلة.. ليقف العالم أجمع مع الحق العربي لنقاوم جميعاً الفكر القادم من كتب الصهيونية القائم على القتل والكره.
لنقاوم مع شرفاء الأرض لتعود الأرض لنا ويعود إليها لونها الأخضر.
الفنان إياد بلال- نحات: كونه لم يعد هناك شيء خافياً أمريكا تريد فرض شرق أوسط جديد تكون اسرائىل المشرفة عليه والحكومات العربية مرتبطة بمعاهدات.. تقيدها بمعونات وخوف على الكراسي لئلا تنقلب.. ممايعيق تحركها الصحيح نحو الدفاع عن كرامتها وأرضها.
كل شيء معد سلفاً.. وما من سبيل لتوقف هذا القتل المبرمج للبشر والشجر والبنى التحتية سوى المقاومة.. التي تمثلت بالمقاومة اللبنانية و الفلسطينية.. وربما تنضم لها دول أخرى إنه خيار الشعوب المحاصرة المهددة بهويتها وانتمائها..
وكما يقول الشابي : إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
فنياً.. ربما بعد فترة سينتج فن يمثل المرحلة تمثيلاً حقيقياً وأن كل فن مباشر ربما يقع في مطب العاطفة المباشرة فيأتي أقل فنية..
مانيا معروف
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد