حكاية أول مسجد أقيم في بريطانيا عام 1886
بعد عشرات السنين من الإهمال، يسعى بعض المسلمين في بريطانيا إلى إحياء مسجد يعتبر الأقدم في البلاد.
فمع احتفاء مدينة ليفربول بكونها العاصمة الثقافية لبريطانيا عام 2008 سلطت بلديتها الضوء على مبنى متهالك لمسجد أقيمت فيه الصلاة أول مرة عام 1886.
المسجد هو مسجد عبد الله كويليام المكان، 8 شارع بروم تيراس في المدينة، الذي تقوم البلدية حاليا بترميمه.
وكانت مؤسسة خيرية تطلق على نفسها اسم "جمعية عبد الله كويليام" قد أطلقت قبل سنوات حملة لجمع التبرعات من المسلمين في بريطانيا وفي أرجاء العالم الإسلامي لترميم المسجد.
ومنحت بلدية ليفربول دعمها للجمعية التي تريد أن تعيد المسجد لسابق عهده فيحتل المكانة التي ترى أنه يستحقها في التاريخ البريطاني والإسلامي.
ويرى مجلس بلدية ليفربول في المسجد معلما مهما لا في المدينة وحدها، وإنما في بريطانيا، وربما في أوروبا بأسرها.
وبرز مع هذه الحملة اسم الشيخ البريطاني "عبد الله كويليام أو "ويليام كويليام" مجدداً بعد طول نسيان، كويليام الذي ينسب إليه تأسيس هذا المسجد في القرن التاسع عشر، واعتناق عشرات البريطانيين للإسلام.
في هذا المكان قبل ما يجاوز 120 سنة خطا الشيخ عبد الله كويليام - أو ويليام هنري كويليام كما كان اسمه قبل اعتناقه الدين الإسلامي ـ قاعة هذا المبنى ليلة عيد الميلاد عام 1886 ليفتتح ما صار فيما بعد أقدم مسجد يؤرّخ لوجوده في بريطانيا، ويؤسس لتراث بهتت آثاره بفعل الزمن وتراكم الأحداث.
كانت الصلوات تقام في هذه القاعة بينما استخدم الشيخ عبد الله الغرفة المجاورة لتعليم الأطفال على أنغام البيانو أهازيج عن دين الإسلام الذي اعتنقه، في زمن لم تعرف فيه بريطانيا كثيرا عن الإسلام والمسلمين.
بيع المبنى للبلدية عام 1889، وتراكمت السنوات على واجهته، كما تراكمت الأتربة في داخله.
ولد ويليام هنري كويليام عام 1856 لأب ثري يعمل بصناعة الساعات، وكان مولعا بالعلم والثقافة وتخرج محاميا من المعهد العالي بليفربول.
أرهق عمل كويليام كمحام أعصابه، ونُصح بالسفر للاستشفاء في إسبانيا أو فرنسا، التي سافر إلى جنوبها يتلمس الراحة.
ثم قرر عبورالبحر الأبيض المتوسط نحو جنوبه فوصل المغرب، وهناك بدأ عشقه للإسلام وتراثه.
وفي سن الحادية والثلاثين، اعتنق ويليام الإسلام، وأطلق على نفسه اسم عبد الله، ليبدأ بعد ذلك مشوارا طويلا من الفخر والاعتزاز بدينه الجديد، ونشر الدعوة في بريطانيا، بلاده.
ذاع صيت كويليام في بريطانيا وتحول مسجده إلى قبلة للمسلمين والدارسين فيها، ليمتد تأثيره فيما بعد نحو جنبات الإمبراطورية البريطانية.
تحكي باتريشيا حفيدة كويليام عن جدها فتنقل لك صورة الإنسان الطيب الرحيم، المحامي والشيخ ورب العائلة.
تنقل أيضا صورة الرجل الذي أحب القطط الصغيرة، والموسيقى والأشعار والأطفال من مختلف الأديان والمشارب والأصول، وليس أطفاله فحسب أو من بعدهم بسنوات أحفاده.
تحكي باتريشيا ـ في منزلها في إيست ساسكس جنوب بريطانيا ـ عن شوقها لجدها وعن تلهفها في طفولتها لقضاء العطلة في منزله بليفربول، وحنينها لتلك الأيام وهي التي تجاوزت التسعين عاما.
سنواتها التسعون التي لم تسمح لي بالتقاط صورة لها، بسبب ما خلفته هذه السنون من آلام في عينيها.
رشا قنديل
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد