جدل حول إباحة الجنس الشرعي بالسجون المصرية بعد انتشار الشذوذ
فجر نقيب الأطباء المصريين ورئيس اللجنة الصحية بمجلس الشعب الجدل من جديد حول السماح بممارسة الخلوة الشرعية داخل السجون باعتباره وقاية صحية ونفسية وجنسية للسجناء وتفعيلا للطب الوقائي لمواجهة الأمراض التي باتت تهدد آلاف المساجين وأبرزها الإيدز بسبب انتشار المماراسات الجنسية الشاذة بينهم.
وفي حين أشار في ندوة عقدتها نقابة الأطباء عن "الرعاية الصحية في السجون. الواقع والمأمول" السبت 7-7-2007 إلى انتشار أمراض خطيرة بين السجناء مثل الأيدز بسبب الحرمان من العلاقات الجنسية المشروعة، تحفظت د. سعاد ابراهيم صالح استاذ ورئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر، على منح هذه الحقوق الخاصة جدا أثناء فترة السجن لأنها تعطي الفرصة لكشف العورات، وطالبت بها د. هبة قطب استاذة الطب الجنسي والشرعي بجامعة القاهرة، موضحة أن الممارسات الشاذة للسجينات تؤدي أيضا إلى انتشار الايدز بينهن حيث يمكن انتقاله عن طريق الأصابع.
إلا أن منتصر الزيات محامي الجماعات الاسلامية ورئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين أكد أن الخلوة داخل السجون متاحة للبعض من السجناء السياسيين (معتقلو الجماعات الإسلامية) بدون تقنين وانما تبعا لرؤية الجهات المختصة، مشيرا إلى أن الشيخ عمر عبدالرحمن (الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية المصرية) والمسجون حاليا في الولايات المتحدة، تزوج ودخل بزوجته أثناء حبسه في مصر، وأنجب منها.
وقالت د.هبة قطب: انتشار الشذوذ في السجون أمر معروف وليس جديدا، لكنه أقل بين السجينات عنه بين السجناء، لأن الاحتياج الذكوري للجنس أعلى ما بين عشرة وعشرين ضعفا عن الاحتياج النسائي. وبسبب تدني سقف المستوى الأخلاقي والديني بين بعض المساجين، تحدث الممارسات الشاذة كثيرا جدا خصوصا مع الزحام في العنابر وما يتيحه من التلامس بينهم، وأحيانا يدخل الانسان إلى السجن سليما ويخرج منه شاذا جنسيا.
وأضافت: تحدث في سجون النساء أيضا تلك الممارسات الجنسية الشاذة بشكل أقل، لأن الاحتياج عند المرأة هو عاطفي في المقام الأول، لكن ما يحدث أحيانا ان بعض السجينات يقمن باثارة بعضهن البعض، أي تشجع الواحدة الأخرى على القيام بهذه الممارسة معها.
وأكدت د. هبة قطب على احتمالات انتشار الايدز داخل سجون النساء بفعل هذا الشذوذ الجنسي رغم أنه لا يوجد اتصال جنسي مباشر، لأن الفيروس يتواجد داخل الغشاء المخاطي للقنوات التناسلية ويمكن انتقاله بواسطة الأصابع.
وتؤيد تقنين نظام يسمح بالخلوة بشرط تطبيق الشروط الشرعية التي تحفظ خصوصية الأزواج وتبعد عنهم أي مراقبة، وهنا يصبح ذلك مفيدا جدا ويمنع الانحرافات الأخلاقية والشذوذ.
أما د.سعاد ابراهيم صالح استاذ ورئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر فتقول: أنا لا أوافق على الخلوة الشرعية في السجون فالمفروض أن العقوبة لها فلسفة تقوم على الردع والزجر، فإذا حققت مثل هذه الممارسات المتضمنة المتعة والامتاع، فانا لا اعطي العقوبة فلسفتها المفروضة، لكن هناك أراء أخرى كثيرة لا توافق على هذا الرأي وحجتها أن العقوبة لا يجب أن تلحق بزوج السجين، وان اتاحة العلاقة الشرعية صيانة له من السقوط في الشذوذ.
وتضيف: لا يوجد أصل في الشريعة الاسلامية يعطي الحق للسجناء لممارسة علاقاتهم الزوجية داخل السجن، ولكن الأمر منضبط بانسانية الانسان، وأن العلاقة الجنسية الشرعية حق انساني مثل الطعام والشراب. إلا أن د.سعاد صالح تتحفظ على ذلك بقولها إن هذه العلاقة لها قدسيتها. وممارستها داخل السجون في ظل ظروفها الحالية داخل بلاد اسلامية كثيرة، لا تمنع عنها هذه القدسية، وتعطي الفرصة لكشف العورات والأسرار وغير ذلك، ومن ثم فانني لا أؤيد منح هذه الخلوة.
وكان منتصر الزيات محامي الجماعات الاسلامية ومقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين المصرية، قد رفع قضيتين قبل أكثر من ثلاث سنوات أمام محكمة القضاء الاداري نيابة عن اثنتين من زوجات السجناء السياسيين يطالبان بحقهما في تخصيص وقت لهما لممارسة العلاقة الزوجية مع زوجيهما.
وقال الزيات لـ"العربية.نت": لم يصدر حكم حتى الآن، رغم حصولنا على فتوى مؤيدة من الأزهر ومن المفوضين، ومع ذلك توجد حالات خلوة كثيرة في السجون ومن فترة طويلة، وتمارس على أرض الواقع حاليا لبعض السجناء السياسيين.
وأضاف أن "أعضاء في الجماعات الاسلامية المعتقلين يمارسون الخلوة الشرعية مع زوجاتهم، لكن الأمر غير مقنن، ويعتمد على موافقة الجهات الأمنية، والتي تمنعها عندما تحدث مشاكل أو أزمات".
واستطرد "في الغالب كان الأمن يمنح حق الخلوة لسجناء الجماعات الاسلامية، فعندما كنت داخل السجن حصلت خلوات وزيجات كثيرة، حتى أن الشيخ د.عمر عبدالرحمن (الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية) تزوج داخل السجن عام 1983 من (أم عمار) شقيقة القيادي في الجماعة محمود شعيب، وعملنا له حفل زفاف داخل عنبر مستشفى السجن وكذلك صنعنا له خباء (مكان ساتر) داخل العنبر ليدخل بزوجته، ورزق وهو داخل السجن بابنه عمار".
وقال منتصر الزيات: "طوال سنوات اعتقال أعضاء الجماعات الاسلامية كانت الخلوة الشرعية متاحة لهم بزوجاتهم بعد انتهاء التحقيقات في السجون إلى أن حدث هروب القيادي عصام القمري، فبدأ التشديد على هذه الخلوات ثم منعت، وعادت مرة ثانية بعد مبادرة الجماعة الاسلامية بوقف العنف 1997.
وبسبب عدم توافر اماكن للخلوة داخل السجون، فانها –حسب الزيات– كانت تمارس بشكل لا آدمي في بعض الحالات داخل غرفة الزيارة، حيث يصنع للسجين وزوجته خباء من الملايات (القماش) كساتر لهما، وبعد ذلك نقلت الخلوة إلى عنبر مستشفى السجن، حيث توجد غرف مغلقة يمكن أن يدخلها الزوجان دون أن يشعرا بالحرج الذي يجدانه في خباءات غرفة الزيارة داخل السجن.
وطالب د. حمدي السيد طالب في الندوة، حسب ما نشرته "المصري اليوم" الأحد بضرورة السماح بممارسة العلاقة الزوجية للمسجونين داخل السجون، قائلا: نحن لا نتحدث عن أمور سياسية أو نناقش أسباب الاعتقال، لكننا أمام قضية إنسانية، ونخدم إخواننا في الإنسانية خلف الأسوار، ونقابة الأطباء علي استعداد للمساهمة في تقديم المتخصصين وزيارة المسجونين والتطوع لعلاجهم.
وكان مفتي مصر السابق د.نصر فريد واصل قد أصدر فتوى أثناء توليه منصبه جاء فيها أن "القيام بالعلاقة الزوجية حق لاينبغي أن يحرم منه المسجونون، وأن حرمان المسجون من تحقيق الخلوة الشرعية بزوجته بمثابة عقاب للزوجة التي لم تقترف خطأ يدخلها السجن ومع ذلك تحرم من حقها الشرعي في العلاقة الطبيعية مع زوجها".
فراج اسماعيل
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد