تجميل الأنف مدخل «سلفي» إلى السياسة المصرية
«أنا لا أكذب، لكني تحت تأثير مخدر عملية التجميل»! فضيحة النائب السلفي أنور البلكيمي الذي خضع لجراحة تجميل كاملة للأنف في آذار (مارس) الماضي، أبت أن تقف عند بوابة البرلمان، فقد تشعبت آثارها وتوغلت نتائجها لتشمل كثيرين يدعون على الأرجح في قرارة أنفسهم للنائب.
ولم لا، وقد أزاح ستار الحرج عن الأنوف المحدبة، واخترق «تابو» الجهر بعدم الرضا عن الـ «لوك» الشخصي، وأطاح بشبهة حرمانية قرار «عتريس» بأن يكون «مهند»!
صحيح أن النائب أنور البلكيمي لم يتحول إلى «مهند»، بل اكتفى بتجميل أنفه تجميلاً كاملاً دفعه إلى الادعاء بأنه تعرض لحادث سطو واعتداء، وصحيح أنه حين اكتشفت فضيحته لم يشفع له أنفه الجميل الجديد، إلا أن النتيجة العكسية لفعلته كانت أكثر من ممتازة.
امتياز عمليات التجميل بهدف تحسين المظهر وتجميل الوجه وتعديل القوام لم تكن يوماً حكراً على النساء والفتيات، بل هي سمة شبابية ذكرية أيضاً. ليس هذا فقط، بل لم تتأثر سلباً بالربيع المصري، إن لم تكن شهدت نوعاً من الانتعاش.
وسواء كان انتعاشاً بلكيمياً نسبة للنائب البلكيمي أم تركياً بوحي من طوفان المسسلسلات التركية التي غزت الفضائيات، فإن الشباب في مصر ليسوا بمنأى عنها، فإن لم يخضعوا لها، فبعدم الاعتراض عليها.
جلال سامي (23 عاماً) لم يخضع لجراحات تجميل، لأنه على حد قوله «راض عن مظهره»، لكنه «لا يمانع في الخضوع لجلسات علاج آثار حب الشباب على وجهه أو – في حال تساقط شعره (لا سمح الله) – زرع شعر». شعر الشاب تاجه! فبعد ما تم الترويج لأكذوبة شعبية على مدى قرون من أن تاج المرأة شعرها، اتضح بالحجة والبرهان أن التاج تاج الرجل، والشعر شعر الرجل وعمليات زرعه للرجل، حتى وإن كانوا شباباً.
أستاذ جراحة التجميل في كلية الطب في جامعة عين شمس الدكتور عمرو مبروك يقول إن رباعية التجميل الخاصة بالشباب هي: الكرش والصدر والأنف والشعر، ويتربع الأخير على العرش. ويوضح: «على رغم أن عمليات زرع الشعر هي الأصعب، فإن فقدان الشعر أو الصلع بالنسبة للشاب من أكثر الأشياء التي تؤثر في حاله النفسية سلباً».
والواقع أن لنمط الحياة والعمل وطبيعة الغذاء دوراً أساسياً في فيزيولوجية الرجل. فمع بزوغ نجم الوجبات السريعة خلال العقدين الأخيرين، بزغت أيضاً صدور الشباب في شكل غير مرغوب عدا عن البطون. ويقول مبروك إن الإفراط في تناول الوجبات السريعة خلال العقدين الأخيرين أدى إلى شيوع ظاهرة تضخم الثدي لدى الشباب ما يسبب لهم حرجاً بالغاً، ما اضطر كثيرين منهم إلى اللجوء للجراحة للتخلص من هذه الزيادة الدهنية غير المرغوبة والتي لا تنجح الملابس في إخفائها تماماً.
ولعنة الوجبات السريعة العامرة بالهرمونات أصابت أجيالاً كاملة بوباء السمنة، نظراً إلى احتوائها نسبة مرتفعة جداً من الدهون، وتتركز عند منطقة الخصر فينتج منها كرش قبيح. فلم يعد اليوم الكرش مرتبطاً بالرجال عند منتصف العمر الذين دب فيهم الشيب، وإنما صار عابراً للأجيال مرافقاً للشباب أين ما كانوا. وبالتالي صار شفط الدهون إحدى أولويات الباحثين عن مظهر أفضل بلا جهد كبير يصرف في قاعات الرياضة، خصوصاً مع تنامي المعرفة العلمية والثقافة بأخطار الكرش بالنسبة للرجل، واحتمالات انتقال هذه الدهون إلى شرايين القلب.
وكم من قلب جرح وانكسر بسبب الأنف المهيمن على الوجه والتي ربما تستحوذ على مساحة أكبر من تلك التي يتمناها حاملها. يقول الدكتور عمرو مبروك إنه يتذكر كيف جاءه مريض شاب في حالة نفسية بالغة السوء وأخبره بأنه استقال لتوه من عمله بسبب أنفه الذي كان يدفع الجميع إلى الحملقة في وجهه.
وإذا كان الأنف الكبير أو المحدب يسبب للبعض مشكلات كبيرة، فإنه يثمر مرور الكرام بالنسبة إلى البعض الآخر. يقول مبروك: «قبل أشهر جاءني شاب يعاني من أنف خارج سياق المقاييس تماماً حتى أنني تعاطفت معه قبل أن يفتح فمه بالكلام. وبدأ يتحدث عن المشكلة النفسية الفظيعة التي يعانيها، ونظرات الناس التي تقتله، وأنا أهز رأسي متضامناً ومتعاطفاً، قبل أن يفجر قنبلته، ويشير بإصبعه إلى ندبة صغيرة جداً وتكاد تكون غير مرئية يريد أن يتخلص منها. سكت وبالطبع لم أفتح قضية الأنف أصلاً!».
أنف، صدر، كرش، شعر، أو حتى حقن تجاعيد الوجه ومعالجته بترددات معينة كلها تدخلات تجميلية يقبل عليها الشباب – حين ميسرة. يقول مبروك إن مسألة الحرج أو تعارض التجميل مع الذكورة ومثل هذه الأفكار لم تعد موجودة، وإن الموجود هو العائق المادي: «الفضائيات دخلت كل بيت في مصر، بما في ذلك القرى، ما يعني أن ضغوط الكمال بالمظهر تمارس في شكل يومي على مدار الساعة. الغالبية العظمى من المطربين والممثلين، لا سيما في الغرب وحالياً في الأعمال الدرامية التركية، تبدو في أجمل شكل ممكن، من حيث ملامح الوجه والقوام، والشعر وأيضاً الأنف... لكن من دون ادعاء التعرض للسطو أو الضرب».
أمينة خيري
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد