ترجمة جديدة لتحولات أوفيد بتوقيع أدونيس

17-05-2007

ترجمة جديدة لتحولات أوفيد بتوقيع أدونيس

حين قال سوفوكليس عبارته الشهيرة في مسرحيته(انتيجون) ( إن هناك الكثير منشالعجائب الغريبة ولكن ليس ثمة ما يفوق الانسان عجبا)

حتما كان ذهنه سارحا في قدرة الانسان الخارقة على اختراع ما يخطر في باله من كائنات بشرية,حيوانية,وإلا فكيف يمكن لتاريخ الإغريق أن يحفل بالنساء اللاتي يرتدين جلود الثعالب ويأتين بمعجزات مذهلة كتحويلهن نافورات الماء إلى نافورات خمر؟! لا تحرقهن النار ولا تؤذيهن الأسلحة,قادرات على تمزيق الماعز والبشر إربا إربا بأىديهن دون سلاح أو كيف يمكن للبشر أن يتحولوا إلى ثعابين وثيران ووحوش؟!‏

تلك القدرة العجيبة التي اعتقد الأغريق أنهم يمتلكونها ( قدرة التحويل والتحول) شكلت أجمل أدبيات وكلاسيكيات العالم ولا سيما عصر الأنوار في أوروبا إذ عاد الفنانون والأدباء إلى استلهام أساطير الإغريق وحكاياتهم وأعادوا انتاجها ليصنعوا نهضتهم؟!‏

ميتا فوزيس أو مسخ الكائنات أو التحولات كلها أسماء صحيحة لمؤلف واحد يعد واحدا من أساسيات التراث الإغريقي كتبه الشاعر الإغريقي أوفيد الذي اشتهر أىضا بمؤلفه الشهير ( فن الهوى أو أرس أماتوريا) في كتابه هذا ( مسخ الكائنات) يدفعنا أوفيد إلى عوالمه الغريبة,المدهشة,المتعددة النكهات,وبعد قراءة الصفحات الأولى سنبتلع استغرابنا ونستمتع بقصصه المنسوجة بقلم شاعري ذكي,فلا نستغرب كيف لباخوس أن يعشق أريجونا ويحولها إلى مجموعة نجوم في السماء اسمها العذراء,أو حين نقرأ حكاية إله الغيب والضوء ؟حيث وقع في غرام الحسناء دافنه دون أن تبادله غرامه وأبت أن تستجيب لهواه وحين أصر ذات مرة على الظفر بها وراح يعدو وراءها هاربة بين أشجار الغابة وقبل أن يمسك بها بقليل صرخت دافنه مستنجدة بوالدها إله النهر( امدد إلي يد العون يا أبتاه ودع مياهك إذا كانت لها تلك القدرة القدسية حقا أن تمسخ جمالي هذا الذي أثار الإعجاب بي في قلوب الجميع).‏

وما إن أتمت عبارتها حتى استرخت وإذا صدرها قد استحال جذع شجرة وإذا شعرها أوراق وإذا ذراعاها أغصان وإذا قدماها جذور ....وهكذا تحولت دافنه إلى شجرة الغار ومنذ ذلك اليوم عرفت الغابات هذه الشجرة.‏

ومنذ ذلك الزمن جعل الإله أبولو أغصان شجرة الغار تيجانا لهامات المحاربين في مواكب النصر.‏

في أساطير الإغريق لكل شجرة قصة ولكل نجمة في السماء حكاية مع كل صفحة قصة أنتجها خيال جامح معتد فلعشاق الإغريق وحدهم قدرة على التحول لخاطر هواهم فيخبرنا أوفيد كيف أن زوس تحول إلى ضباب ليظفر بإيوا التي سجنها والدها بقصر قصي خوفا عليها من جمالها وكيف يتحول زوس إلى ثور أبيض رائع الجمال ليغري الأميرة الفينيقية أوروبا ويخطفها إلى كريت ويتزوجها وينجب أبناءه منها وتحمل قارة كاملة اسمها(أوروبا) وكيف يتحول زوس إلى طائر البجع ليحظى بالاقتراب من الملكة ليدا وينجب منها التوءم الشهير( الديو سكوري) صبيين وفتاتين إحداهما هي هلينا التي تشعل حرب طروادة؟!‏

كتاب التحولات أو مسخ الكائنات يعده أدونيس نوعا من الكتابة الثانية للأساطير اليونانية الرومانية المتأثرة بهوميروس وفيرجيل وقد أعاد أوفيد إحياء الأساطير وأبطالها حين ألح على المضمون الإنساني عبر وصف ممتع ودقيق وحي للعاطفة وما تمليه من هاجس وسلوك الإثارة والتشويق .ميزتان مصاحبتان لكل كلمة تقرأ في هذا الكتاب وكل من سمع رأي الشاعر الإغريقي ميناندر(ألا ما أسمى الإنسان بين المخلوقات حين تتكامل له إنسانيته) فإنه سيربط ذلك تلقائىا بما يقرؤه في كتاب أوفيد الذي أعيدت طباعته لمرات متواصلة وكانت ترجمته الأولى في بداية السبعينيات للكاتب المصري ثروت عكاشة وهذه الطبعة تسجل المزيد من الألق منقولة إلى العربية بقلم أدونيس.‏

الكتاب صادر عن منشورات المجمع الثقافي‏

أبو ظبي في 950 صفحة‏

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...