تصاعد الضغوط الدولية على القذافي والبحرية الليبية ترفض ضرب المحتجين
تصاعدت الضغوط على الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يزداد عزلة وسط الادانات الدولية لعمليات القمع والدعوات لفرض عقوبات على نظامه فضلا عن استقالات كبار المسؤولين في النظام الليبي.
فقد اعتبرت المتحدثة باسم مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الاربعاء ان التهديدات التي اطلقها القذافي ضد شعبه "غير مقبولة".
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انه يريد من مجلس الأمن الدولي ان يصدر قرارا "شاملا" بخصوص ليبيا. وكان المجلس قد ندد بعمليات القمع وطالب بمحاسبة المسؤولين عنها.
ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاتحاد الأوروبي الاربعاء الى الاسراع بفرض عقوبات اقتصادية "ملموسة" ضد المسؤولين عن القمع في ليبيا.
وقال ساركوزي في بيان عقب اجتماع اسبوعي مع حكومته "اطلب من وزير الخارجية أن يقترح على شركائنا الاوروبيين تبني فرض عقوبات سريعة وملموسة حتى يعلم جميع المتورطين في أعمال العنف أنه سيكون عليهم مواجهة تبعات أفعالهم."
وأضاف قائلا "أود تعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع ليبيا لحين اشعار اخر."
وكان المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي قال في وقت سابق انه ينبغي للدول الاوروبية أن تبحث فرض عقوبات على ليبيا.
وقال ساركوزي ان العقوبات المحتملة تشمل تقديم المتورطين الى العدالة ومنعهم من السفر الى الاتحاد الاوروبي ومراقبة معاملاتهم المالية.
وقد علقت شركة توتال النفطية الفرنسية جانبا من انتاجها في ليبيا. وافادت الأنباء انه تم اغلاق الموانئ الليبية مؤقتا.
وفي روما، أعلن وزير الخارجية الايطالي فرانكو فرتيني ان اقليم برقة، اي المناطق الشرقية من ليبيا والتي تضم بنغازي والبيضاء ودرنة، لم يعد خاضعا لسيطرة معمر القذافي، مشيرا الى ان كافة أنحاء ليبيا تشهد أعمال عنف وان عدد الضحايا يتجاوز الألف قتيل.
واضاف قائلا" ان الحكومة الايطالية تطلب الوقف الفوري لحمام الدم الفظيع الذي أعلنت عنه حكومة القذافي وتواصل تنفيذه".
وندد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعملية القمع "التي لا تصدق" في ليبيا. ودعا في تصريحات للتلفزيون الايراني المسؤولين في كل الدول الى اخذ ارادة شعوبهم في الاعتبار.
وكان مجلس الامن الدولي قد أدان استخدام العنف في ليبيا ودعا السلطات الليبية الى "الوقف الفوري" لاعمال العنف ضد المتظاهرين ومحاسبة المسؤولين عن الهجمات التي تستهدف المحتجين.
وجاء في بيان للمجلس صدر بالاجماع ان المجلس يعبر عن قلقه العميق ازاء تطورات الاوضاع في ليبيا في ختام مناقشات اجتماع طارئ لبحث تطورات الاوضاع في ليبيا.
وقالت ماريا لويزا ريبيرو فيوتي، سفيرة البرازيل ورئيسة مجلس الامن لهذا الشهر ان اعضاء مجلس الامن الدولي "أدانوا العنف واستعمال القوة ضد مدنيين ونددوا بالقمع ضد متظاهرين مسالمين واعربوا عن اسفهم العميق لمقتل مئات المدنيين".
ودعا البيان الحكومة الليبية الى "تحمل مسؤولياتها لحماية الشعب" و "اتخاذ اجراءات تأخذ بالاعتبار المطالب المشروعة للشعب".
كما طالب السلطات الليبية بالتحرك "مع ضبط النفس واحترام حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي"، مع التأكيد على "ضرورة ان تحترم الحكومة الليبية حرية الاجتماع السلمي وحرية التعبير بما في ذلك حرية الصحافة".
ووصف السفير البريطاني مارك ليال جرانت البيان بانه "قوي جدا" ويؤشر أن ثمة اجراءات اضافية قد تتخذ في الايام القادمة.
- بيد ان نائب المندوب الدائم لليبيا في الامم المتحدة ابراهيم الدباشي، والذي سبق ان دعا الى الاطاحة بالقذافي، قال ان البيان "ليس قويا بما فيه الكفاية" بيد انه يظل رسالة جيدة الى النظام في ليبيا من اجل وقف حمام الدم.
وطالب في مؤتمر صحفي عقده في نيويورك بالقيام بعمل فوري ازاء عمليات العنف ضد المدنيين في ليبيا، محذرا من ان فرقا امنية شرعت في الهجوم على المحتجين في مناطق غرب ليبيا.
واضاف للصحافيين بعد انتهاء اجتماع مجلس الامن "الناس غير مسلحين واعتقد ان ابادة بدأت الان في ليبيا". مؤكدا ان النظام الليبي يستخدم مرتزقة اجانب لقمع شعبه.
واجمل متحدث باسم وزارة الداخلية الليبية لاول مرة الحصيلة الرسمية لضحايا احداث العنف التي رافقت الاحتجاجات في ليبيا بـ 300 قتيل بينهم 189 مدنيا و111 عسكريا.
واوضح ان معظم الضحايا سقطوا في بنغازي (104 مدنيين و10 عسكريين)، ثاني مدن البلاد التي تبعد الف كلم شرق طرابلس والتي انطلقت منها حركات الاحتجاج، والبيضاء (18 مدنيا و63 عسكريا) ودرنة (29 قتيلا مدنيا و36 عسكريا).
كانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد قدمت ارقاما اكبر من ذلك بكثير للضحايا المدنيين اذ تحدثت عن سقوط اكثر من 223 قتيلا من المدنيين في الايام الاولى للاحتجاجات.
ونقلت عن اثنين من المستشفيات الليبية بعد ظهر الثلاثاء ان عمليات القمع اوقعت "ما لا يقل عن 62" قتيلا في طرابلس منذ الاحد.
- وفي غضون ذلك، تقوم دول عديدة باجلاء رعاياها من ليبيا، حيث ارسلت تركيا وفرنسا وروسيا طائرات وسفن لاجلاء المئات من رعاياها المحتجزين هناك. كما بعثت بريطانيا سفينة حربية الى السواحل الليبية لاجلاء رعاياها.
وذكر متحدث باسم الاتحاد الأوروبي ان دول الاتحاد تقوم حاليا باجلاء نحو 10 الاف من رعاياها في ليبيا.
خلال أيام
ومن جانبه، اكد الرائد عبد المنعم الهوني، مندوب ليبيا المستقيل لدى الجامعة العربية، ان الزعيم الليبي معمر القذافي اسوأ من الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وقال لصحيفة الحياة "ان صدام كان لديه بقية عقل اما هذا الرجل فليس لديه اي عقل".
واضاف انه يتوقع سقوط القذافي خلال ايام، ولكن الامر سيكون مكلفا لليبيا والليبيين فهذا الرجل سيقدم على اي شيئ وكل شيئ.
واستبعد ان تقوم حرب أهلية. وقال "اعتقد انا سنشهد وقوع مجازر فظيعة، وارى ان القذافي حسم أمره يا اما قاتل أم مقتول"
وأشار الهوني الى عمليات التصفية التي قام بها القذافي وشملت وزير الخارجية السابق منصور الكخيا ومعارضين ومحاولة اغتيال العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز.
وفي طرابلس، قال رئيس مؤتمر الشعب العام الليبي (الذي يماثل البرلمان في بلدان اخرى) محمد بلقاسم الزوي ان "الهدوء عاد الى معظم المدن الكبرى واستعادت قوات الامن والجيش مواقعها".
واشار الى مواصلة العمل لتنفيذ الاصلاحات التي تحدث عنها سيف الاسلام القذافي المتمثلة في قانون الصحافة وقانون المحاكمات وتنظيم المجتمع المدني ووضع دستور دائم لليبيا، بيد انه استدرك ان "الظروف الراهنة لا تسمح بعقد اجتماع لمؤتمر الشعب العام الليبي لمناقشة الاصلاحات" كما ان وضع الدستور يتطلب مشاورات قانونية واسعة.
واكد الزوي على تشكيل لجنة التحقيق حول اعمال العنف التي رافقت التظاهرات ضد نظام والتي اعلن عنها نجل الزعيم الليبي الاثنين الماضي.
جاء ذلك في الوقت الذي اعلن فيه وزير الداخلية الليبي اللواء الركن عبد الفتاح يونس العبيدي استقالته وانضمامه الى ما اسماه "ثورة 17 فبراير" في ليبيا، في بيان مسجل في شريط فيديو بثته قنوات فضائية.
وقال العبيدي في التسجيل المصور "اعلن انا اللواء ركن عبد الفتاح يونس اني تخليت عن جميع مناصبي استجابة لثورة 17 فبراير وذلك لقناعتي التامة بصدق مطالبها العادلة".
ودعا القوات المسلحة الليبية الى الاستجابة الى "مطالب الشعب ونصرته لثورة 17 فبراير".
وكان القذافي ذكر في خطابه الذي القاه الثلاثاء ان العبيدي يقف الى جانبه وانه تعرض لاطلاق النار في مدينة بنغازي التي انطلقت منها حركة الاحتجاج وان مصيره مجهول.
وكان وزير العدل الليبي مصطفى عبد الجليل استقال الاثنين احتجاجا على استخدام القوة ضد المتظاهرين.
كما اعلن عدد من الدبلوماسيين الليبيين في الخارج استقالاتهم والانضمام الى الشعب،وكان اخر المستقيلين السفير الليبي في اندونيسيا صلاح الدين البيشاري.
ونقلت فرانس برس قوله في مقابلة مع صحيفة "جاكرتا بوست" ان "جنودا قتلوا بلا هوادة مدنيين عزلا. استعملوا اسلحة ثقيلة واستخدموا مرتزقة ضد الشعب. هذا امر غير مقبول".
وكان الزعيم الليبي معمر القذافي اكد في كلمة متلفزة انه لن يتنحى عن حكم ليبيا واتهم من خرجوا في تظاهرات الاحتجاج بانهم "خونة وعملاء".
واضاف انه ليس رئيسا حتى يستقيل، واصفا نفسه بأنه "قائد الثورة الى الابد"، وانه محارب بدوي جاء بالمجد الى الليبيين.
ولوح القذافي في أول كلمة يوجهها لليبيين منذ اندلاع التظاهرات باستخدام القوة لانهاء الازمة في ليبيا قائلا إن القوة لم تـُستخدم بعد لكنها ستستخدم لمصلحة الشعب الليبي في نطاق القانون الدولي.
واتهم وسائل إعلام عربية بالاسهام في تأجيج الاحتجاجات التي شهدتها مدن ليبية خلال الأيام الماضية.
بعد خطاب الرئيس القذافي ، تدفق مؤيدوه إلى الساحة الخضراء في العاصمة طرابلس للتعبير عن ولائهم له، بناء على دعوته لهم في خطابه للخروج للشوارع لاظهار رفضهم للتظاهرات المطالبة بتغيير النظام.
كما سمع أصوات إطلاق النار في الهواء في طرابلس بعد أن انتهى الزعيم الليبي معمر القذافي من إلقاء خطابه.
وطلقت الألعاب النارية في سماء المدينة، وانطلقت سيارات بسرعة كبيرة في شوارعها مطلقة أبواقها.
وافاد موفد بي بي سي جون لاين الذي كان من اوائل الصحفيين الذين دخلوا الى المنطقة الشرقية من ليبيا بأنها بدت تحت سيطرة المعارضة كليا، وان احتفالات قد عمت المنطقة، كما انضم العديد من عناصر الشرطة والجيش الى صفوف المعارضة.
واضاف ان الاعتقاد السائد ان سيطرة القذافي محصورة ببعض المناطق فقط بينها اجزاء من العاصمة ومدينة سبها.
وقال سكان المنطقة ان الحكومة انهارت منذ يوم الخميس بعد خروج اول الاحتجاجات، وانهم يعتقدون ان من يدعمون القذافي الان هم المقاتلون الاجانب في البلاد.
وكانت شوارع المدينة شبه خالية قبل الخطاب باستثناء المنتظرين في طوابير الخبز ومحطات الوقود.
وقد أفادت الانباء بأن طرابلس تعيش حالة من التوتر الشديد واكد شهود عيان أنها تخضع لحصار أمني محكم من جانب ميليشيات أمنية لمنع وصول محتجين من مدن أخرى تحركوا لدعم المتظاهرين المطالبين بإسقاط القذافي.
وفي سبراطه الواقعة على بعد 80 كيلومترا غرب العاصمة انتشر عدد كبير من الجنود بعد ان حطم محتجون مركز القوات الامنية حسبما اوردت صحيفة قورنيا الليبية.
ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان في مدينة البيضاء الواقعة في المنطقة الشرقية ان 26 شخصا قد قتلوا خلال الليل برصاص مؤيدين للقذافي.
وتدفق النازحون واللاجئون عبر الحدود الليبية الشرقية مع مصر وقال العديد منهم ان السلطات الليبية قد استخدمت الدبابات والطائرات والمرتزقة.
البحرية الليبية ترفض ضرب المحتجين
اتجهت سفينتان حربيات ليبيتان إلى جزيرة مالطا بعد أن رفض جنود البحرية الانصياع لأوامر الزعيم الليبي معمر القذافي بقصف مدينة بنغازي. ويأتي ذلك وسط تأكيدات من ناشطين وصحفيين في الميدان بأن الهدوء النسبي يسود في عدة مدن ليبية.
فقد أكدت مصادر في مالطا أن سفينتين حربيتين ليبيتين تتوجهان إلى مالطا، وقد وصلت إحداهما بالفعل إلى السواحل المالطية.
كما أن الحكومة المالطية تشعر بحرج شديد ولذلك تتكتم على الأمر، إلى درجة أنها لم تكشف عن أي معلومات بشأن الطائرتين الحربيتين الليبيتين اللتين سبق أن حطتا في مطار مالطا بعد أن رفض الطياران أوامر القذافي بقصف المحتجين.
المصدر: الجزيرة+ وكالات
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد