حي المخدرات بحلب يستعصي على العلاج
قصة العلاقة التي تربط حي السكري الشعبي بحلب لا تنتهي مع القبض على «مروّجين ومتعاطين» ولا مع شنّ «حملة دهم»، وتتجاوز ذلك إلى واقع بائس، تضفي عناصره جواً من الودّ مع الحبوب المخدرة التي تحلق بالشبيبة في عوالم خاصة لا تفيد معها الوسائل التقليدية المتبعة في التعاطي مع مثل هذا الملف.
ونظراً لارتفاع نسبة تعاطي الحبوب المخدرة في الحي الذي يعدّ مثالاً للأحياء الشعبية التي تضم خليطاً غير متجانس من ذوي الدخل المحدود الذين يدخل معظمهم تحت خط الفقر تحت أي تصنيف، فإنه يجب النظر بتمعن وروية إلى هذا الظرف قبل اتخاذ جملة إجراءات عقابية قد تشكل رادعاً إلى حين الإفراج عن المحتجزين فقط.
وترتفع نسبة المشاجرات في حي السكري ومنها ما هو ناتج عن فعل المخدرات في عقول المتعاطين ونفوسهم ولكن يلاحظ ميل هؤلاء إلى إلحاق الأذى بأنفسهم لإبراز مقدرتهم على العراك أمام غيرهم بعيداً عن الاشتباكات التي إن وقعت، تحول المتعاطون إلى وحوش كاسرة لا تشعر بالألم بسبب التأثير المسكّن للبروكسيمول الذي هو أساس المشكلة إذا لم يشارك مع مثبطات للجملة العصبية مثل البالتان الذي يخفف الزورانية لدى المتعاطي والتي يشعر من خلالها بأن مَنْ حوله يكنون له العداء ويضمرون له الشر، كما يقول أحد أطباء الحي لـ «الوطن». وتكثر حالات الإسعاف الناتجة عن المشاجرات الناتجة عن فعل المخدرات ويسهل تمييزها وتصنيفها من الأطباء والتي عادة ما تترافق بجروح سطحية وسحوج نتيجة للتهديد بافتعال مشكلة أو مد ذيولها لتودي بضحايا. ويحرص الأطباء على عدم وصف مسكنات مخدرة في وصفتهم الطبية «إلا أن بيعها في بعض الصيدليات دون وصفة طبية من دخلاء على مهنة الصيدلة أو بسبب التهديد الذي يمارسه المتعاطون على الصيادلة جعل من الصيدليات متجراً لتوفير الحبوب المخدرة مهما اشتدت عمليات الرقابة والضوابط عليها».
وخلّف تشديد الإجراءات على تعاطي الحبوب المخدرة في الحي تساؤلات تمحورت حول آلية التعامل مع الملف في ضوء غياب الدراسات اللازمة وعدم وجود منهج واضح في التعامل ما بعد مرحلة الحملات عدا إقصاء الوعي الاجتماعي الجمعي والظروف الاقتصادية السيئة عن أجندة القائمين على القضية التي تشغل بال المهتمين وتشكل تحدياً كبيراً لهذه المجتمعات الفتية.
ويشتكي مجتمع حي السكري من تزايد أعداد العاطلين عن العمل فيه وخصوصاً بين جيل الشباب الذي عمل معظمهم خارج البلاد لكسب قوته وقوت أهله وعياله وقادته الظروف إلى حيه الفقير لتسد في وجهه سبل الرزق دون أن تلتفت الجهات المعنية أو تستقرئ التداعيات السلبية لمثل هذه الظاهرة.
وبعد أن أدرجت السلطة التنفيذية الأحياء الشعبية المصنفة كأحياء سكن مخالف في لائحة تخديمها للأحياء إلا أنها لم تنل حظاً طيباً أسوة بالأحياء النظامية رغم ارتفاع نسبة الكثافة السكانية إلى خمسة أضعاف ما هي عليه في الأحياء الراقية، وبذلك لم تبذل جهود كافية لتهيئة الأرضية اللازمة لإبعاد شبح المخدرات على الاستيطان في الأحياء الشعبية الفقيرة دون خوف أو خضوع لتعاليم حملات التوعية الغائبة كلياً.
خالد زنكلو
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد