جدل بيزنطي

18-10-2008

جدل بيزنطي

الجمل- أسعد الجبوري:  الحكمةُ على ظهر مدفعٍ،وتسوق في العقل كبار نسل البارود.ليس من نومٍ على باب الرأس.والكأس لم تذبل بعد.هناك الكثيرُ من الأرض على امتداد مساحات الأمراض .ولم نزل فاكهة خوفٍ من نسل الرمل.نجلسُ في العراء،ومعنا البومُ التاريخي، ينعقُ أناشيد الهجرة والجمال والفراغات التي يتركها النسيانُ على طاولة النفس.سوف أتذكر العشبَ الأسودَ  ،عندما يزحفُ على زجاج مرآة تتكدسُ على تلالها الظنونُ والعاملون في فنون كاراتيه الحبّ المرّ. 

العاصفةُ على باب يناير بهيمةٌ
تئنُ  وتفيضُ.
وأبوابي في جسدي مغمورة بحقبِ
بردٍ وباحتكارات أرقٍ وبحقائبَ أم كلثوم.
والخوفُ هو الآخر ..
عربتي تتقدمُ  في الدم سريعاً للترويج
عن بضائعَ يمكن أن تكون  تالفة من قلة الحطب
في لوحات التاريخ.
تلك اللحظات ليست زمناً.
كانت صخوراً
تتصادمُ متخبطةً بجدران لحوم قباطنةٍ من مساءٍ
بيروتي.
حيث كنا نستحضرُ الأرواحَ الشريرةَ 
على  جبال كاراكاس. 
ونتدلى على وجوهنا عشباً مريضاً من نوافذ
الشتاء.
سأخطو خطوةً هنا أو هناك..
الأرضُ ضائعةٌ. .
السموات هي الأخرى بئرٌ دون قاع..
فأين نستعملُ أقدامنا.


2
لم يكن من قمر في السموات.
هناك موزةٌ رمت ثوبها بعيداً
وأعطت للمصور حقوق التأليف في الوحشة.
وفي بقايا أصيص ذهني من الصخر الطافح
تحت الثياب.
وووووالليلُ ترابٌ أسودٌ في الأعماق.
كان.
وووووالشوارعُ سلاحفٌ مريضةٌ تبللها الذكرياتُ
بنعاس الرمال.
ووووبيروتُ صعاليكُ ورقيون يُعدون الموائدَ
للشياطين على صفحات الأرصفة.
والهواءُ الأصفرُ  يملأ جيوب سراويلهم.
كؤوسٌ راديوات ..
يتراكمُ حطامها دبقاً في فوهات مداخن الأجساد.
والسلاجقة يمرون في الرؤوس تحت الأقواس
المكسورة.
يتبعهم بلاشفة كتبٍ بنصف عضلات.
وبوذيون بملابس جندرمة  تقودهم كلابٌ
سلوقيةٌ في مضيق أول الأرض .
كنا نرى المراكبَ في بُرك ،
تضرب بها مجاديفٌ لطوائف وأسلحة
ونسائيات قيد الصيد.
الموسيقى بخارٌ يتقطعُ.
ولم تكن لنا أقدام لنمتطي بحراً. دراجةً. صحراءً
أو دفتراً مغمض العينين برماد آبار النفوس
التي أقعدتها النيرانُ على قارعة الكأس.
طاولة .
طاولتان.
ثلاث...
وكرسيّ القمارِ من شجرة تفاحٍ بعيدة.
ليس من ظلال لفردوسٍ هناك..
الخيولُ  نصوصٌ متأججةٌ بالأوبرا السرّية.
ونحن وآدم  جالسين كما صناديق البريد،
ممتلئين بالرسائل وبالطرود وبقصص عشاقٍ
تبددت عظامُ قلوبهم في أعلى مراتب
الضباع.
الحانةُ حافةٌ.
تقولُ مربيةُ البعل.
الحانةُ حافلةٌ على طريق جبلي .
واللقالقُ بنظارات سوداء
تجوبُ خرائبَ المخ للذهاب في رضاعة الويسكي  .
ثم والليلُ ..
ثم وعبد الحليم حافظ يسقطُ على السادة
الخالية ولا ينام .
ثمة والنسوانُ والهلاكُ .
ثم والسرير كفمٍ أحمر يتلاطمُ بمراهقة
الجبال.

3
كم سأتذكر الآن..
إن الليلَ عبدٌ ضال في كامل
الزنوجة.
وإن الأصابعَ أغصانٌ مغموسةٌ في الكتابة..
ومرميةٌ على طاولة فقدت مخيلتها في الذات .
كم سأحلم إن ما بين النفس وصخرة الروشة
بيانو أحمر ينتظر .
لعل البكاء يأتي بشوفيره  من بواطن الغروب،
ونبلغُ تلال موسيقى سبق وإن حنطها فلاسفةُ
السيمفونيات داخل أجسادنا طويلاً .
الشتاءُ الأعمى.
سأتذكرهُ سمكةً ملبدةً بالجليد .
ونحن في الكؤوسِ كؤوسٌ تُلوّحُ لكؤوس
بمناديلَ  محمومةٍ ببخار كؤوس.
ويسكي وفودكا وعرق ونبيذ لاتيني.
جزرٌ ولوبيا وورق عنب ولسان ثور تروتسكي.
مجدرة حمرا وفجل وتبولة وسمك مدخنٌ
براجمات تاريخ ليس بالبعيد .
ليلٌ يفيضُ بسفن.
وليليون يسبحون غرقاً في الزلازل.
وثمة أوبرا تمسحُ بأنفاسها على رؤوسٍ
قيد الخراب.

4
كان التبغُ طاحونةً.
والشهواتُ النائمة أفرانُ غازٍ على طريق
اللغات الميتة..
أحواضُ الكلام.. هناك.
تتسربُ منها الحشراتُ والبنادقُ وعقاربُ
ساعات حزبيةٍ مرمية سلسلة إبلٍ  في صحراء.
ووجهاً لوجه..
مياه المعاني تجفُ.

5
جدلٌ بيزنطي
لعرّاب مغسلةِ الأجساد (شبيب الأمين) .
وكثيرٌ من الخمر يُشعلُ الكهرباءَ في اللاهوت
وفي الأدلجة وفي فنادق الحداثة الطالعة على قوائم
البارود السرّي.
عشبٌ أصفرٌ يتدلى على الوجوه.
ذلك فضول الطبيعة وهي تصنعُ كرسيّها
ولا تجلسُ في مكان.
6
جدلٌ بيزنطي
عن خط سير المدافع في بحيرات الكتب.
عن القطار الصوفي
و..إلى أين عنادلُ بيروت ساهرة
في الظلام المتورم.
7
جدلٌ بيزنطي لقنابل افتراضية،
وهي تسّاقط على الطاولات
وما من درع صاروخي ينقذُ من مذلة
التعفن بالسكوت.
8
النساء قنابلٌ ثاملات بالطرنيب
إلى الطاولات.
وأخريات يستخرجن زيت اللذة الخامل
من قناديلهنّ الباردة.
لا خاسرَ في التيه.
الحبّ لوحُ زجاج مُهشم في فاترينة
الوجه.
والمقامرون أطباءُ معرفة..
ينتشلون الأرواحَ من قيعان الموت،
ويؤسسون قراءةً جديدةً للشروخ.

9
جدلٌ بيزنطي عن أزياء بيروت..
عن الهائمين بخياطة ملابس تذكارية
للحرية المعدلة وراثياً ..
عن النائمين في المطار مع الشنط وأكياس الزعتر
وعلب المكدوس وضفادع اللغة وعرق زحلة .

10
جدلٌ بيزنطي عن هياكل الربيع العظمية
بعدما اكتمل نموها في العيون
وصارت من لقي الأنثروبولوجيا.
وكنت أراني مرتفعاً على كرسي بافاروتي.
وعالياً
عالياً
عالياً
حتى أن تفتحَ تماسيحُ السموات أفواهها
فتسحق كأسنا الذي نجتمعُ في قعره .

11

جدلٌ بيزنطي في مقبرة الحزب
في ساعة الجدار..
وأفضلية المرور للسكران مع حيواناته الضاحكة
بأمراض الشمس والتفكيكية وبأجراس
السكس بيكس.


12
جدلٌ بيزنطي..
السناجبُ والأحلام حقيبة واحدة
في المترو السياسي.
الديناميت و الجماجم وجهان لدولار
يرّنُ في جهنم .
والرغبةُ سمكرةٌ لمعركةٍ بين  النيران.
ما طعم الثمالة عندما تذهب في اتجاه
وأذهب في آخر.
ستسألُ.
أين تذهب بعد أن يصبح النوم
خيطاً يُعلقُ عليه السكارى جلودهم .
ستسألُ أيضاً
قبيل أن تخطف العاصفةُ قبعتك من على مشجب
التاريخ.

 

 

13
جدلٌ بيزنطي..
أبن الليل يمرُ.
في الكؤوس تظهرُ المتاريس التي كانت مضطجعةً
في الثلاجات.
قال آخر:
للدمع صحونٌ ..
ستتقافزُ  الضفادعُ على سطوحها .


14
جدل بيزنطي
الخمرُ بثياب الجيش.
وبيروتُ لحيةٌ مَكسورّةٌ في كأس.


15
سأرى كيف يمكن التقدم خطوةً
نحو البحر.
أنا الصلصالُ في نفسي
ولن أغرق إلا في الشمس.
سيقول بيزنطيني ذلك.
وسيهتفُ آخرٌ من على ظهر البواخر العالقة
في الهواء قائلاً:
سأصفُ الزهورَ وكيف ترتجفُ من ثقل
شيخوخة اللغة .
ولن يتمادى القلبُ بالعنب الخائن .
في الغد البلادُ تتبللُ وتجفُ .
وسيَسكرُ الأعدقاءُ بالشامبو الأحمر.
16
الباكي على حبّ
دمعهُ كرزٌ.
17
آخر البزاطنة 
يخرج رجلّيه من أضابير الويسكي
متطلعاً لمتاهته في نساء .
ومقترحاً شمساً يدوية للمشي  تحتها مع التبغ
والسمك وشطائر الزبد بالقصائد والعجول.
مُغادَرٌ آخرٌ
يشهدُ سينمائية اغترابية لحواسّ شبيهة
بأراملَ فارغة في نهاية الجدل.

18

يا للهول
الهاربُ من نفسهِ
عدّاءٌ تملأ المساميرُ  ركبتيهِ.


بيروت /الصنايع

كانون ثاني 2008


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...