تقرير اللجنة الخاصة بتقييم الإنتاج الدرامي السوري

08-09-2007

تقرير اللجنة الخاصة بتقييم الإنتاج الدرامي السوري

الانتاج الدرامي للتلفزيون العربي السوري، حكاية معظم الأحاديث الصحفية، وميزانية تقدر بـ «200» مليون ليرة سورية سنوياً.

ومديرو انتاج مرّوا على هذه المديرية تحدثوا كثيراً عن التطوير والتحديث الدرامي وعن أشياء وأشياء. وماذا كانت النتيجة، أعمال القطاع الخاص تحلّق في الريح، وتجلب لسورية السمعة الدرامية الرائعة. وأعمال التلفزيون السوري متواضعة وميزانيات بالملايين صرفت على أعمال، الجيد منها قليل والوسط هو السائد والضعيف نسبته الربع تقريباً. وحتى لايعتقد أحد أننا نظلم أحداً، سنلقي الضوء على تقرير اللجنة الخاصة بتقييم الإنتاج الدرامي بين أ عوام (2000و2004) التي شكلّها المدير العام السابق للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون معن حيدر. وحمل قراره رقم ـ3ـ تاريخ ـ3ـ كانون الثاني من العام «2005» وقد تكونت اللجنة من محمد ملص رئيساً، وعضوية ريم حنا، وجورج لطفي الخوري، وقمر الزمان علوش، وسهيل الصالح، وقد جاء في التقرير:«بعد مشاهدة مالا يقل عن ثلاث ساعات تلفزيونية لأربعة وخمسين عملاً درامياً، أنتجتها الهيئة ما بين عام2000 وحتى نهاية عام 2004، أي مشاهدة مايعادل مئة وخمس وأربعين حلقة، فقد قررت اللجنة أن تطرح في البداية التصورات والملاحظات التالية:«لقد بدا لنا أن المشكلة الأساسية، تكمن في النصوص، فمعظم الأعمال التي شاهدناها تعاني من ضعف سواء على مستوى الأفكار التي تتناولها أو الموضوعات التي تعالجها، وأن هذا الضعف يصل أحياناً الى درجة يمكن أن تشكل لدى المتلقي التباسات متعددة في هوية المجتمع الذي تتناوله وطبيعة المشكلات التي يعاني منها هذا المجتمع، كما تعاني هذه السيناريوهات من الضعف في البناء وفي المعالجة الدرامية، وكأن كل الأحداث ليس لها مسرح إلا موائد الطعام أو الأسرّة أو المنتجعات، والدراما في هذه النصوص، إذا وجدت، هي دراما كلامية، ودائماً الرجال ضحايا للنساء، والنساء ضحايا للرجال ولا أحد ضحيّة أي شيء آخر، أما الحلول الدرامية فهي أخلاقية، والنهايات السعيدة محسومة لصالح الخير، وقد تساءلنا ترى هل حالت السقوف الإنتاجية دون طموحات الكاتب؟ ‏

أم هي الرقابة؟ أم السبب هو موهبة الكاتب؟ لقد جعلتنا هذه النصوص نتساءل أيضاً، عن كيف أقرت؟ أو كيف يستطيع المخرج أن يتعامل مع مثل هذه النصوص؟ وفي كثير من المرّات تساءلنا لماذا يقبل المخرج بها؟ إن هذا الوضع يدفعنا الى أن ندعوكم بإلحاح، لإيجاد الوسيلة والآلية الأكثر تفتحاً ونزاهة في قرار اعتماد النصوص، سواء في مرحلة الرقابة، أو في مرحلة قرار الإنتاج، لايخفى عليكم أننا في عصر المنافسة والعرض والطلب. ‏

ولاحظنا أيضاً غياب الأعمال النوعية. فعلى الرغم من اعتقادنا أن الهيئة ومديرية الإنتاج تملك الكوادر البشرية المؤهلة فنياً وتقنياً، وتملك المعدّات الفنية والإمكانات المالية التنفيذية، فقد غابت الأعمال الدرامية ذات الطابع الإنتاجي الكبير، ونحن نعتقد بأنه لابد للهيئة من أن يكون لها حضورها في مثل هذه الإنتاجات، حتى ولو في عمل واحد في العام، كي لاتبقى هذه الأعمال حكراً على الإنتاجات الخاصة، وللقيام بذلك لابد من إيجاد الحلول الذهنية المقررة للنواظم المالية المقيّدة. ‏

نعتقد أن الهيئة لن تستطيع توفير الإمكانيات الضرورية والشروط الإنتاجية للقيام بمثل هذه الأعمال بعيداً عن مفاهيم السوق السائدة حالياً في الإنتاج الدرامي. ‏

وقد تبيّن لنا أن تكلفة الأعمال التي ينتجها التلفزيون هي في معظمها أعلى من تكلفة الإنتاج في القطاع الخاص. ‏

الأعمال الأربعة والخمسون التي شاهدناها قام بتحقيقها ثمان وثلاثون مخرجاً، ومن الملاحظ أن الفرص المتاحة للمخرجين تتحقق في فترات متباعدة جداً، وهذا يعني أنّ الخبرة لدى المخرجين الشباب لايتاح لها أن تتطور، فالممارسة هي المعلم الأول. ‏

وقد غابت عن الأعمال التي شاهدناها أسماء مخرجين أثبتوا قدراتهم وموهبتهم في أعمال سابقة للهيئة. أو ممن هم أبدعوا في الأعمال التي قدموها في القطاع الخاص، لذلك ندعو لإيجاد الطرق لاستقطابهم وإتاحة الفرص والشروط لجذبهم من جديد. ‏

الواضح أن الهيئة تواجه مشكلة تسويق إنتاجها، حيث غابت الأعمال التي شاهدناها من على شاشات المحطات العربية باستثناء القليل منها، وحرصاً منا على الإنتاج وتطوير إمكانياته ندعو الى ايجاد الآلية والاستعانة بالخبرات التي تستطيع تسويق هذه الأعمال». كما أبدت اللجنة ملاحظات عامة عن الأعمال المنتجة: ‏

ـ بدا بشكل عام أن المستوى الفني للإخراج يكاد يكون متقارباً لكن الصعوبة الكبيرة التي واجهناها في تقييمنا هي العثور على الأعمال المكتملة أو المتألقة فنياً. ‏

ـ هناك ضعف في المضامين الفكرية وفي الرؤية الفنية وأن الإنتاج لا يزال محصوراً في التعبير عن مشكلات وقضايا ومشاغل مستهلكة ومكرورة. ‏

مقارنة بما استطاعت الدراما في سورية تحقيقه من تألق وتطور فإن الإنتاج في التلفزيون بدا لنا بأنه لا يزال بعيداً عن مواكبة هذه النقلة النوعية التي وصلتها هذه الدراما. ‏

وقد صنفت الأعمال الى ـ عمل ضعيف ـ عمل وسط ـ عمل جيد ـ عمل جيد جداً. ‏

الأعمال الدرامية المنتجة عام 2000. ‏

ـ النصيب إخراج أنيسة عساف ضعيف ‏

ـ خوف غامض إخراج خالد الخالد ضعيف ‏

ـ أحلام لاتموت إخراج غسان باخوس وسط ‏

ـ عشاق الخيال إخراج سوزان الصالح وسط ‏

ـ قضية عائلية إخراج نبيل ع شمس وسط ‏

ـ المقلع إخراج محمد اسماعيل آغا وسط ‏

ـ ذاكرة صعبة إخراج عباس النوري وسط ‏

ـ أنا وأبنائي إخراج حسن عويتي وسط ‏

ـ الخطيبة إخراج عباس النوري وسط ‏

ـ حروب عائلية إخراج نبيل ع شمس وسط ‏

ـ الغريب إخراج فردوس أتاسي جيد ‏

ـ بيت العيلة إخراج واحة الراهب جيد ‏

ـ حب تحت اسم آخر إخراج هند ميداني جيد ‏

ـ حكاية حلم إخراج فراس دهني جيد جداً ‏

ـ الخيزران إخراج محمد بدرخان جيد جداً. ‏

انتهى كلام اللجنة. ‏

نكتفي بهذا القدر من التقرير. ونعيد طرح السؤال المحوري في تقرير هذه اللجنة: كيف أقرت هذه الأعمال؟ وهو ما يضعنا أمام أسئلة أخرى يستدعيها السؤال الأول: ‏

ـ لماذا كل هذا الضعف في أعمال مديرية الانتاج التلفزيوني؟ ومن المسؤول عن صرف عشرات الملايين على أعمال لاتستحق المشاهدة؟ ‏

أين الرقابة المالية والتفتيشية؟. ولماذا لم يفكر أحد بالمحاسبة؟. وكأن مديرية الانتاج في التلفزيون، وهي جمعية خيرية توزع المساعدات حسب أمزجة مديرها أيا كان. وما زال عصب «الاختلاس» فيها هو معظم آلياتها التنفيذية وعلى رأسهم منفذو الانتاج والمخرجون! الى أسماء ومهن أخرى غامضة. ‏

أمام هذه المعطيات يحق لنا أن نحرق كل الكلام الذي تحدث به أصحاب هذه المديرية عن أعمالهم. لأنه كلام هوائي وليس له أية صلة بالوقائع على الأرض. إن ما يحدث داخل أسوار هذه الهيئة مخيف حقاً، بعد أن استشرى الفساد والمحسوبيات في العمل، والمشكلة أن جدران الفشل تحيط بكل حالم من هذه الإدارات. فالبيروقراطية التي تتحكم بعمل الهيئة مالياًً وادارياً ستبقيها على حالها الى أمد بعيد. وإلا كيف نفسر أسباب امتلاك نصوص ودفع ثمنها وطيها لاحقاً . ‏

ماهي الأسباب التي جعلت التلفزيرن يتملك هذه الأعمال ولاينتجها، نكتشف مثلاً أن سهرة بعنوان «عروس حسب الطلب» تاريخ تملكها عام 1997. وقد كان سبب التملك بحسب تفسير المديرين «مساعدة صاحب النص»! وسهرة أخرى بعنوان «غوايات» تم تملكها عام 2004 والسبب العجيب الغريب هو حسم الخلاف مع الكاتب، وسهرة أخرى بعنوان «جدران دافئة» تم شراء النص لإعانة الكاتب! وطبعاً هناك عشرات الأعمال تم تملكها ولم تنتج. ‏

ومن أسماء الأعمال المتملكة بين 1980ـ 2002، وأسباب عدم إنتاجها تعود إما لضعف في معالجتها الدرامية أو أصبحت موضوعاتها مستهلكة كثيراً: ‏

ـ نزيه قبرصلي سهرة ‏

ـ العين تقاوم المخرز سهرة ‏

ـ رزقة العيد سهرة ‏

ـ عودة المرواني سهرة ‏

ـ زغرودتان قبل الغداء سهرة ‏

ـ القبعة ثلاثية ‏

ـ البسطاء ثلاثية ‏

هكذا تسير الأمور في مديرية الانتاج التلفزيوني، ويبدو أن معظم المبدعين على صعيد الإخراج أو التمثيل سيجدون خلاصهم الحقيقي في الهروب الى خارج أسوار مديرية الانتاج التلفزيوني. ومن بقي منهم يعمل فإن لسان حاله يقول: «بدنا نعيش» ‏

وإذا لم يكذبنا المكتب المركزي للإحصاء نستطيع أن نصنف العاملين في مديرية الانتاج التلفزيوني على الشكل التالي: ‏

ـ عارفون بكل الجنايا والخفايا ومستفيدون من كل الخفايا ‏

ـ عارفون ببعض الخفايا ويأملون بالاستفادة مستقبلاً ‏

ـ لا يعرفون ما يحدث داخل الغرف وداخل الأوراق المالية. ‏

وبعد كل ذلك، هناك من يحاضر بك عن تطوير في عمل المديرية وأن «زمن الهبش» ولى، وأن قوانين مؤسسة الإعلان تتحكم في عمل مديرية الانتاج؟. ‏

مصطفى علوش

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...