توصيف حروب أمريكا الأربعة في العراق ودور أحمد الجلبي فيها
الجمل: منذ لحظة غزو واحتلال العراق في مطلع عام 2003م وحتى الآن ما تزال سلطات الاحتلال الأمريكي تحاول (مستخدمة شتى الوسائل) القيام بفرض سيطرتها على الأرض والشعب في القطر العربي العراقي، ولكن العراق ما يزال عصياً على كل أنواع السيطرة التي جربتها سلطات الاحتلال.
* عمق المعركة وفشل السيطرة:
التوصيف الشكلي لمعركة العراقيين مع القوات الأمريكية، يتعرض للإجراءات الميدانية العسكرية والموجهات الحربية الدائرة في الساحة العراقية، أما التوصيف التحليلي فيقول بأن المعركة الدائرة في السطح تختلف عن المعركة الدائرة في العمق تماماً، وذلك على أساس اعتبارات أن جوهر ولب الصراع هو الفوز بمعركة "كسب العقول والقلوب". بكلمات أخرى، كسب الحرب النفسية التي ظلت سلطات الاحتلال الأمريكي تخسر فيها كل يوم ما يعادل أضعاف خسائرها البشرية والمادية والمالية.
* آليات السيطرة والـ"حصان العراقي الجامح":
اليهودي الأمريكي ديفيد ساتلوف، خبير اللوبي الإسرائيلي والمدير التنفيذي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في مقاله لصحيفة واشنطن بوست والذي حمل عنوان "كيف نكسب حرب الأفكار"، يقول: "إن استقالة كارن بي هيدجز، نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الدبلوماسية، تمنح الرئيس بوش فرصة التركيز في أحد أكثر الأخطاء الفادحة المتمثل في الطريقة التي تعاملت فيها الإدارة الأمريكية مع أحداث الحادي عشر من أيلول، ويتمثل هذا الخطأ في الفشل في إعطاء الأولوية للحرب المذهبية على العلاقات العامة".
يقول ساتلوف: "يعتقد معظم الأمريكيين اليوم بأن الولايات المتحدة تخوض ثلاثة حروب: في العراق، في أفغانستان، وضد المتطرفين الإسلاميين المنتشرين في بقاع العالم"، لكن أمريكا تخوض في الحقيقة حرباً رابعة (كما يؤكد ساتلوف) ضد انتشار المذهبية الإسلامية المتطرفة. ويتمثل مسرح هذه الحرب في القرى والمدن العديدة المنتشرة التي يعمل في داخلها المتطرفون الإسلاميون بنشاط وهمة.
وتأسيساً على ملاحظات روبرت ساتلوف، يتضح لنا أن الإدارة الأمريكية، قد خاضت هذه الحروب الأربعة في الساحة العراقية، وهو ما تؤكده الاستنتاجات الآتية:
• الحرب ضد أفغانستان هي بالأساس "بروفة" تمهيدية للحرب ضد العراق.
• الحرب ضد الإرهاب هي الذريعة الرئيسية لشن الحرب ضد العراق.
• الحرب ضد المذهبية الإسلامية المتطرفة، هي الذريعة الرئيسية لاستمرار واستدامة الحرب ضد العراق.
• تجميع كل هذه الحروب في الحرب الرئيسية والتي هي: الحرب الأمريكية ضد العراق.
حتى الآن لم تستطع لا الإدارة الأمريكية ولا القوات الأمريكية ولا سلطات الاحتلال الأمريكية (المدعومة إسرائيلياً) والـ"المتعاملين" العراقيين من فرض السيطرة على العراق.. بكلمات أخرى، فقد فشلت السيطرة الأمريكية على محورين رئيسيين:
• محور السيطرة الأمريكية المباشرة بواسطة القوات الأمريكية.
• محور السيطرة الأمريكية غير المباشرة بواسطة المتعاملين العراقيين الذين نصبتهم أمريكا لحكم العراق بـ"الوكالة" عن الأمريكيين.
* آليات السيطرة الجديدة: إشكاليات الاختبار والتجريب:
الإهانات الموجعة التي تلقاها الـ"متعامل" العراقي وعضو المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي أحمد الجلبي، من جراء لفظ الإدارة الأمريكية له، ونكران جماعة المحافظين الجدد ووكالة المخابرات المركزية لجهوده المخلصة في تقديم المساعدة للأمريكيين من أجل القيام بغزو واحتلال موطنه، هي إهانات لم تدفعه للانزواء بعيداً واعتزال السياسة والتصرف على غرار ما فعله أنطوان لحد قائد جيش لبنان الجنوبي والذي بعد أن لفظته إسرائيل لجأ إليها وأصبح بعد أن كان "جنرالاً" عسكرياً يعمل جنرالاً لخمارة افتتحتها إسرائيل.
لم يقتنع أحمد الجلبي بعد بفكرة "الخمارة"، وحالياً (كما تقول صحيفة لوس أنجلس الأمريكية الصادرة يوم 13 تشرين الثاني الحالي) يجلس الجلبي في غرفة الاجتماعات التابعة لمقره الموجود في المنطقة الخضراء وذلك استعداداً للقاء الجنرال رايموند تي أوديرتو، الضابط الأمريكي الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الجنرال بتراوس في العراق.
تقول المعلومات بأن احتمالات إعادة الجلبي تعتمد على نجاح الأمريكيين في التالي:
• تحقيق النجاح في حملة شراء زعماء القبائل والعشائر العراقية، وهي حملة يشرف عليها بشكل مباشر وغير مباشر أحمد الجلبي وبعض أعوانه.
• بناء الذرائع للتخلص من محمد نوري المالكي.
• التخلص من طالباني وزيباري، بحيث يتم توجيههم للتفرغ للشؤون الكردية الانفصالية ومساعدة البرزاني، ويتوقف ذلك على النجاح في وقف العملية العسكرية التركية، أما في حال حدوث الاقتحام العسكري التركي فإن البديل هو إقامة صفقة بين الجلبي والزعماء الأكراد، وبعض الأطراف السنية والشيعية التي تم شراؤها بحيث يتم بموجبها إيصال أحمد الجلبي إلى منصب رئاسة الوزارة.
عموماً، تقول صحيفة لوس أنجلس الصادرة اليوم 14 تشرين الثاني بأن ثلاثة من زعماء القبائل العراقية يتنافسون حالياً من أجل الحصول على بعض المبالغ الأمريكية المخصصة كـ"هدية" للزعماء الثلاثة إذا وافقوا على تأمين حركة مرور القوات الأمريكي من أحد الطرق الجانبية المارة بالقرب من بغداد.
كذلك أشارت الصحيفة إلى أن القوات الأمريكية خصصت مبلغ 5.2 مليون دولار أمريكي لتمويل "العقود" التي سوف يتم التوقيع عليها مع زعماء وشيوخ عشائر الأنبار مقابل قيامهم بتأمين هذه الطرق والمنشآت.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد