خلافات «كاديما» وعودة صراع الأجنحة: موفاز ضد ليفني
الجمل: تقول المعلومات والتسريبات الواردة من إسرائيل بأن الخلافات عادت للظهور مرة أخرى داخل حزب كاديما، وذلك على خلفية الاستعدادات التي يجريها الحزب لخوض الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المبكرة التي ستجري في شهر شباط القادم.
* كاديما وعودة صراع الأجنحة:
على خلفية فضيحة أولمرت التي أدت إلى تقديمه الاستقالة وإبعاده من زعامة حزب كاديما، أدت انتخابات كاديما الداخلية إلى اندلاع صراع بين جناح تقوده تسيبي ليفني وجناح يقوده الجنرال شاؤول موفاز، وقد نجحت ليفني في الفوز بزعامة كاديما بفارق ضئيل عن منافسها موفاز.
كلّف الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز زعيمة حزب كاديما الجديدة رسمياً بتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة التي ستحل محل حكومة أولمرت المستقيلة، ولكن المفاجأة كانت أكبر حين فشلت ليفني في إقناع حزب شاس بالانضمام إلى الائتلاف، وعندما حاولت استبدال التحالف مع شاس بالتحالف مع ميريتز والأحزاب اليسارية إضافة إلى أعضاء الكنيست العرب، وجدت ليفني نفسها في مواجهة التمرد داخل حزبها كاديما.
برغم أن نتائج انتخابات كاديما الداخلية حسمت الصراع بين ليفني وموفاز فإن التحليلات حول طبيعة ودلالات هذه النتيجة انقسمت إلى جانبين:
• تحليلات متفائلة حاولت التأكيد على أن حزب كاديما سيبقى موحداً خلف زعامة ليفني التي ستصبح رئيسة للوزراء طالما أن زعامة كاديما أصبحت بمثابة المفتاح الرئيس الذي سيفتح المجال واسعاً أمام بناء الائتلاف الحكومي الجديد.
• تحليلات سياسية متشائمة حاولت التأكيد على الشكوك وحالة عدم المصداقية الموجودة ليس في الساحة السياسية الإسرائيلية وإنما في خلفياتها الدينية والطائفية والعرقية والإثنو-ثقافية، وأشارت هذه التحليلات باتجاه احتمالات أن يكون صراع ليفني – موفاز حول الزعامة بداية صراع أكبر يمتد إلى المجالات السياسية الأخرى.
بعد بضعة أيام من انتهاء انتخابات كاديما الداخلية بدا واضحاً أن الشكوك التي أثارتها التحليلات المتشائمة حول مستقبل صعود ليفني هي الأقرب إلى الصحة، فقد بدا واضحاً أن "العنف الكامن" ضمن البنى والهياكل الاجتماعية الإسرائيلية قد بدأ يأخذ شكل "العنف الظاهر" السلوكي والوظيفي:
• بدأت النزعة الليكودية تفعل فعلها في الساحة الإسرائيلية وارتفعت أسهم بنيامين نتينياهو في الشارع الإسرائيلي.
• بدأت المؤسسة الدينية الإسرائيلية تمارس وظيفتها لجهة التأثير في توجهات أعضاء الكنيست وزعماء الصف الثاني في حزب كاديما مما أدى إلى عرقلة جهود ليفني في بناء الائتلاف.
في مواجهة كل هذه العواصف، لجأت ليفني إلى خيار الانتخابات المبكرة وذلك بما يتيح لها حسم الموقف بشكل نهائي.
* جناح الجنرال موفاز مرة أخرى في مواجهة جناح ليفني:
تقول المعلومات الواردة من إسرائيل بأن حزب كاديما سيواجه جولة جديدة من صراع الأجنحة أو بالأحرى، ستتجدد فيه عملية صراع الأجنحة مرة أخرى، والسبب هذه المرة يتمثل في الخلاف بين جناح ليفني وجناح موفاز حول تحديد مرشحي الحزب لخوض الانتخابات البرلمانية ضمن قائمة الحزب الانتخابية الموحدة:
• جناح موفاز يحاول التركيز على اختيار العناصر الموالية للجنرال موفاز وهي العناصر التي يغلب عليها التوجهات الليكودية – المحافظة.
• جناح ليفني يحاول التركيز على اختيار العناصر الموالية لليفني وهي العناصر التي يغلب عليها التوجهات الليكودية – البراغماتية.
ومرة أخرى يمكن القول بأن أزمة صراع الجنرال موفاز مع تسيبي ليفني:
• لا يمكن القول أنها الأولى من نوعها، وذلك لأنها امتداد لصراع الجنرال موفاز مع نتينياهو الذي أدى إلى انشقاق الليكود وتشكيل حزب كاديما.
• لا يمكن القول بأنها ستكون الأخيرة لأنها تحتوي داخلها على كل مخزونات العنف الرمزي الكامن الذي سيلعب دوراً في إذكاء الخلافات وإمدادها بالوقود الذي يضمن استمرارها واشتعالها وإعادة إنتاجها متى ظهرت الظروف المواتية لذلك.
كانت المواجهة كامنة داخل كاديما ولكن علاقة طرفي الصراع بإيهود أولمرت إضافة إلى قدرة أولمرت على السيطرة على الحزب عن طريق شبكات الفساد المالي والإداري، أبطلت مفعول اندلاع الصراع ولكن بعد إبعاد أولمرت ظهرت الخلافات بقوة، ولم تنته بانتهاء انتخابات زعامة كاديما، وإنما تجددت مفاعيلها من خلال قيام الجنرال موفاز وأنصاره بعملية الالتفاف على جهود ليفني بما أدى إلى فشلها في بناء التحالف الحكومي.
الآن، مرة أخرى، ستتجدد المواجهة ضمن نسختها الثالثة أو جولتها الثالثة، فقد كسبت ليفني الجولة الأولى عندما فازت بزعامة الحزب التي خسرها موفاز، ولكن موفاز عاد وكسب الجولة الثانية عندما نجح في إفشال جهود ليفني في بناء التحالف الحاكم، مفسحاً المجال أمام جولة ثالثة من المنافسة وهي الجولة التي ستكون أكثر خطورة على مستقبل تسيبي ليفني السياسي، وربما على مستقبل الساحة السياسية الإسرائيلية:
• إذا صوت أعضاء كاديما لقائمة الجنرال موفاز فإنه سيسيطر على كتلة نواب كاديما في الكنيست القادم.
• إذا صوت أعضاء كاديما لقائمة تسيبي ليفني فإنها ستسيطر على كتلة نواب كاديما في الكنيست القادم.
وبكلمات أخرى، إن تداعيات صراع موفاز – ليفني الحالي سيلقي بتداعياته على توازنات القوى وصراع الكتل داخل الكنيست:
• سيطرة موفاز على كتلة كاديما القادمة ستعزز احتمالات نشوء تحالف الليكود – كاديما.
• سيطرة ليفني على كتلة كاديما القادمة ستعزز احتمالات نشوء تحالف الليكود – العمل.
إضافة لذلك، تجدر الإشارة إلى أن الداء السلوكي – الوظيفي للأحزاب والقوى السياسية الإسرائيلية الصغيرة سيتغير داخل الكنيست وفقاً لتشكيل توازنات القوى الذي ستخلقه الانتخابات البرلمانية:
• سيعمل حزب شاس وحزب إسرائيل بيتنا لجهة التحالف مع الليكود كخيار أول وكاديما تحت قيادة موفاز كخيار ثاني، وسيكون هذان الخياران مرتبطين حصراً بنجاح جناح موفاز في السيطرة على كتلة كاديما البرلمانية داخل الكنيست وحصول الليكود على أكبر عدد من المقاعد.
• سيعمل حزب شاس وحزب إسرائيل بيتنا لجهة التحالف مع كاديما تحت قيادة ليفني، وعندها يحصل كاديما مع العمل على كتلة تفوق كتلة الليكود. وتشير التوقعات إلى أن تحالف شاس – إسرائيل بيتنا المتوقع مع كاديما (جناح ليفني) هو تحالف سيهدف إلى عرقلة توجهات ائتلاف ليفني – باراك من المضي قدماً في:
- ملف عملية السلام مع سوريا مقابل الانسحاب من الجولان.
- ملف عملية السلام مع الفلسطينيين.
- ملف عدم التراجع عن تقويض القدرات النووية الإيرانية.
تشير توازنات القوى داخل الكنيست الحالي إلى الآتي:
• كاديما: 29 مقعداً.
• العمل: 19 مقعداً.
• الليكود: 12 مقعداً.
• شاس: 12 مقعداً.
• إسرائيل بيتنا: 11 مقعداً.
• الاتحاد الوطني – الحزب الوطني الديني: 9 مقاعد.
• جيل (المتقاعدون): 7 مقاعد.
• التوراة المتحدة: 6 مقاعد.
• ميريتز – ياخاد: 5 مقاعد.
• القائمة العربية – تعال: 4 مقاعد.
• بلد: 3 مقاعد.
• حاداش: 3 مقاعد.
إجمالي عدد المقاعد هو 120 مقعداً، وتقول التوقعات بأنه على خلفية استطلاعات الرأي الحالية فإن الليكود وزعيمه نتينياهو سيحصلان على فرصة أكبر بالحصول على مقاعد أكثر داخل الكنيست القادم، ولكن ليس من المعروف حتى الآن شكل التحالف القادم، وفقط سيتوقف شكل السيناريو على النتيجة النهائية لصراع ليفني – موفاز داخل كاديما.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد