تقرير الاستخبارات الأمريكية يبرئ طهران ويخزي بوش وإسرائيل
بدا امس ان تقرير الاستخبارات القومية الاميركية، أصاب اصدقاء الولايات المتحدة واعداءها، بالدهشة، ووضع الجهود الاميركية لتشديد العقوبات على ايران في موقع حرج، وسط مطالبة ايرانية بالتعويض عن «الاتهامات الخيالية» التي كالتها لها ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، الذي حاول الخروج بأقل الخسائر الدبلوماسية كلفة، رافضا رفع خيار القوة عن الطاولة، فيما كانت اسرائيل تصر على رفض استنتاجات التقرير الاميركي.
وكانت وكالات الاستخبارات الاميركية الـ,16 اكدت أمس الأول ان البرنامج النووي الايراني «لم يعد» عسكريا، وأن طهران تخلت عن برناجها العسكري في العام 2003 وباتت «أقل تصميما» اليوم على صنع قنبلة نووية، مستبعدة ان تتمكن ايران من صنع سلاح نووي، «في حال قررت ذلك»، قبل العام .2015
وفي مؤتمر صحافي في البيت الابيض، قال بوش ان «ايران كانت تمثل خطرا، وايران تمثل خطرا الآن، وايران ستمثل خطرا في المستقبل اذا حصلت على تقنية صنع سلاح نووي». وأضاف ردا على سؤال بشأن ما اذا كان العمل العسكري لا يزال احد الخيارات «العمل الدبلوماسي الافضل والاكثر فعالية، هو العمل الذي تكون فيه كل الخيارات مطروحة على الطاولة».
واعتبر بوش ان تقرير الاستخبارات الاميركية يمثل «انذارا لانهم كانوا يملكون البرنامج (العسكري) وقد اوقفوه.. لكنهم يمكن ان يعيدوا العمل به»، مشيرا الى انه لم يعلم بمحتوى التقرير سوى الاسبوع الماضي، وانه اعتبر حينها ان استنتاجات الاستخبارات يجب الا تكون سببا للتقليل من الضغوط الدبلوماسية على ايران.
وأكد الرئيس الاميركي الذي دعته المعارضة الديموقراطية الى اتباع «سياسة جديدة» حيال ايران وإلى «يقظة دبلوماسية»، ان التقرير «لن يغير شيئا» من موقفه تجاه طهران. وقال ردا على سؤال حول امكانية ان يواجه أزمة مصداقية مع الشعب الاميركي «لا، انا مرتاح.. قلت ان ايران خطيرة، وتقرير وكالات الاستخبارات لا يغير شيئا من موقفي تجاه الخطر الذي تشكله ايران على العالم».
وذهبت القيادة الاسرائيلية أبعد من بوش في اصرارها على ان ايران تعمل على انتاج سلاح نووي. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت «كنت على علم بهذا التقرير الاميركي. ولقد بحثته الاسبوع الماضي مع الادارة الاميركية. من الضروري ان نواصل جهودنا مع اصدقائنا الاميركيين لمنع ايران من اقتناء اسلحة غير تقليدية».
من جهته، رأى وزير الدفاع إيهود باراك أن التقرير غير كامل وأن مثل هذه التقارير تعد وسط «أجواء من الغموض». وتابع «يبدو أن إيران في عام 2003 أوقفت لبعض الوقت برنامجها للتسلح النووي، لكن على حد علمنا فانها استأنفته على الأرجح. نتحدث عن مسار محدد مرتبط ببرنامجها لتصنيع أسلحة والذي انقطعت الصلة بينه وبين الاستخبارات الأميركية وربما استخبارات دول أخرى».
واعتبر باراك ان امكانية ان تقوم الولايات المتحدة بضربة ضد ايران «من المحتمل ان تكون تقلصت» بسبب التقرير. لكنه رأى انه «لا يمكن ان نسمح لأنفسنا بان نستريح بسبب تقرير استخباراتي من الجانب الآخر من العالم، حتى وان كان من قبل صديق عظيم». واضاف «لا يزال لدينا الكثير من العمل بخصوص البرنامج النووي الايراني.. ان الكلمات لا تصد الصواريخ».
ولقي التقرير الاميركي صدى ايجابيا في طهران. وقال وزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي «نحن نرحب بأي تصحيح من قبل الدول التي كانت لديها تساؤلات حول المسألة النووية الايرانية في السابق بغض النظر عن دوافعها».
وفيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية محمد علي حسيني ان «هذا التقرير يثبت ان تصريحات بوش خيالية»، طالب المتحدث باسم الحكومة غلام حسين إلهام بالحصول على تعويض من الولايات المتحدة عن الاتهامات خلال السنوات الاخيرة بشأن برنامج طهران النووي.
وكان رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي قد قال في وقت سابق انه «على بوش تقبل الواقع والتوقف عن كيل الاتهامات إلى إيران» بعد صدور التقرير، الذي اعتبر انه «أبطل مفعول مؤامرات الدوائر الصهيونية» في الولايات المتحدة التي دفعت البيت الابيض للضغط على إيران.
وترك التقرير الاميركي بصمة سلبية على الجهود الاميركية لاستصدار قرار ثالث من مجلس الأمن الدولي ضد ايران. وأعلنت بكين ان موقفها بشأن ايران ما زال كما هو يتمثل في السعي الى حل عن طريق الحوار، وذلك بعد ساعات من اتصال هاتفي لوزير الخارجية يانج جيه تشي مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس بشأن برنامج طهران النووي.
وبدا المندوب الصيني لدى الامم المتحدة غوانغيا وانغ أكثر حزما حين قال ان على «أعضاء مجلس الأمن الدولي ان يأخذوا بالاعتبار تقرير الاستخبارات الاميركية، لانني اعتقد اننا نتعامل مع الأزمة من منطلق ان الأمور تغيرت الآن».
غير ان المندوب الاميركي زلماي خليل زاد قال ان التعليمات التي تلقاها في وقت سابق والتي تنص على مداولات حول قرار ثالث يشدد العقوبات على ايران، لم تتغير. ورغم ان المندوب الروسي فيتالي تشوركين رفض التعليق على تقرير الاستخبارات الاميركية، الا انه قال انه «لا يوافق تماما» على ما قاله نظيره الاميركي.
وفيما اعلنت بريطانيا وفرنسا انهما ستستمران في الضغط على ايران، ذكرت المتحدثة باسم منسق السياسة الخارجية الاوروبية خافيير سولانا ان تقرير الاستخبارات الاميركية «لا يؤثر على المقاربة الاوروبية المزدوجة» التي توفق بين «الحوار» مع طهران وممارسة ضغوط من خلال العقوبات الدولية.
في موسكو، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه الامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي، بالتعاون بين طهران والوكالة الذرية، معتبرا رغم ذلك ان على إيران إخضاع كل برامجها النووية لرقابة الوكالة.
وفي تعليقه على تقرير الاستخبارات الاميركي، قال جليلي «من الواضح انه في هذا الموقف ليس من القانوني الابقاء على قضية ايران النووية في مجلس الامن، وهو يظهر ان انشطة ايران النووية سلمية وهذه القضية يجب ان تتابعها الوكالة الذرية كما يجب الا تكون قضية ملحة على جدول اعمال الوكالة».
وقد اعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، في بيان، ان تقرير اجهزة الاستخبارات الاميركية «ينبغي ان يساعد في نزع فتيل الازمة الحالية وان يدفع في الوقت ذاته ايران الى التعاون بشكل ناشط مع الوكالة الذرية لتوضيح اوجه معينة من برنامجها النووي الماضي والحاضر».
وأضاف البرادعي ان هذا التقرير «يؤكد التصريحات التي صدرت عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في السنوات الاخيرة عن عدم وجود ادلة على البرنامج النووي العسكري الايراني». ودعا جميع الاطراف الى «التفاوض من دون إبطاء»، مضيفا «ان مثل هذه المفاوضات ضرورية للطمأنة الى المسار الذي سيسلكه البرنامج النووي الايراني في المستقبل».
النقاط الرئيسية للتقرير :
في ما يلي 10 نقاط رئيسية يمكن إيجاز تقرير وكالات الاستخبارات الاميركية حول البرنامج النووي الايراني بها:
ـ نعتقد «بدرجة عالية من الثقة» أن إيران أوقفت، في نهاية العام ,2003 برنامجها للتسلح النووي، «وبدرجة متوسطة من الثقة» فإن البرنامج لم يستأنف منتصف العام الحالي.
ـ «إن قرار طهران وقف برنامجها للتسلح النووي يوحي بأنها أقل تصميماً على تطوير أسلحة نووية مما كنا نعتقد منذ العام 2005»، لكن إيران «تبقي خيار تطوير أسلحة نووية مفتوحاً».
ـ الوسيلة المرجحة لايران لانتاج كمية كافية من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، هي في تخصيب اليورانيوم الذي بدأته الجمهورية الاسلامية في كانون الثاني العام .2006
ـ حققت إيران «تقدما كبيرا»، هذا العام، في إقامة أجهزة للطرد المركزي في موقعها النووي الاكبر في نطنز، «لكننا ننظر بثقة متوسطة إلى أنها ما زالت تواجه مشاكل تقنية كبيرة في تشغيلها».
ـ إن لدى وكالات الاستخبارات «ثقة بدرجة متوسطة» في أن أقرب موعد يمكن أن تصبح إيران قادرة فيه، تقنياً، على إنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لانتاج أسلحة، هو العام ,2009 «لكن احتمال تحقيق ذلك ضئيل جدا».
ـ «نعتبر، بدرجة متوسطة من الثقة، أن إيران ستكون قادرة على إنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لبناء أسلحة، في الفترة ما بين عامي 2010 و2015».
ـ لن تكون إيران قادرة تقنياً على انتاج ومعالجة كمية كافية من البلوتونيوم لبناء أسلحة «قبل العام 2015».
ـ إن قرار إيران وقف تطوير برنامجها النووي العسكري في العام 2003 «جاء أولا رداً على الضغط الدولي»، وهذا يوحي بأن طهران «ليست على عجلة لصنع أسلحة مع الاستخفاف بالثمن السياسي والاقتصادي والعسكري لذلك».
ـ كما أن هذا يعني، في المقابل، أن «تضافر تهديدات بتكثيف المراقبة الدولية والضغوط»، يمكن أن يدفع هذا البلد الى تمديد وقف برنامجه النووي العسكري.
ـ «برأينا، وحده قرار سياسي إيراني بالتخلي عن هدف إنتاج أسلحة نووية، يمكن به أن يبقي إيران بعيدة عن إمكانـية إنتــاج أسلحة نووية، وقرار من هذا النوع يمكن الرجعة عنه».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد