تعافٍ «مؤقت» لسعر صرف الليرة
ارتفع سعر صرف الليرة السورية في السوق غير الرسمية، أمس، إلى حدود 2300 ليرة لكل دولار، بعد انخفاضه بشكل غير مسبوق الإثنين، وتجاوزه حينها حاجز 3500 ليرة/ دولار.
تَغيُّر سعر الصرف بهامش كبير خلال يوم واحد، أتى وسط حالة فوضى سادت سوق الصرافة، وتسببت بجمود التعاملات فيه وانخفاض التعاملات التجارية، ولا سيما للسلع التي ارتفعت أسعارها خلال الأسبوع الجاري.
اللافت أن التغير الأخير لم يأت جراء تدخل مباشر ومعلن من جانب مصرف سوريا المركزي؛ إذ لم يعلن الأخير أي تدخّل في السوق عبر ضخّ كميات من النقد الأجنبي، بل على العكس، تشير التصريحات الحكومية إلى التوجّه نحو تقليل الإنفاق من الاحتياطي الأجنبي إلى أدنى حد ممكن.
وخلال اليومين الماضيين، تولّت أوساط غير رسمية الترويج لحملة واسعة تقودها جهات أمنية ونقدية، لإخراج المضاربين من سوق الصرف؛ وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورٌ لحزم كبيرة من الدولارات الأميركية، قال ناشروها إنها تعود لمضاربين في السوق، وضبطت وتمت مصادرتها. وتعمّد من وزّع تلك الصور الإشارة إلى التاريخ الذي يفترض أنها ضبطت فيه، في محاولة لرفع صدقيتها، وزيادة تأثيرها على سوق الصرف.
وبمعزل عن صحّة تلك الصور، فإن المصرف المركزي يعمل بجهد لتقييد الحوالات غير الرسمية الواردة إلى سوريا؛ إذ اتخذ إجراءات قانونية رادعة وصلت إلى حدّ وقف العمل لعدد من شركات الصرافة وتحويل الأموال، وحذّر المواطنين من تسلّم أية حوالات خارج الشركات المرخّصة تحت طائلة العقاب.
وخرجت أمس مبادرات لتجّار وصناعيين في محاولة لدعم قيمة الليرة السورية؛ وأبرزها عن «رابطة التجار السوريين» في الكويت، التي قال رئيسها فهد خضير، إنه سيتم تحويل «مبالغ ضخمة» إلى داخل البلاد لدعم سعر الصرف، على أن يتم في مرحلة لاحقة توجيه الدعم إلى الصناعيين السوريين.
كذلك بدا لافتاً خفض «الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات» السورية سعر غرام الذهب الواحد بقيمة 25 ألف ليرة سورية بشكل مفاجئ. وهو ما تُرجم على أنه خطوة أتت بتوجيه حكومي بهدف تحويل الطلب على «ملاذ آمن» نحو الذهب بدلاً من الدولار.
مرحلة مؤقّتة
يكاد يجمع المتابعون للملف الاقتصادي السوري على أن التحسّن الحالي في سعر الصرف، مؤقّت، ولا يمكن التعويل عليه كمؤشر لارتفاع مستدام في قيمة الليرة.ويعزز ذلك غياب استراتيجية حكومية واضحة للتعامل مع انزلاقات سعر الصرف، ولا مع تضخّم أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات الرئيسية، برغم ضغطها المتزايد على السوريين.
كذلك، فإن من غير الممكن عملياً فصل مجريات الاقتصادين السوري واللبناني، ولا سيما فيما يخصّ سعر صرف الليرتين السورية واللبنانية؛ وهو ما برز بشكل أكبر بعد صيف العام الماضي، عبر انعكاس تدهور الواقع النقدي اللبناني على نظيره السوري، ما يعني أن الحلّ المستدام في أحد البلدين لا يمكن فصله عن الاستقرار في الآخر.
وتحدثت أوساط اقتصادية سورية عن التأثير السلبي للقروض الكبيرة التي تتسرّب خارج قطاع الإنتاج على قيمة العملة الوطنية؛ على اعتبار لجوء كبار المقترضين إلى تحويل المبالغ المقترضة إلى الدولار بدلاً من استخدامها في ما خصصت له بالأصل. وطالبت تلك الأوساط بتجميد منح القروض الكبيرة والاكتفاء بتلك التي تموّل المشاريع الصغيرة، إلى جانب تفعيل آلية تتيح تحصيل القروض التي ذهبت إلى قطاعات غير إنتاجية.
الليرة التركية تدخل الشمال
خلال اليومين الماضيين، بقي سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في الشمال السوري، أعلى بهامش بسيط عن السعر في دمشق وحلب. وحين استقر في دمشق أمس على سعر 2300 ليرة لكل دولار، كان في إدلب بحدود 2700 ليرة لكل دولار.
وتزامن ذلك مع استمرار «مديرية البريد» التركية ضخّ فئات صغيرة من الليرة التركية في فروعها المنتشرة في ريف حلب الشمالي، المحتل من قبل الجيش التركي، بالتنسيق مع المجالس المحلية ومؤسسات «الحكومة المؤقتة».
والتقى رئيس «الحكومة المؤقتة» عبد الرحمن مصطفى، والي ولاية كلّس التركية رجب صوي تورك، أمس، لنقاش مسألة ضخ العملة التركية. وأشار إلى أن خطوة إدخال الفئات الصغيرة من الليرة التركية سيتبعها «مزيد من الخطوات»، بهدف «حماية مدخرات المواطنين بسبب الانخفاض السريع في قيمة الليرة السورية».
الأخبار
إضافة تعليق جديد