حرب الشرق الأوسط القادمة في منظور خبراء الحرب الإسرائيليين
الجمل: كتب الجنرال إيتان بن إلياهو، قائد الجيش الإسرائيلي سابقاً، في صحيفة ايديعوت احرونوت قائلاً بأن (الخبرة السابقة يمكن أن تعلمنا حول طبيعة المواجهات القادمة)، وعلى موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الالكتروني سبق أن كتب خبير اللوبي الإسرائيلي ديفيد ماكوفيسكي تحليلاً نشرته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية حمل عنوان (حرب الشرق الأوسط القادمة).
· السيناتور الإسرائيلي.. معادلة السياسي والعسكري:
علمتنا خبرة تحليل الأداء السلوكي الإسرائيلي على ارتباط السياسي بالعسكري، وارتباط العسكري بالسياسي، وذلك على النحو الذي يصعب فيه الفصل بين الاثنين، وهو أمر يرجع بشكل أساسي إلى الطبيعة (الاسبرطية) الخالصة للكيان الإسرائيلي.
وبكلمات أخرى: يعمل اللوبي الإسرائيلي في خدمة إسرائيل، في نفس الوقت الذي تعمل فيه إسرائيل في خدمة اللوبي الإسرائيلي.. وحالياً نجد أن رفض وتردد حكومة أولمرت الإسرائيلية إزاء الدخول في مفاوضات السلام مع سورية يرجع بقدر كبير إلى رفض اللوبي الإٍسرائيلي لذلك، وفي الوقت نفسه نجد أن مطالب إسرائيل العسكرية والاقتصادية يعمل اللوبي الإسرائيلي باذلاً كل ما في وسعه لتلبيتها والاستجابة لها.
· تحليل ديفيد ماكوفيسكي.. حرب الشرق الأوسط القادمة:
ويربط ديفيد ماكوفيسكي بين (ذرائع) حرب الشرق الأوسط القادمة، وبنود قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 1559 (2004)، ورقم 1680 (2006)، ورقم 1701 (2006)، ومدى تحقيق الالتزام بهذه القرارات، وتنفيذها على أرض الواقع.
ويضيف ديفيد ماكوفيسكي إلى هذه الذرائع:
- تعاون سورية مع حزب الله من أجل تقويض الحكومة اللبنانية.
- الدور الروسي في تحويل التعبئة العسكرية من الطبيعة الدفاعية إلى الطبيعة الهجومية.
- دور حماس في إفشال التفاهم بين أولمرت، كوندوليزا رايس، ومحمود عباس.
وقد خلص ديفيد ماكوفيسكي إلى أن العوامل السابقة سوف تؤدي إلى القضاء على احتمالات ظهور أفق في الحل السياسي، ومن ثم لا يكون هناك سوى اللجوء للحرب من أجل تغيير التوازنات والتي سوف تكون حرباً بالضرورة تترتب عليها المزيد من النتائج الجديدة والتي سوف تؤدي إلى خلق أفق جديد أمام إسرائيل للحل السياسي وإنجاز التسوية.
· تحليل إيتان بن الياهو:
يقول الجنرال إيتان بأن موجة التحذيرات المتعلقة باحتمالات وإمكانات اندلاع الحرب في صيف 2007م قد مرت من حولنا، وبينما تصل التوترات الظرفية إلى أعلى مستوياتها، فمن الهام أن نطرح السؤال الآتي: كيف استعدت إسرائيل لإمكانية تغيير الاتجاه، والتصعيد نحو حرب غير منظورة؟
ويقول الجنرال الإسرائيلي ايتان بن الياهو: بافتراض أن تقديراتنا كانت خاطئة، وبأنه لم تندلع في نهاية الأمر الحرب، فإنه بجانب ذلك نجد السؤال المتعلق بسيناريو الحرب الفعلي، والذي يجب أن نركز عليه وعلى مدى الفترة الزمنية التي سوف يستغرقها. وهذا ينبع من التحدي الحقيقي الذي يواجهه مجلس الوزراء الإسرائيلي: كيف نرد بالقدر الكافي عندما تبدأ (رمال الساعة الزجاجية) في التدفق؟
تقرير فينوغراد تولى القيام بخطة مماثلة، تقرير مبدئي اهتم بالعملية التي قادت إلى اندلاع المعارك، والتقرير النهائي هو الذي سوف يركز بشكل أولي على إدارة الحرب.
أحياناً، من اللحظة التي تصبح فيها العلامات الأولى لاندلاع الحرب ظاهرة، تكون العديد من الأسابيع، وربما الشهور قد مرت. وفي مثل هذه الأحوال يتوجب على مجلس الوزراء والمؤسسة الدفاعية أن تقوم بالتحضيرات والاستعدادات اللازمة الضرورية. وذلك لأن السياق الزمني بين ظهور معالم الحرب، والاندلاع الفعلي للحرب، عندما يكون سباقاً قصيراً، فإنه سوف لن يكون متاحاً للعسكريين الوقت الكافي للقيام بالتحضيرات والاستعدادات العسكرية وعلميات صنع واتخاذ القرار.
للتو، بعد انتهاء حرب لبنان الثانية، فقد كان في تقدير كل شخص، بأن جولة الحرب التالية سوف تكون متوقعة الحدوث في هذا الصيف –ليس بإمكاننا أو في وسعنا أن نعرف على أي أساس قام هذا الافتراض- وعلى الأرجح أن يكون قد تم اشتقاقه وأخذه من الاستنتاج بأن دورنا في حرب لبنان الثانية لم يكن دولاً مكتملاً، أو أن حسن نصر الله سوف يسعى من أجل الاستفادة من مزايا النجاح الذي حققه عن طريق شن جولة أخرى لاحقاً وبسرعة.
وتحت عنوان (الزمن لازم للتحضير من أجل «جولة أخرى»، كتب الجنرال ايتان بن الياهو، مكملاً تحليله السابق:
من حيث الأسلوب، فإن كل طرف له وقت وزمن محدد لكي (يعوض ويتعافى) بعد كل (جولة)، وبعد توقف إطلاق النار، فإن المشهد السياسي قد تمت إعادة تقويته، وأصبح كل طرف يقوم باشتقاق استنتاجاته، ويمضي قدماً من أجل وضعها موضع التنفيذ، ويركز كل طرف على إعادة تعمير وإعادة بناء قدراته وقواته، وينعش مخزوناته، ويقوم بتجنيد وتعبئة الموارد البشرية، وفي نهاية الأمر يقوم أيضاً بتحقيق استقرار موقفه السياسي الداخلي وشؤونه السياسية الخارجية.
وبكلمات أخرى فإنه إذا لم يحدث تغيير غير متوقع في الاتجاه، فإن الزمن يكون ضرورياً وهاماً من أجل التحضير والاستعداد لـ(الجولة التالية)، واستناداً إلى الخبرة الماضية، فإن السباق الزمني يمكن القيام بتقديره.
إن حروب إسرائيل، انتهاء بالحرب اللبنانية الأولى، قد اندلعت بمعدل 10 سنوات لكل حرب. وكانت هذه الحروب واسعة النطاق والشدة، وكانت جميعها تتضمن استخداماً للجيوش المتأهبة التي تقودها الحكومات والشعوب. وكان السباق الزمني من لحظة ظهور المعالم الأولى للحرب وحتى لحظة اندلاعها الفعلية، سباقاً طويلاً نسبياً، وكان في بعض الأحيان يمتد لبضعة أسابيع، وفي بعض الأحيان لشهور.
من الناحية الأخرى، الحرب (المنخفضة الشدة) التي اشتملت على عمليات في لبنان (عملية الحساب، وعناقيد الغضب..)، الانتفاضات، وحرب لبنان الثانية، كانت محدودة النطاق والمدى، وكانت بقيادة المنظمات الإرهابية ومنظمات حرب العصابات، والحروب من هذا النوع والطبيعة، تندلع مرة واحدة كل خمس سنوات في المعدل، والملاحظات والدلائل الأولية المشيرة إلى معالمها مقدماً، تبدأ قبل فترة قصيرة قد تكون بضعة أيام أو ربما بضعة ساعات.
وبناء على هذا المقياس، والذي لن يكون الوحيد المستخدم في تقييم احتمالات اندلاع الحرب، فالجولة الثانية إذا اندلعت، فإنها سوف تكون فقط متوقعة بعد عامين من الآن، ولكن برغم ذلك فمن الممكن أن تحدث، وعندها يمكن أن نفترض بأن التصعيد الذي أدى إلى الوقوع الفعلي للحرب قد كان تصعيداً مضطرداً..
إذا كان هذا هو الموقف الفعلي، إلى حين وقوع الجولة الثانية (إذا السماء منعت اندلاعها)، فسوف يكون لنا وقت كاف لكي تقوم بإعادة إصلاح وبناء جيش الدفاع الإسرائيلي.
ويخلص الجنرال ايتان بن الياهو إلى ضرورة إعطاء الأولوية إلى إعادة بناء وتجهيز الجيش الإسرائيلي، وعدم الذهاب بعيداً والتخلي عن تجهيز وبناء الجيش الإسرائيلي لصالح بعض القضايا الوطنية الأخرى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد