16-03-2018
تصعيد عسكري بعد خروج المدنيين من الغوطة إلى كنف الدولة السورية
خرج آلاف المدنيين أمس من جيب الغوطة الجنوبي، بعد تصعيد عسكري واسع على جبهة حمورية. وترافق ذلك مع دخول قافلة مساعدات جديدة إلى مدينة دوما. وبالتوازي، يجتمع اليوم وزراء خارجية الدول «الضامنة» لمساري أستانا وسوتشي، تحضيراً لقمة رئاسية تستضيفها إسطنبول مطلع نيسان المقبل
تتسارع التطورات الميدانية في الغوطة الشرقية، لتكرّس افتراق مسارت الحلول المطروحة للتسوية بين جيبي الغوطة الرئيسين، الشمالي في محيط دوما، والجنوبي في محيط عربين. هذا الواقع الجديد أفضى إلى خروج آلاف من المدنيين أمس، عبر بلدة حمورية، إلى مناطق سيطرة الجيش السوري، بعد تصعيد عسكري واسع أفضى إلى انسحاب المسلحين من البلدة، قبل أن يعاودوا الهجوم عليها ليل أمس.
وفي المقابل، كانت مدينة دوما تستقبل قافلة مساعدات جديدة، رافقها رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، بعد أيام على لقائه كبار المسؤولين الحكوميين في دمشق. ورغم توقّف عمليات تفريغ القافلة لوقت قصير جراء قصف استهدف مواقع في دوما، فقد تمت المهمة وفق المخطط، بشكل يعزز مسار المفاوضات الخاص بهذا القسم من الغوطة.
العملية العسكرية التي يشنّها الجيش تواصلت أمس، وبعد قصف ليلي مكثّف، دخل الجيش بلدة حمورية، ليتاح المجال أمام آلاف المدنيين العالقين للخروج من البلدة، في وقت كان فيه مئات آخرون قد نزحوا باتجاه مناطق سيطرة الفصائل المسلحة في عربين ومحيطها. البلدة التي شهدت تحركات شعبية طالبت بالتوصل إلى تسوية سلمية تتيح دخول الجيش، عادت بعد خروج المدنيين لتكون ساحة معركة ليل أمس، إثر هجوم شنته الفصائل المسلحة في محاولة لتقويض إنجاز الجيش سريعاً. وتعدّ البلدة نقطة متقدمة تتيح التحرك العسكري نحو كل من عربين وسقبا، من محاور مختلفة عن نقاط التماس الحالية، ما قد يساعد على قضم مساحات أوسع من تلك البلدات، وبسرعة أكبر. ولعبت المحادثات التي يسّرها وجهاء محليون من بلدات الغوطة دوراً مهماً في عملية الإجلاء أمس، إذ ظهر عدد كبير من المدنيين برفقة بعض الشخصيات العامة، وطالبوا من بقي من أقاربهم وأبناء بلداتهم بالخروج من جيب الغوطة الجنوبي المحاصر. وفي الوقت نفسه، تابع الجيش تقدمه في منطقة الريحان، شرق دوما، وتمكنت قواته من السيطرة على عدد كبير من المواقع داخلها.
ومن المتوقع أن يفرض سيطرته الكاملة عليها خلال وقت قصير، إذا حافظت العمليات العسكرية على وتيرتها الحالية. وجاء ذلك في وقت دخلت فيه قافلة مساعدات مؤلفة من 25 شاحنة تحمل 340 طناً من المواد الغذائية، مدينة دوما. وبينما تعرضت المدينة ومحيطها للقصف الجوي والمدفعي، سقط عدد من القذائف على أحياء العاصمة دمشق، بينها باب توما وساحة المحافظة وجسر فيكتوريا. وبينما يتطوّر مسار المحادثات بين الجانب الروسي و«جيش الإسلام»، يبدو الوضع في الجيب الجنوبي مختلفاً ــ حتى الآن، إذ حدد بيان لوزارة الخارجية الروسية أن «فيلق الرحمن» استهدف الممرات الآمنة التي تم تخصيصها لخروج المدنيين الراغبين في مغادرة الغوطة؛ في إشارة إلى أن مسار التفاوض مع «الفيلق» لا يزال متعثراً. وجاء ما سبق في وقت أكد فيه وزير الخارجية سيرغي لافروف أن بلاده سوف تستمر في «مكافحة الإرهابيين... والمساعدة في إنهاء وجودهم في الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى دعمها لـ«عمليات الجيش السوري هناك... ضد الإرهاب».
وبالتزامن مع تطورات الغوطة، استضافت العاصمة الكازاخية، أمس، وفود الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، تحضيراً للقاء وزراء الخارجية اليوم، بمشاركة نائب المبعوث الأممي، رمزي عز الدين رمزي. وشهد الاجتماع التقني أمس عقد الاجتماع الأول لمجموعة العمل حول ملف المعتقلين والمختطفين وتبادل الجثامين. وسوف يبحث اللقاء الوزاري اليوم، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية التركية، اجتماع رؤساء روسيا وإيران وتركيا، في اسطنبول في الرابع من نيسان المقبل.
ومن غير المعروف إذا ما كانت الاجتماعات ستؤثر على ملف العمليات العسكرية التركية في عفرين، خاصة أن قوات الاحتلال التركي حققت تقدماً مهماً خلال الفترة الماضية، وباتت تهدد مركز المدينة. وبعد وصول الوحدات العسكرية المهاجمة إلى تخوم البلدة الغربية، وتضييقها الخناق على المعبر الوحيد من عفرين نحو بلدتي نبّل والزهراء، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، ابراهيم قالن، أن بلاده «تتوقع تطهير مركز المدينة من الإرهابيين بشكل كامل خلال فترة قصيرة جداً». وشهدت المدينة أمس تواصلاً في نزوح المدنيين منها، وخروج الآلاف نحو البساتين القريبة من المدينة خوفاً من القصف المستمر الذي يطال أحياءها، وخاصة الأشرفية والمحمودية. ورغم وصول القوات التركية والفصائل العاملة معها إلى أطراف المدينة الغربية، إلا أنها ركزت تقدمها البري بعيداً عن طوق المدينة القريب، ويبدو أنها سوف تضغط لعزل المدينة من جهة طريق راجو أيضاً، وقضم الجيب الباقي في محيط ناحية معبطلي. وسوف يؤدي استهداف عفرين المدفعي والجوي، مع قطع الكهرباء والماء عنها، إلى نزوح غالبية المدنيين، وإضعاف المقاتلين المتمركزين هناك، وهو ما سيجنّب القوات التركية اشتباكات عنيفة خلال اقتحام المدينة. وانعكس هذا التوجه في ترك قوات الاحتلال الممر الموصل بين عفرين وبلدتي نبّل والزهراء مفتوحاً، رغم أنها تتمركز في محيطه منذ أيام.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد