تونس تترقب مصير المرحلة الانتقالية

21-02-2013

تونس تترقب مصير المرحلة الانتقالية

تفاءل كثيرون باستقالة رئيس الحكومة حمادي الجبالي كبادرة تحمّل مسؤولية غير معهودة من قبل الإسلاميين الذين وصلوا إلى السلطة (الجبالي هو الأمين العام لحركة «النهضة» الحاكمة)، واعتبرها كثيرون في المقابل مجرّد مسرحيّة يلعبها «الإخوان»، بدهائهم المعتاد، لامتصاص غضب الشارع الذي وصل حدّ الانفجار إثر مقتل المناضل التونسي شكري بلعيد.
في الحقيقة، ثمة الكثير من القراءات المتضاربة للمشهد التونسي اليوم، لكن جميعها تلتقي على واقع أن البلاد تقف عند مفترق طرق. الأنظار شاخصة إلى نتائج المشاورات التي يجريها الرئيس منصف المرزوقي مع القوى السياسية للتوصل إلى إيجاد بديل للجبالي، الذي استقال بعد فشله في إقناع الأطراف السياسية بحكومة «تكنوقراط» غير حزبيّة.
هذا البديل، وبالتالي الحكومة التي سيشكلها، سيتوقف عليه السياق الذي ستتبعه المرحلة الانتقالية التونسية، وتحديداً ما يتعلّق بتحديد موعد الانتخابات وكتابة الدستور، وهو ما كان اشترطه الجبالي للقبول بتشكيل حكومة أخرى إن قرّرت الحركة الحاكمة إعادة تكليفه. المرزوقي والغنوشي يتصافحان خلال مشاورات البحث عن رئيس حكومة في تونس، أمس. (أ ب)
وهكذا تختلف الأمور بين اختيار الجبالي الذي يتوقع مراقبون أن تسلك الأمور معه باتجاه توافق جديد، وبين اختيار أحد صقور «النهضة» الذي سيدخل البلاد في صراع مع الأحزاب العلمانية، المتوترة أصلاً في علاقتها مع «النهضة» لا سيما بعد اغتيال شكري بلعيد الذي يتهم رفاقه ومناصروه الحركة بمقتله.
ووسط سيناريوهات عديدة ترتسم، ليس هناك من اسم محسوم حتى اللحظة. فمرشد «النهضة» التاريخي وزعيمها راشد الغنوشي قال، بعد لقاء رئيس الجمهورية، إن «الحركة لم تتفق حتى الآن على أي مرشح لمنصب رئيس الوزراء»، بينما توقّع أن يتم تشكيل حكومة ائتلاف سياسي هذا الأسبوع.
وقال الغنوشي «لم نصل بعد الى مرحلة ضبط الأسماء، نحن في اتجاه لمزيد من التشاور»، معلّقاً «البلاد تحتاج الى حكومة ائتلافية تشارك فيها أوسع الأحزاب والكفاءات، ونحن على اتفاق أن هذه الحكومة ينبغي أن تتشكل في وقت وجيز لا يتجاوز هذا الأسبوع».
ورداً على سؤال حول احتمال ترشيح «النهضة» للجبالي مجدداً، لفت الغنوشي إلى أن هذا «الموضوع للمدارسة ونحن في حديث مع الأخ حمادي الجبالي».
وبموازاة كلام الغنوشي، الذي حاول طمأنة التونسيين إلى مشاركة الأحزاب العلمانية والإسلامية في السلطة، خرجت تصريحات من داخل «النهضة»، أكدت أن «المطلوب موافقة الجبالي ليتم تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، وفي حال رفض هناك العديد من المرشحين... الحركة تعج بالأسماء»، بحسب القيادي المحسوب على الجناح المتشدد في الحركة صحبي عتيق.
وفي وقت تشغل مسألة تحييد المناصب السيادي حيّزاً كبيراً من النقاش الحكومي، يبدو أن «النهضة» مصرة على التمسك بوزارة الداخلية، التي يتولاها القيادي في الحركة علي العريض، وإن أبدت استعدادها للتخلي عن وزارتي العدل والخارجية.
وتقول أحزاب معارضة إن الحركة «اخترقت» وزارة الداخلية عبر تعيين موالين لها في مناصب قيادية بالوزارة. يُذكر أن وزارة الداخلية اتُهمت مؤخراً بتدبير عملية اغتيال شكري بلعيد بتعليمات من «النهضة»، لكن الحركة والوزارة نفتا هذه الاتهامات بشدة.
وفي سياق متصل، قال مسؤول في «النهضة» إن محافظ البنك المركزي ووزير الدفاع سيحتفظان بمنصبيهما في أي حكومة جديدة.
أما الأحزاب المعارضة التي التقت المرزوقي للتشاور اليوم بدورها، فقد كان لها مواقف مختلفة، تركزت بشكل أساسي على تحييد الوزارات السيادية.
وقالت الأمينة العامة للحزب «الجمهوري» ميّة الجريبي إن «تونس بحاجة الى حكومة في اسرع وقت، وبأوسع توافق ممكن»، مشددة على ضرورة ان تكون الحكومة «محدودة العدد» وتضم «كفاءات متحزبة وغير متحزبة». وشددت الجريبي كذلك على ضرورة أن تكون الوزارات السيادية في الحكومة «محايدة». كما طالب سمير بالطيب، من حزب «المسار» العلماني بأن يكون وزير الداخلية مستقلاً.
يُذكر أن الفصل 15 من التنظيم المؤقت للسلطة ينص على أنه «عند حصول شغور في منصب رئيس الحكومة يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في المجلس التأسيسي بتشكيل الحكومة، في أجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ تكليفه بتشكيلها». وتملك «النهضة» أكبر عدد من مقاعد المجلس التأسيسي (89 من إجمالي 217).

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...